الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

د. طارق فهمي يكتب: الإعلام وتوثيق عهد الرئيس السيسي

الرئيس نيوز


لا يحتاج الرئيس السيسي لكلمات ثناء أو إطراء من أصحاب الرأي والفكر في مصر، خاصة وأنه يعمل في صمت وهدوء ولا يريد  سوى الإنجاز والعمل، وتحقيق مكانة كبيرة للدولة المصرية حيث ظل مؤمنا بحرية الكلمة والفكر والتفاعل  مع الجميع، ولم يعرف عن الرئيس أنه لاحق كاتبا أو مفكرا أو مثقفا ولم يدخل مثلما دخل رؤساء مصر السابقين في مواجهات عديدة مع كتاب رأي وفكر حيث كان لكل رئيس كتابه ومفكريه ومثقفيه الذين كانوا يدافعون عن سياساته إيجابا وحيث لم تكن هناك مجالات للنقد أو التحفظ، ولم يكن هيكل سوى نموذج للمثقف الكبير الذي وظف إمكانياته وقدراته وموهبته لبناء اسم كبير في عالم الصحافة والكتابة بعد أن أطلق عليه تلاميذه  لقب الأستاذ والمعلم  ونبي الصحافة، ولم يكن هيكل وحده في المضمار فقد كان أيضا كل من موسى صبري والسباعي وعلي حمدي الجمال وأحمد بهاء الدين وإبراهيم سعده، وعشرات من الكتاب والمفكرين ناهيك عن عشرات من أساتذة الجامعات والذي شكلوا في بعض التوقيتات لوبي مع وضد الرئيسين السادات ومبارك كل وفق ظروف عصره.
ربما يكون ذلك مقدمة للتأكيد أن بعض الحقائق التي  يعيشها الإعلام المكتوب الآن في عصر الرئيس السيسي حيث يكاد يجف نبع المثقفين وكتاب الرأي والفكر والموهوبين لتظهر بوضوح مهنة الكاتب أو الصحفي الموظف الذي يكتب من أجل الكتابة، وبالتالي لم يلمع كتاب كبار بمعنى الكلمة، ولم تعوض مصر خساراتها الفادحة في كبار مثقفيها، بعد أن جف نبع الثقافة وانزوى العشرات من أساتذة الجامعات من مختلف التخصصات على تخصصاتهم،  ولم يعد لهم حضور حقيقي في الساحة الإعلامية والتي تركت لإنصاف الموهبين واشباه المتعلمين ولم يعد سوى بعض الكتاب الذي عادوا من الخارج بعد سنوات من العمل ليكتبوا من منصة المعارضة، ومن خلال تنظير لا وجود له على أرضية الواقع لمجرد أنهم يعارضون أو يكتبون من أعلى رغم مسعاهم للتأكيد أنهم صعدوا بموهبتهم الذاتية، فيما اكتفى الآخرون أصحاب المواهب الحقيقية بالمتابعة،  وهو ما أدى لتبعات سلبية عديدة وكشف عن عدم متابعة لما تشهده الدولة المصرية من تحولات حقيقية وإنجازات كبيرة تحتاج إلى الكتابة عنها بدلا من إطلاق البوستات أو التغريدات قصيرة العمر  في وقت تشهد فيه مصر تحولات حقيقية تحتاج إلى أن يكتب عنها ويشار إليها وأن تحظى بالتناول الإعلامي الحقيقي سواء على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة،  أوعلى الشاشات المختلفة،  ولهذا كان من حق الرئيس السيسي وعصره أن يحظى  بكتابات وتقييمات حقيقية بالنصح والتوجيه تارة وبالتوثيق والمتابعة  الإعلامية تارة أخرى بدلا من اكتفاء المثقفين بالمتابعة على الجروبات المتخصصة والمنتديات المغلقة، وفي ورش العمل الضيقة ليضيع الجهد، ويذهب لشريحة محددة من قطاعات الرأي العام ، والذي يجب أن يكون له الأولوية في التوجيه والفهم والمتابعة،  ومعرفة ما يجري حقيقة من إنجازات تحتاج إلى من يكتب عنها بالفعل.
نعم كان الرئيس جمال عبد الناصر محظوظا بإعلامه كما قال الرئيس السيسي، وهو ما يتطلب ليس تكرار ما كان يجري، ويتابع من حيث الموضوعات والأولويات بعد أن تغيرت الظروف وتعددت وسائل الاتصال، واستحدثت أنماط مختلفة، ولكن من المؤكد أن توثيق إنجازات هذا العهد يحتاج إلى عمل كبير، وجهد خلاق من كتاب رأي وفكر ومثقفين وأساتذة جامعات من مختلف التخصصات، ويمكن للشئون المعنوية  بكل جهدها الرائع والمقدر، ولوزارة الثقافة القيام بدور حقيقي في هذا الإطار بدلا من أن يترك لجهود ذاتية ومحاولات فردية خاصة وأن التطورات السياسية والاجتماعية والثقافية تتطلب الإقدام على إنجاز هذا الأمر خاصة مع الجهد الكبير الذي يقوم به الرئيس السيسي داخليا وخارجيا من أجل أن يضع مصر في قلب الخريطة الدولية بكل تعقيداتها الراهنة وبدليل حضور مصر في مركزية صنع القرار السياسي إقليميا ودوليا والذي لم يتأت إلا بعد جهد كبير للرئيس السيسي والأجهزة السيادية الوطنية التي قامت بدور كبير وعظيم سيسجله التاريخ الوطني في مراحله المختلفة، وبالتالي فإن دعوتنا الراهنة تدفع بقوة إلى ضرورة بناء منظومة عمل وطنية كبيرة توثق لما يجري لكي تدرك الأجيال الراهنة حجم ما يتم ويبذل بعرق الرجال الأوفياء الأشداء من أجل أن يبقى هذا الوطن شامخا ومتقدما ومستقرا.