الثلاثاء 19 مارس 2024 الموافق 09 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تساؤلات حول خروج استراتيجية صناعة السيارات للنور.. وبرلمانيون: لا نملك رؤية واضحة لها

الرئيس نيوز


هل ترى استراتيجية صناعة السيارات في مصر  النور؟ سؤال دائم الطرح على مدار السنوات الماضية دون إجابات واضحة وحاسمة.
الفكرة التي طرحت عام 2016 في عهد الوزير طارق قابيل، واصطدمت بالعديد من الرؤى والمقترحات، عاد الحديث عنها بعد حديث نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، والتي تولت المسؤولية في التعديل الوزاري الأخير بحكومة المهندس  مصطفى مدبولي، إذ أكدت أن الاستراتيجية  ستعرض خلال أيام على مجلس الوزراء متضمنة إطارا خاصا للسيارات الكهربائية وضرورة التوسع بشأنها، وذلك بعهد فترات كبيرة من حديث  الوزير السابق عمرو نصار، أنه لا توجد من الأساس استراتيجية لصناعة السيارات في مصر ولا وجود لها.

صناعة التجميع
قد يفهم البعض استخدام مصطلح صناعة السيارات، أن مصر ستصنع سيارات، ولكن المصطلح الدقيق لها هو استراتيجية  صناعة التجميع، وبالتالي  ترى الحكومة ضرورة التوسع في ذلك من قبل الشركات العالمية بضخ استثمارات أكبر، مقابل حوافز كثيرة لتعميق التصنيع المحلي والتصدير للخارج، حيث الاستفادة تكون من الداخل والخارج لصالح الحكومة، مقابل تقديمها كافة سبل الدعم والمساندة من خلال حوافز حقيقة ببيئة إيجابية للاستثمار والتغلب على كل إشكالياته، على أن تتضمن السيارات الكهربائية والتي تريد مصر التوسع بها أيضا.

حماس برلماني
على المستوى البرلماني يوجد حماس كبير خاصة أن الاستراتيجية تدعم  توجه الدولة نحو  تعميق المكونات المحلية في كل الصناعات، لكن الرؤية البرلمانية لا تملك معلومات واضحة حيث الاستراتيجية لا تزال بحوزة الحكومة،  ولكن لديها مقترحات ورؤية تتضمن أن  الاستماع والحوار  للمصنعين والوكلاء  وهم  المخاطبين بمثل هذه الاستراتيجيات ضرورة مهمة، والاستماع لهم وفق أي تعديلات، بهدف تحقيق التوازن المنطقي بين  تطلعاتهم وحقوق الدولة نحو  تفعيل أهدافها لضبط سوق السيارات.

النائب عمرو غلاب، عضو  مجلس النواب، يرى في حديثه لـ"الرئيس نيوز"، أن مجرد التفكير في التوسع بشأن إطار خاص بالصناعة الوطنية حتى لو كان على مستوى التجميع،  ليتطور الأمر مع الوقت في إنشاء المصانع ومؤسسات التصنيع المحلي من خلال الشركات الكبرى والعالمية هو دعم إيجابي نحو  بيئة الاستثمار التي تسعى لها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح  السيسي.

