الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

محمد فؤاد يكتب: جلسات البرلمان بين مباركة الدستور وحتمية الظرف

الرئيس نيوز

فرضت أزمة فيروس كورونا، العديد من الإجراءات التي اتخذتها الدولة ومؤسساتها، لتقليل التجمعات والاختلاط بين المواطنين وأيضا مسئوليها، إلا أن هناك مؤسسات لا يمكن بأي حال تعطيل عملها إلى حين انتهاء الأزمة.

ما أتحدث عنه تحديدا، أو ما أُعنى به، هو صعوبة تعطيل عمل مجلس النواب ولجانه النوعية لفترة طويلة بسبب أزمة كورونا، بما يمنع المجلس عن أداء دوره في الرقابة على الحكومة وآلياتها لمواجهة الفيروس وأيضا إقرار ما يلزم من قوانين وإجراءات لدرء خطر الأزمة مثل العلاوات الخمس أو حزمة المساعدات الاقتصادية التي تستلزم موافقة البرلمان.

ناهيك عن أن المرحلة التي يمر بها مجلس النواب حاليا تتطلب مناقشة مفصلة لإنجازها وأبرزها قوانين مجلسي الشيوخ والنواب، وأيضا قوانين الإجراءات الجنائية والإدارة المحلية وكذلك الأحوال الشخصية، وغير ذلك الكثير، بما يؤكد ضرورة انعقاد المجلس بآلية مختلفة تحقق فضيلة منع التجمعات حاليا.

لذلك فإن دور المجلس الرقابي والتشريعي يؤثر على سير الأمور في الدولة في ظل حتمية مناقشة وإقرار الموازنة للعام المالي الجديد 2020-2021، وهو ما يأخذ من المجلس وجميع لجانه جلسات مكثفة على مدار ما يقرب من الشهر لمناقشة البنود والاستماع إلى المطالب والإقرار.

كل ما ذكرته آنفا وغيره الكثير من الحجج وقبل ذلك الدستور، يحتم على المجلس وخاصة هيئة مكتبه اتخاذ قرار باستئناف العمل وعقد الاجتماعات المختلفة وممارسة الدور الطبيعي للمجلس، وذلك من خلال استخدام وسيلة التكنولوجيا التي تتيح ذلك دون أي تعارض مع إجراءات مواجهة الفيروس.

ومن التدقيق في المواد التي تضمنها الدستور أو القانون أو اللائحة الداخلية فيما يخص انعقاد المجلس، يتضح أن هناك مرونة في هذا الأمر، ولا يوجد مانع من انعقاد جلساته من خلال الفيديوكونفرانس على سبيل المثال، بما لا يتعارض مع الدستور واللائحة الداخلية، من إمكانية تغير مكان انعقاد المجلس في الظروف الاستثنائية، وهو التوصيف المناسب للمرحلة التي تمر بها الدولة.

وهنا أحيل القارئ إلى ما ذكره الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري وعضو لجنة العشرة لوضع الدستور، وهو قيمة وقامة وحجة في القانون والدستور أرجع إليه في غالبية الأمور الجدلية، حيث أكد أنه لا يوجد أى مانع فى أن يعقد البرلمان جلسته العامة فى حالة الضرورة القصوى بالفيديو كونفرانس، مضيفا أنه فى هذه الحالة يفتتح الدكتور علي عبد العال الجلسة من مقر مجلس النواب بالقاعة الرئيسية ويدير الجلسة ومعه هيئة المكتب مع الأعضاء بالفيديو كونفرانس وبالتالي الانعقاد يكون فى مقر مجلس النواب بالقاهرة.
 
وبالتالي وفق فوزي، يكون انعقاد الجلسة فى هذه الحالة صحيحا ومتوافقا مع المادة (114) من الدستور التي تتحدث عن أن مقر مجلس النواب مدينة القاهرة ويجوز له فى الظروف الاستثنائية عقد جلساته فى مكان آخر بناءً على طلب رئيس الجمهورية أو ثلث عدد أعضاء المجلس واجتماع المجلس على خلاف ذلك وما يصدر عنه من قرارات باطل".

بالطبع هذا الأمر يتطلب توافر البنية التحتية التكنولوجية لدى أعضاء مجلس النواب للمشاركة في الاجتماع، وهو ما يتيحه التابلت المسلم إلى كل نائب أو وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

ما طرحه الخبير الدستور، يوجد مخرج دستوري للأزمة دون التطرق إلى إتاحة تغير مكان الانعقاد في الظروف الاستثنائية، مما يؤكد أنه لا مانع دستوري من الانعقاد بهذه الطريقة أو استخدام الاستثناء الذي تضمنه الدستور فيما يخص إمكانية تغير انعقاد جلسات المجلس في الظروف الاستثنائية.

حتى مع تجاهل ذلك وعدم التقيد به، فأصلا من حق الدولة في ظل الظروف الاستثنائية كالكوارث الطبيعية والأوبئة العامة أن تحافظ على كيان الدولة ودفع الخطر عنها دون التقيد بالنظم الدستورية العادية السارية في ظل الظروف العادية لحمايه مصالح الدولة العليا ودرء للخطر الناجم، وهو منطلق "المشروعية الاستثنائية" الذي يؤكده الخبير القانوني كريم الخطيب.

ما أريد طرحه هنا –لعل وعسى أن يجد صدى-، هو أن انعقاد مجلس النواب في هذا الظرف أمرا ضروريا تحتمه المصلحة العامة للدولة وأيضا يفرضه دور المجلس ومسئوليته، وهناك آليات لا يعارضها الدستور تتيح انعقاد المجلس ولجانه تحقق آليات الوقاية من فيروس كورونا، وحتى إن كان هناك رأي مخالف لذلك كما ذكر وكيل مجلس النواب السيد الشريف، فإن الظرف الاستثنائي يبيح عدم التقيد بالنصوص الدستورية طالما أن الغرض من ذلك تحقيق المصلحة.

إيمانا بضرورة للتحرك الإيجابي فقد أعددت دراسة بهذا الشأن وأرسلتها للقامة القانونية ورئيس مجلس النواب  الدكتور علي عبد العال وأطمح أن ينعقد البرلمان في موعد جلساته القادم حيث إن الدولة المصرية بحاجة شديدة إلى تضافر جهود كل مؤسساتها في مواجهة هذا الخطر الذي يحيط بالبلاد والعالم أجمع، وكلي ثقة في الحس الوطني الخالص لجميع للقائمين على الأمر الذي سيدفعهم حتما لضرورة سد الفراغ الرقابي والتشريعي الحالي.