الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

الناتو وأنقرة يدرسان الرد.. إدلب تدق طبول الحرب بين روسيا وتركيا

الرئيس نيوز

بدا أن محافظة إدلب، أخر معاقل الجماعات الإرهابية في سورية ستتسبب في إفساد العلاقات التركية الروسية التي بنيت خلال السنوات الثلاث الماضية على نوع من الشراكة الاستراتيجية، إذ تزودت أنقرة من موسكو بمنظومة دفاعية متقدمة من طراز (إس-400)، فضلًا عن سماح الأولى للثانية بعبور خطوط أنبوب لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا. 

منذ أمس الخميس وتركيا تدق طبول الحرب، وتتوعد دمشق وحليفتها موسكو برد قاس على قتل 33 جنديًا تركيًا وإصابة عشرات الجنود في قصف لتجمعهم حينما كانوا في إدلب، ودعت حلف شمال الأطلسي للاجتماع اليوم الجمعة؛ لبحث الرد. الأمر الذي قابله استنفار روسي بإرسال قطع بحرية لتتمركز على الشواطئ السورية تحسبًا لأي ردات فعل تركية، فيما صرح نائب في البرلمان الروسي قائلًا: "إن أي عملية تركية في إدلب ستكون نتائجها سيئة لها".          

وبمقتل الجنود الأتراك وإصابة 32 آخرين أمس الخميس، يرتفع عدد القتلى في صفوف الجيش التركي في المنطقة إلى 54 هذا الشهر (فبراير) فقط.
ويتوعد أردوغان نظيره السوري، بشار الأسد، بشن عملية عسكرية واسعة النطاق في إدلب؛ لإجبار الجيش السوري على التراجع إلى ما وراء نقاط المراقبة التركية في إدلب، والتي تحاصرها حاليًا وحدات الجيش السوري. من أجل ذلك أرسلت تركيا آلاف الجنود والعتاد العسكري الثقيل لسوريا. 

رغم التنسيق
وبينما يزعم وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، عن ضربة تركية سريعة فجر الجمعة استهدفت الجيش السوري، وأدت إلى قتل نحو 309 جنديًا سوريًا، نقلت وكالة "الأناضول" عن الوزير قوله إن الضربات الجوية على منطقة إدلب السورية والتي أسفرت عن مقتل 33 من الجنود الأتراك حدثت على الرغم من التنسيق مع المسؤولين الروس على الأرض ، مضيفا أن الهجمات استمرت بعد تحذير صدر عقب الضربات الأولى.
فيما قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب أردوغان تحدثا هاتفيا اليوم الجمعة لمناقشة تنفيذ الاتفاقات بشأن محافظة إدلب السورية وسط تصاعد التوتر. 

وأضاف لافروف في مؤتمر صحفي في موسكو أن روسيا وتركيا على استعداد لمواصلة التنسيق فيما يتعلق بإدلب. 

ويبدو أن روسيا أعطت للجيش السوري الضوء الأخضر لإنهاء معركة إدلب، لطي صفحتها والتفرغ بعد ذلك إلى الشمال والشمال الشرقي السوري. إذ يرفض بوتين الاجتماع مع تركيا وألمانيا وفرنسا لمناقشة الأوضاع في إدلب.

وتتهم روسيا تركيا بعدم الألتزام بتعهداتها وفق اتفاق سوتشي، وأنها لم تكبح جماح التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصر سابقًا)، وفيما يتعلق بالعملية الأخيرة التي أدت إلى قتل 33 جنديًا تركيًا، تقول موسكو إن أنقرة تقاعست عن إخطار موسكو بوجود قواتها في المنطقة التي استهدفها القصف رغم التواصل المنتظم مع الجيش الروسي. وأن القوات التركية كانت منتشرة بشكل مباشر إلى جانب قوات المعارضة.

سفينتان حربيتان 
وقالت روسيا اليوم الجمعة إنها ترسل سفينتين حربيبتين مزودتين بصواريخ كروز (موجهة) إلى المياه قبالة الساحل السوري. 
فيما نقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية تصريحات لنائب بارز بالبرلمان الروسي اليوم الجمعة، يقول فيها إن أي عملية عسكرية تركية واسعة النطاق في منطقة إدلب السورية ستكون نهايتها سيئة لأنقرة نفسها. كما نقلت الوكالة هذا التحذير عن فلاديمير زباروف، النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية بالمجلس الأعلى بالبرلمان.