وأكد غلاب أنه لا يختلف أحد على أن استراتيجية السيارات في مصر صاحبها حالة من الغموض على المستوى الحكومي بعد أن تم طرحها على البرلمان وإعادتها مرة أخرى، ومن ثم استمرار الصمت حولها، ولكن مع  خروج الحديث  بشأنها من قبل  وزيرة الصناعة الحالية نفين جامع، تكون الرؤية اختلفت واتضحت كثيرا.
ولفت عضو مجلس النواب، إلى أن إشكالية الاعتراضات الكبرى كانت متمثلة في رسوم الحماية  على المستورد والمجمع  من السيارات، والتوسع في الشروط الخاصة بالمكونات المحلية في التصنيع بشأن وصلها لـ46% مقابل الحصول على حوافز  للمصنعين،  مشيرا إلى أنه بشأن رسوم الحماية والتي تواجه اعتراض من البعض نحن في حاجة إليها  للحفاظ على تنافسية السوق وإلا ستكون المنافسة غير  منضبطة في ظل تمتع المستورد بصفر جمارك، وبالتالي  من الطبيعي أن يكون لها حل قانوني لفرض هذه الرسوم على شكل ضرائب يتحملها المستهلك دون التعرض للجمارك ومن ثم الأمر ينتهي في هذه الإشكالية، على أن تعوض في ذلك  المحلي بمجموعة من الحوافز بشكل منضبط وتدريجي في  المكونات المحليات ونسب التصدير.
وقال غلاب: "التوازن والتدريج حل أشمل لهذه الإشكاليات، بمعنى  أن تفرض رسوم الحماية على شكل ضرائب، من خلال قانون على الطرفين لضبط المنافسة، على أن تعوض الشركات والمصانع بحزمة من الحوافز يتم التوافق بشأنها سواء بأرضي أو إعفاءات بمختلف المجالات ذات الصلة والأمر في النهاية يحقق المنافسة الإيجابية دون أى احتكار، مشيرا إلى أن التوازن بين الرسوم والحوافز سيكون السبيل  لنجاح هذه الاستراتيجية.
واتفق معه النائب طارق متولي، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، وقال إن هذا الملف مسار نقاش سابق باللجنة، حيث ملاحظات كثيره تم الإبداء بشأنها ومن ثم عادت الاستراتيجية للحكومة مرة أخرى، وأهم ما أُثير  بشأنه رسوم الحماية على المجمع والمستور سويا، وأنه ليس من المنطقي أن تتم المساواة فيما بينهم خاصة أن المستورد يتمتع بإعفاءات جمركية واسعة، وأيضا وجود شروط تعجيزية بشأن الحصول على الحوافز سواء  فيما يتعلق  بالمكون المحلي أو نسب التصدير من الإنتاج الكمي، وبالتالي  فالأمر المتعلق بالرسوم غير قابل للنقاش خاصة أنه يستهدف ضبط السوق.


ولفت متولي  في حديثه للرئيس نيوز، إلى الإطار الخاص بالحوافز والمكونات المحلية والكمية وقال: يمكن أن يتم التوافق بشأنها في إطار دعم بيئة الاستثمار وإعطاء فرصة أكبر للشركات الكبرى أن تتواجد وتقوم بدورها، وتكون هذه الحوافز بمختلف المجالات وأن تكون المكونات المحلية والكمية والنسب الخاصة بها بالتدريج وعلى مدد زمنية معينة، مقترحا أن تبدأ نسبة المكون المحلي للصناعة بواقع 45% ، على أن تكون السيارات الكهربائية أولوية في الأعمال.
ولفت إلى أن كل الرؤى متاحه للنقاش والحوار بمجرد الإحالة للبرلمان، وسيكون المصنعين والمخاطبين أول الحضور للمشاركة والنقاش من أجل الوصول إلي رؤية تتماشي مع توجهات الدولة المصرية والصالح العامة لبيئة الاستثمار في مصر.

في السياق، قال النائب محمد عبدالله زين الدين، عضو مجلس النواب،  إن اهتمام الحكومة المصرية بتنفيذ استراتيجية تعميق التصنيع المحلي للسيارات، يمثل خطوة مهمة على طريق تطوير العمالة الفنية، ويعد بمثابة مشروع قومي لدعم الصناعة المصرية، ويمثل الارتقاء بصناعة السيارات والصناعات المغذية لها بوابة واسعة للارتقاء بعدة صناعات، وفتح مصدر جديد للعملة الأجنبية عبر التصدير.
وأكد زين الدين قدرة مصر على إقامة صناعة سيارات حقيقية من خلال ما تملكه من إمكانيات ومؤهلات ممثلة في الخبرات المتراكمة ذات الكفاءة الموجودة بالمصانع المصرية، وأن مصانع الصناعات المغذية لديها القدرة الكاملة على دعم عمليات التجميع المحلى، وتعمل حالياً بنسبة 40% من طاقتها التشغيلية، بينما 60% من طاقتها لم يستغل بعد.
وأضاف أنه كلما زادت نسبة المكون المحلى، تعمقت الصناعة المحلية، ما يسفر عنه زيادة القوة الإنتاجية لمصانع الصناعات المغذية، وخلق فرص عمل جديدة، وهذا ما تستهدفه الدولة، مؤكدًا أن التوازن بين رسوم الحماية والحوافز في التعميق المحلي  سيكون سبيل في نجاح هذه الاستراتيجية.

