السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

محمد عبد العزيز يكتب: انقلاب في قطر!

الرئيس نيوز

قد يخفى على كثيرين قصة قناة "الجزيرة" القطرية، فالأمر يعود إلى عام 1995، حين كانت قطر البلد الصغير، مع موعد سيغيّر فيما بعد تاريخ الإمارة والمنطقة كلها، ففي يوم 27 يونيو 1995، كان الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ولي العهد وقتها، يودّع والده أمير البلاد الشيخ خليفة آل ثاني في مطار الدوحة، وما أن خرج الأمير الأب من البلاد، حتى حدثت المفاجأة، قطع التليفزيون القطري الإرسال، وأعلن البيان رقم واحد، باستيلاء الابن ولى العهد (حمد بن خليفة آل ثاني) على السلطة، مطيحًا بأبيه!! ثم عرض التليفزيون القطري، مشاهد لمشايخ الإمارة يبايعون الأمير الجديد، ثم حدثت محاولة انقلابية أخرى لصالح الأب هذه المرة على الابن، قيل عن طريق مصادر قطرية متعددة لاحقًا، إن قطر تعتقد أن هذه المحاولة الانقلابية كانت بخطة سعودية-مصرية ضد حمد بن خليفة لصالح أبيه، فشلت هذه المحاولة وبقى أمير قطر حمد بن خليفة، حتى "ورث" الحكم لابنه تميم مؤخرًا، كما تقول مصادر متعددة أن ذلك الأمر لم يكن توريثا ولكنه انقلاب قصر قاده تميم على والده بمعاونة والدته الشيخة موزة!

 

بدا أن سلاح الإعلام هو السلاح الرابح في المنطقة، فقد أغلقت للصدفة وقتها قناة الـ"بي بي سي" العربية، التي كانت بتمويل سعودي، لتناقض بين سياسة هيئة التحرير البريطانية والمملكة العربية السعودية سنة 1994، وبدأت قناة "الجزيرة" في نوفمبر 1996، وبإمكانيات كبرى، مستفيدة من طاقم الـ"بي بي سى" العربية، وإمكانيات مادية لا حدود لها، وفى ظرف سنوات عشر (1996 - 2006) كانت قناة "الجزيرة" تتربع على عرش ثقة المواطن العربي، فهي القناة التي نقلت أصوات مَن لا صوت لهم، من المعارضة في كل البلدان العربية تقريبًا، إلا قطر والمتحالفين معها، وقد تمتعت ففي تلك الفترة الذهبية "الجزيرة" بمعايير مهنية عالية، بدا أمامها الإمكانيات الرسمية للتليفزيون الرسمي المصري في أقل درجات المنافسة.

 

سلاح الإعلام وسيلة رائعة إذا استخدم كأداة من أدوات القوى الناعمة، أما إذا تحوّل إلى سلاح موجه بكل هذه القوة الخشنة، فإنه ينقلب دائمًا إلى نتيجة عكسية، وهذا هو المأزق الذى وقعت فيه قناة "الجزيرة"، تحوَّلت أخيرًا مع تصاعد مشروع الشرق الأوسط الكبير المدعوم أمريكيًّا، من سلاح ناعم إلى سلاح خشن، يدعم تقدم تيار الإسلام السياسي -المدعوم أمريكيًّا وقتها كذلك- دعمًا قويًّا، بغض النظر عن المهنية والموضوعية، ففقدت قناة "الجزيرة" السواد الأعظم من جمهورها، وتحوَّلت من قناة كل العرب إلى قناة الإخوان وحلفائهم!! ثم كانت قناة "الجزيرة مباشر مصر" تحديدًا لسان حال جماعة الإخوان بأكثر ما هي قناة تقدم خدمة إعلامية موضوعية.

 

اعتقدت قطر أن زمن الإذاعات الموجهة في الحروب العالمية يمكن إعادته في مصر!! كأن مصر الدولة الكبرى عربيًّا، يمكن أن تكون تابعة لقطر، بسبب قوة سلاح الإعلام لديها، الغريب أن نظام الحكم القطري هو نظام ترسخ بانقلاب واضح، من ابن على أبيه، وببيان رقم واحد، صدر عن التليفزيون الرسمي، والحاكم الحالي هو "وريث" الأب المنقلب على الجد!!، وفي رواية أخرى هو ابن منقلب على أبيه كذلك، ثم تحدثك "الجزيرة "، عما جرى في 30 يونيو بأنه انقلاب عسكري!! رغم كل الملايين المحتشدة في الشوارع، ولم نرَ مثلها في قطر مثلًا لحظة تولّى حمد بن خليفة! أو لحظة نقل السلطة لابنه تميم، وأعتقد أن على التليفزيون المصري أن ينتج فيلمًا تسجيليًّا يحكى ما جرى في قطر في عام 1995، تحت عنوان "انقلاب في قطر"، وقد سعدت حين أشارت نشرة التاسعة بالتليفزيون المصري إلى ذكرى انقلاب حمد على أبيه، فلم يعد مقبولا أن نترك الساحة الإعلامية لخطاب قطر وحلفاءها رغم كل ما يرددوه من أكاذيب!