الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

د. طارق فهمي يكتب: البعد الأفريقي في أزمة مفاوضات سد النهضة

الرئيس نيوز


دخل الجانب الأوغندي على خط إشكالية الأمن المائي بين دول حوض النيل وخاصة مصر وإثيوبيا والسودان له ما يبرره خاصة وأن التحركات الإثيوبية الأوغندية شهدت تطورات طوال الفترة الأخيرة، واتجاه الجانب الإثيوبي لتوسيع دائرة النطاق الإفريقي والتركيز على المسار الإفريقي باعتباره طرفا معنيا من تطورات الأوضاع في الملف المائين  وبصرف النظر عن الوضع الراهن لكل دولة من دول الحوض، واللافت أن إثيوبيا انتقلت من المسار الدولي / الأمريكي للدولي مرة أخرى خارج نطاق الولايات المتحدة لتشرح موقفها ردا على التحركات المصرية تجاه الدول العربية.
وفي هذا الإطار تنتقل بملف المفاوضات من دائرته المحددة والوسيط الأمريكي لوسطاء آخرين قد يكون الطرف الأوغندي، وقد يكون جنوب أفريقيا خاصة وأنها تتراس الاتحاد الافريقي،  وتريد لعب دور جديد في المنظومة الراهنة من مفاوضات سد النهضة وهو ما ركز عليه الجانب الإثيوبي مؤخرا وكأنه يريد تشعيب التفاوض الحالي وتوسيع نطاقاته من والي أطرافا جديدة ليكسب عنصر الوقت ويحقق أهدافه السياسية والاستراتيجية مع كل تفاوض سياسي جديد، وبالتالي فإن الجانب الإثيوبي سيدخل الأطراف المعنية في دائرة مفرغة من التفاوض العام والجدلي حول الأولويات والمهام ومن ثم فإن السؤال المشروع وماذا عن الجانب الأمريكي وحدود قدراته لإعادة الجانب الاثيوبي مرة أخرى للتفاوض خاصة وأن الإدارة الامريكية ستشغل خلال الفترة المقبلة بالانتخابات الاستهلالية للرئاسة وستكون في وضع مختلف، وستكون قدرة الرئيس الأمريكي ترامب على الحركة محدودة.
ومن ثم فإن الجانب الإثيوبي ينتقل من وإلى أطراف جدد وربما يتحرك تجاه أطرافا دولية أخرى من أجل أن يكسب أرضا جديدة للتفاوض وشراء عنصر الوقت لصالحه وهو ما قد يؤدي إلى تحقيق مكاسب سياسية في مواجهة الضغوطات المصرية  والتي تطالب بمراجعة السياسة الإثيوبية الراهنة، والاحتكام لما تم الاتفاق بشأنه ووقعت عليه مصر بالأحرف الأولى في واشنطن وهو ما تنصلت منه أديس ابابا وطلبت وقتا لمراجعته ومن ثم فإن تحركها الأخير أفريقيا يستهدف الرد على التحرك المصري القوي والمدروس والمخطط له ويستهدف مراجعة مجمل التحركات الراهنة في الملف بأكمله والحفاظ على الحقوق المصرية في الملف والتي يريد الجانب الإثيوبي التنصل منها وفرض استراتيجية الأمر الواقع، وهو ما لن تسمح به القاهرة أبدا في ظل خيارات وطنية تقوم بها الجهات المعنية والتي ستحافظ على الحقوق المصرية ولن تقدم على أي تنازلات من أي نوع ومن ثم كان التحرك الإثيوبي في مواجهة مصر والعودة لأفريقيا من باب انهم شركاء وانهم أيضا مستفيدون من أي وضع يمكن أن يؤسس لسياسة جديدة في أي اتفاق للأمن المائي،  وبرغم أن القاهرة تربطها بدول الحوض أواصر من العلاقات الجيدة اقتصاديا وسياسيا وهو ما تعمق وبصورة كبيرة  طوال رئاسة مصر للاتحاد الافريقي وبرغم ذلك تسعى السياسة الإثيوبية لضرب العلاقات المصرية الإفريقية ومحاولة العزف مجددا على المصالح العليا والمهمة للجميع في دول الحوض.
والغريب أن الجانب الإثيوبي يراهن على معادلة مصلحية ووضع أولوياته ومصالحه في مواجهة المصالح المصرية وهو منطق لا علاقة له بأسس ومعطيات التاريخ والسياسة والأمن والاستراتيجية خاصة وان مصر لديها الكثير من الدوافع والمبررات للرد والتعامل بل والحسم وهو ما لا يتفهمه الجانب الإثيوبي متصورا أنه وحده الذي يخطط ويناور للوصول إلى مصالحه فقط وعدم مراعاة مصالح الآخرين والحقيقية أن الدول الأفريقية المعنية وخاصة اوغندا وتنزانيا ورواندا وكينيا والكونغو ترتبط بعلاقات جيدة مع مصر ولا تريد الدخول في مناكفات حقيقية برغم ما تتعرض له من اثيوبيا لتقوية حضورها ونفوذها في أي مفاوضات جديدة، ما زالت مصر تريد الحفاظ علي حقوقها ولا تريد الدخول في مواجهات لا تسعي اليها الدولة المصرية بل تسعى لإقرار منطق الحق والقانون والحياة وليس فقط التنمية والاستثمار مثلما يطالب الجانب الإثيوبي.