وتعتمد الاستراتيجية التي أعلنت في ٢٠١٦ على 3 محاور، وهى زيادة التصنيع المحلى للسيارات ومكوناتها "قطع الغيار"، وزيادة الانتاج "الكمى" لمصانع السيارات المصرية بحيث لا يقل الإنتاج عن 40 ألف سيارة للمصنع الواحد سنويا، كذلك زيادة نسبة التصدير سواء للسيارات او مكونات تصنيع السيارات، ومن ضمنها قطع الغيار.
 
كما تنص بنود الاستراتيجية على منح كل مصنع مصرى يطبق الإشتراطات الخاصة بزيادة نسبة الإنتاج، سواء للسيارات أو مكونات التصنيع، يحصل على ميزات جمركية وضريبية، على رأسها خفض الجمارك على مكونات التصنيع المستوردة من الخارج لصالح المصانع من 40% إلى 10%، وهو ما سيؤدى إلى انخفاض أسعار السيارات المصنعة فى مصر عن أسعار السيارات المستوردة من الخارج حوالى 30%،  خاصة ان الاستراتيجية تهدف إلى زيادة نسبة المكون المحلى فى السيارات المصنعة محليا من 45% إلى 60%.
 
وفى يناير 2017 بدأت لجنة الصناعة برئاسة المهندس أحمد سمير، رئيس اللجنة وقتها، مناقشة الاستراتيجية بحضور وكلاء كبرى الشركات العاملة فى صناعة السيارات، ولم يلقى المشروع قبولا لدى العديد من صناع السيارات، خاصة الشركات الأوروبية، وكان هناك مطالب بإلغاء شرط الإنتاج الكمى، كما حذرت رابطة مصنعى السيارات من إقرار الاستراتيجية، مؤكدة أنها ستؤدى إلى زيادة الأسعار على سيارات الركوب بنسب تتراوح بين 30% إلى 135%، ما يؤدى لزيادة الأسعار.
 
وفى يونيو 2017 بدت الأمور أكثر وضوحا، بعد أن أعلن رئيس لجنة الصناعة بالبرلمان وقتها، أحمد سمير، أن الاستراتيجية ستعود للحكومة مرة أخرى للتعاقد مع مكتب استشارى أجنبى لإعداد استراتيجية جديدة تناسب الحالة المصرية وتسهم فى دخول مصر مرة أخرى مجال صناعة السيارات، إلا أنهها لم تظهر للنور مرة أخرى حتى يومنا هذا.
 
ومع تعيين المهندس عمرو نصار وزيرا للتجارة والصناعة عاد ملف صناعة السيارات للضوء مرة أخرى، وخرج الوزير السابق فى يوليه 2018 فى بيان رسمى لينفى ما تردد بشأن إلغاء الحكومة لاستراتيجية صناعة السيارات، وأعلن وقتها أنه يجرى إجراء مراجعة وتقييم لوضع صناعة السيارات والصناعات المغذية لها بهدف التوصل إلى رؤية واضحة لمستقبل أفضل من حيث الكفاءة والفاعلية لصناعة السيارات ومكوناتها فى مصر.
 
فى الوقت الذى نفى فيه الوزير السابق نية الحكومة لإلغاء الاستراتيجية، كان المستثمرين والعاملين بمجال صناعة السيارات داخل مصر وخارجها يتعاملون باعتبار أنه لا وجود لهذه الاستراتيجية من الأصل، وفى ديسمبر 2018 صرح نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، أن الشركات لم تعد تنتظر استراتيجية صناعة السيارات،  معتبرا إياها غير موجودة بقوله: "مفيش استراتيجية صناعة سيارات خلاص"، لتعيد الأمور للضوء مرة أخري حديث الوزير الحالية نفين جامع بشأن تقديم الاستراتيجية لمجلس الوزراء خلال أيام ويعقبها الإرسال لمجلس النواب.