الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

د. طارق فهمي يكتب: لو غضبت مصر في ملف سد النهضة

الرئيس نيوز

 

لا تزال القاهرة تتعامل بمنطق الدول الكبرى في إطار مفاوضاتها مع الجانب الإثيوبي،  وهو الأمر الذي ما زال قائما خاصة مع التحرك المصري في الجامعة العربية وفي اتصالاتها مع الدول العربية وتحرك الخارجية المصرية والجولة العربية للوزير سامح شكري،  ومن ثم فإن مصر ما تزال تسعى لخيارها التفاوض اعتمادا على ما تم في واشنطن من اتفاق تم التوقيع عليه مصريا بالأحرف الأولى في حين ماطلت السودان وإثيوبيا لنعود للمربع الأول من جديد وهو الأمر الذي يشير إلى مسعى جديد لإثيوبيا للمراوغة والعمل من جديد على إفشال ما تم التوصل إليه عبر جلسات التفاوض في واشنطن وقبلها، الأمر الذي كان  وما زال يحتاج إلى تفسير حقيقي خاصة وأن موقف مصر التفاوضي قوي وواضح ولا يحتاج إلى تأكيد كما أن المفاوض المصري اتبع أساليب وتوجهات محترفة ومهنية  للعمل على محاور ومسارات جديدة للتفاوض وفي إطار تمسك مصر بكل معطياتها وحقوقها،  وهو ما لم تتفهمه إثيوبيا، ولعل ما جرى في اجتماع الجامعة العربية بشأن التعامل العربي عبر المؤسسة العربية الإقليمية يثير علامات استفهام حول الخطوات اللاحقة والمتعلقة بالمشهد التفاوضي على المسارين الإثيوبي والسوداني ، وقدرة الجانب الأمريكي على استعادة الأطراف المفاوضة مرة أخرى بدلا من تضييع الوقت في جدال عقيم وكسب الوقت للدخول في مفاوضات التشغيل التجريبي، وحسم الأمر فالواضح أن أثيوبيا تريد  التحرك وفقا لاستراتيجية الأمر الواقع وبناء نسق تفاوضي يركز على المصالح الإثيوبية فقط ويغفل أي تفاوض حول المصالح الأخرى للطرف المصري،  وهو الأهم وفقا لنظرية الضرر التي يمكن أن تؤثر على نمط وتوجه العلاقات المصرية الإثيوبية، ومن هنا فإن طرح آليات جديدة للتفاوض  مرة  أخرى يجب أن تنتقل من وإلة واقع سياسي حقيقي يقوم على أسس راسخة وتستند على حقائق الموقف المصري وليس بناء  منظومة تفاوض جديدة وفقا للنهج الإثيوبي المكرر والمعتاد والذي يريد أن يمضي أي مسار تفاوضي وفقا  لحساباته وتقديراته  التي تتغافل عن الحقوق الوطنية للدولة المصرية والتي لا يمكن التنازل عنها أو التفاوض حولها أو الانطلاق من رؤية قاصرة فمصر لديها كافة الحقوق وكل الالتزامات تجاه الأطراف الأخرى ليس تجاه إثيوبيا وإنما أيضا تجاه دول حوض النيل ومن ثم فإن إثيوبيا عليها أن تتفهم أن قواعد االالتزام لا تنفصم أبدا ولا تفسر بمنظور واحد أو حسب الهواء بل هي قواعد راسخة في القانون الدولي ويجب الالتزام بها ومن ثم فإن التنصل منها أو الخروج عنها قد يؤدي لحالة من عدم الاستقرار الإقليمي و الدولي. 
وفي ظل الأحوال الراهنة وفي المجمل  لا يمكن لإثيوبيا الخروج عن الاتفاقيات التاريخية أو رفض التعامل ‏معها بل ولا يمكن تصور التنصل من مبادئها بما في ذلك اتفاقية الإطار التي أبرمت بين ‏الأطراف الثلاثة، ومن ثم فإن إثيوبيا لا تريد أن تبادر بل وتترك الأمور على ما هي ‏عليه،  ولن تعقب بعد على تبعات ما قامت به من مواقف،  ومن ثم فإن على الولايات المتحدة، و بحكم الموقف الراهن لدورها التفاوضي ‏كطرف وسيط ومراقب معا عليها أن تعيد التحرك على أسس جديدة ومراعاة ما يجري من تحركات أثيوبية، وبما لها من  توجهات وسياست ‏يمكن العمل  بها مع الجانب الإثيوبي، وفي مقدور الإدارة الامريكية تحقيق أهدافها التفاوضية المفترض أنها مقررة سلفا ‏ بدلا من ترك الجانب الإثيوبي يتحرك في اتجاهات تستهدف ‏بالأساس التوصل لاتفاق حقيقي، وهو ما قد يؤدي وفقا للمنطق والهدف الموضوع وذلك بدلا من التحرك  تجاه حائط صد والبدء في التخزين وفقا لاستراتيجية الامر المباشر،  وعدم ‏إعطاء فرصة للجانب المصري لضبط مواقفه ومصالحه بل الانصياع للموقف الإثيوبي وهو وهم لن يتم أبدا  ، ويستند على أساس غير صحيح ولن يحدث أبدا وفقا للتقييمات الاستراتيجية والسياسية للسياسة ‏الإثيوبية المحدودة .. لو غضبت القاهرة فإن الأمر سيختلف وصبر مصر طال كثيرا ‏خاصة وأن التحرك المصري يمضي في سياقات استراتيجية حقيقية عربيا وأفريقيا ودوليا، لو فهم الجانب الإثيوبي ما يجري وأدرك ‏الجانب السوداني ما قد يتطور من مواقف مسئولة للدولة المصرية..وإنا لمنتظرون.