الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"ديفيد ده صاحبي".. حكاية ملياردير أمريكي وضع السادات بيانات مصر تحت تصرفه

الرئيس نيوز

منذ بداية السبعينات، ارتبط الرئيس الراحل أنور السادات بعلاقة مع ملياردير أمريكي كانت له زيارات متكررة وخاطفة إلى القاهرة، حيث يقابله "السادات" بحميمية وتنعقد بينهما جلسات مطولة.

كان ذلك الشخص هو ديفيد روكفلر، الذي كان معروفا قبل وفاته بأنه أكبر ملياردير في العالم، وحفيد أول ملياردير في تاريخ البشرية، وكان أيضا صاحب بنك "تشيز مانهاتن".

ووفق رواية "السادات" نفسه، فإنه كان "صديقا" لروكفلر، وكان يتردد عليه في عزبته في الولايات المتحدة ويقابل عائلته الذين كانوا "أولاد بلد زينا" بتعبير الرئيس الراحل.

وفي كتابه "محاوراتي مع السادات"، يكشف الكاتب الصحفي الراحل أحمد بهاء الدين جانبا مثيرا من علاقة "السادات" بـ"روكفلر"، خصوصا فيما يخص الاقتصاد المصري.

يحكي "بهاء الدين" أن "السادات" قرر في عام 1973 زيارة الكويت ضمن جولة بدول الجزيرة العربية، وفي تلك الفترة كانت علاقته بدول البترول "حميمة جدا، يزور حكامها ويزورونه باستمرار. ويلبون طلباته لمساعدات مالية بشكل أو بآخر".

رغم ذلك كانت الأجواء التي سبقت الزيارة مباشرة لا تبشر بأنها ستكون جولة موفقة. يوضح أحمد بهاء الدين: "قبل قدومه كانت الهمهمات قد بدأت ترتفع في دول الخليج عن طلبات مصر المالية التي تأتي في أوقات مفاجئة غير معروفة مقدما. وهمهمات أخرى عن سوء استخدام هذه المساعدات في مصر، بين ضياعها في تسديد نفقات استهلاكية، وبين أحاديث متصاعدة عن قصص من الفساد بدأت تطفو على السطح".

وقبيل الزيارة مباشرة، أجرى "السادات" حوارا للتلفزيون الكويتي مع الكاتب الصحفي أحمد الجار الله، مالك جريدة "السياسة" الكويتية، وهو عُرف شائع في مثل هذه الزيارات، بغرض أن يُذاع الحوار يوم وصول الرئيس المصري إلى الكويت.

 وفي ذلك الحديث، أطلق "السادات" عدة تصريحات كان "بهاء الدين" يراها غير موفقة تماما، إذ كرر عبارات كان معتادا على ترديدها آنذاك، مثل "اقتصاد مصر تحت الصفر! أن مصر ليس في عروقها نقطة دم واحدة باقية! مصر حاربت لأنها أفلست، ولم يعد في جيبها قرش واحد".

 كان أحمد بهاء الدين معترضا على القاموس الذي استخدمه السادات في حديثه للتلزيون الكويتي، وعبر عن رأيه ذلك للرئيس الراحل في مساء يوم الزيارة.

قال "بهاء الدين"، الذي كان وقتها رئيس تحرير جريدة "العربي" الكويتية، لـ"السادات": "يا ريس.. لو رحت لممول كبير مهما كان صاحبي وقلت له أنا عدمان وصدمان ومفلس فهو لن يعطيني مساعدة يعتد بها، ولكنه سيعطيني صدقة على الأكثر ولا يقابلني بعد ذلك. في حين أنني لو قلت له مثلا أن عندي قطعة أرض في مكان كويس ونفسي ألاقي شريك يساعدني بإقامة عمارة استثمارية فوق الأرض ففي هذه الحالة سوف يساعدني على الفور".

راح أحمد بهاء الدين يحدث "السادات" عن أنه رغم الظروف التي مرت بها مصر، فإن اقتصادها هو الأقوى في المنطقة، وبين دول العالم الثالث، بفضل تعدد موارده، والقاعدة الصناعية التي يتمتع بها منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر، لكن الفكرة أنه لا يحتاج إلا لحسن التدبير والإدارة.

"كلامك ده سمعته بالضبط من ديفيد"، هكذا رد "السادات" على أحمد بهاء الدين الذي بدا أنه تحدث طويلا لإقناع الرئيس بتغيير نظرته عن اقتصاد البلد التي يرأسها.

جاء اسم "ديفيد" على لسان "السادات" ليدل على أنه يعرفه جيدا. وراح الرئيس الراحل يكمل: "أصل أنا جبت ديفيد مرة من أمريكا، وطلبت منه أن يبقى في مصر وينكش في كل الاقتصاد المصري ويقول لي رأيه وأمرت كل الجهات في مصر أنها تضع تحت يده أي بيانات يطلبها".

يتابع "السادات" الحكاية قائلا بأسلوب عامي: "وفعلا، بعد أسبوعين تقريبا، جاني ديفيد وقال لي: "يا ريس اقتصادك سليم، وفيه إمكانيات هائلة، بس الغربال بتاعك فيه خروم واسعة ولازم تنسد".

بعد ذلك أخذ "السادات" يتحدث عن العلاقة الشخصية التي تربطه بديفيد روكفلر: "أصل ديفيد ده صاحبي وأنا أعرفه وأثق فيه. ولما بروح أمريكا بروح العزبة بتاعته وبأختلط بيه هو وعائلته روكفلر، أصل الأمريكان دول "ولاد بلد زينا" ماعندهمش شكليات ويزيلوا التكليف مع الواحد بسرعة، مش زي الأروروبيين اللي لسه معتقدين بالرسميات والشكليات".

يعقِّب أحمد بهاء الدين على ما حكاه "السادات" بواقعة طريفة، حدثت في لقاء الرئيس الراحل بالمسئولين الكويتيين، وذكرها له أحد أعضاء الوفد المصري.

يقول إن "السادات" ذكر اسم "ديفيد" كثيرا في الاجتماعات واستشهد بكلامه عن الاقتصاد المصري، ولما فهم الحضور أنه يقصد ديفيد روكفلر، قال أمير الكويت السابق صباح السالم لـ"السادات": "يا ريس! إحنا برضه عندنا عشرين ديفيد! بس اسمهم حسن وعلي وعبد الله!!".