اجتماع الأطلسي
وحتى تضمن تركيا الحصول على دعم حلف الأطلسي، هددت أمس الخميس دول الاتحاد الأوربي، بعدم منع اللاجئين السوريين من الوصول إلى أراضيها عبر مياه المتوسط، وهي الورقة التي لطالما ابتزت بها أنقرة دول الاتحاد الأوربي. 
 وفي أول رد فعل من حلف الاطلسي على قتل 33 جنديًا تركيا، قال الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرج إن سفراء الحلف سيجتمعون اليوم الجمعة، بطلب من تركيا، لإجراء مشاورات بشأن التطورات في سوريا بموجب المادة 4 من معاهدة الحلف، وذلك بعد مقتل 33 جنديا تركيا في غارة جوية سورية بمنطقة إدلب.

وكتب ستولتنبرج على تويتر ”اليوم سيجتمع مجلس الحلف بطلب من تركيا للتشاور بشأن الوضع في سوريا بموجب المادة 4 من معاهدة واشنطن التي أسست الحلف“.

بموجب تلك المادة، يمكن لأي بلد عضو في الحلف طلب إجراء مشاورات إذا كان يعتقد أن سلامة أراضيه أو استقلاله السياسي أو أمنه معرض للخطر.

استبعاد المواجهة
كان الباحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، المتخصص في الشأن الروسي، نبيل رشوان، استبعد في تصريحات سابقة لـ"الرئيس نيوز" وقوع صدامات مباشرة بين روسيا وتركيا في إدلب، وقال: "المصالح الاقتصادية بينهما ستحول دون صدامات مباشرة إلا أن وكلاء تركيا من الجماعات الإرهابية قد تمارس عمليات استفزازية ضد القوات الروسية".

أوضح رشوان أن الاقتصاد التركي منهك فعليًا، ولا يحتمل أي تصعيد عسكري مع دولة بحجم روسيا باتت الشراكة معها استراتيجية، حتى وإن كانت مجبرة على تلك الشراكة؛ لكونها دولة باتت منبوذة أوروبيًا، والشواهد تثبت أن دول الاتحاد الأوروبي بما فيها الولايات المتحدة ترفض إمداد تركيا بأي دعم اقتصادي أو عسكري، ويرفضون أي سياسات تركية قد تجرهم إلى صدام مع روسيا في إدلب.
وأشار الباحث المُتخصص في مركز الأهرام، إلى أن الآليات الأمريكية التي دخلت إدلب أخيرًا؛ بحجة دعم الأتراك في تغولهم على الأراضي السورية، ليس جديدًا، وأن واشنطن تريد أن تفسد العلاقات بين تركيا وروسيا، بعدما وصلت إلى مراحل أزعجت الإدارة الأمريكية؛ إذ اشترت الأولى من الثانية منظومة دفاع جوي متقدمة (إس-400) وقد عبرت واشنطن أكثر من مرة عن رفضها لتلك الصفقة وهددت أنقرة بعقوبات صارمة حال أتمتها وهو الأمر الذي لم تمتثل له تركيا وتزودت فعليًا بالصواريخ.

وفيما يتعلق بحلف الأطلسي، وموقفه من الطلب التركي بالحصول على دعم لمواجهة التطورات في إدلب، قال رشوان: "الناتو لن يستجب لهذه الدعوات، وإلا كان الأولى به الاستجابة حينما أقدمت تركيا على إسقاط المقاتلة الروسية سوخوي، وقتل طاقمها في 24 نوفمبر 2015، واستشعرت أنقرة أنها تقف وحيدة أمام الدب الروسي بلا أي دعم أوروبي وهو الأمر الذي أصابها بالصدمة"، مضيفًا: "فرنسا وألمانيا تسعيان إلى عدم تفاقم الأمور أكثر من ذلك ووصولها إلى مرحلة الصدام، لذلك سعت الدولتان إلى عقد قمة رباعية تضم روسيا وتركيا وفرنسا وألمانيا، لمناقشة الأمر، لكن دون نتائج حتى الآن؛ إذ لم ترد موسكو على الدعوة حتى الآن بالقبول والرفض".

وبخصوص الطلب التركي، للولايات المتحدة، بالتزود بمنظومة الصواريخ باتريويت واستعمالها في إدلب، قال رشوان: "لا أظن قبول واشنطن تلك الدعوة، فواشنطن تتحفظ على إرسال تلك المنظومة إلا بشروط كان بينها توقف أنقرة عن استيراد منظومة إس-400".