الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

أحمد كريمة: ناصر والسادات ومبارك مسؤولون عن تداخل الدين في السياسة (حوار)

الرئيس نيوز

التحول فى موقف شيوخ السلفية نتيجة لحدوث تغيّر في بلد المنشأ

هناك فرق بين المراجعات الفقهية والمراوغات السلفية الإرهابية

لماذا لم يعتذر "الحويني" عن اتهامه للأزهر بفساد العقيدة وعن قتل الأبرياء

على المتطاولين على الشريعة أن يشتغلوا فى علاج الاقتصاد وتحقيق الديمقراطية

المذهب الأشعري وسط بين الإفراط والتفريط وارتضته الأمة المسلمة منذ قرون

الطلاق الشفوي واقع في حال استيفاء شروطه.. وكتابته عمل إجرائي

التراث الإسلامي هو ذاكرة الأمة وليس بمتهم لكي أدافع عنه

يثير الجدل دائما بآرائه التي تكون عادة مبنية على "أصل فقهي"، تارة تجده في خلاف مع أزهري وأخرى مع سلفي، كما أحدثت بعض مواقفه ضجة واسعة حتى أنه أوقف عن العمل لمدة 3 أشهر بسبب زيارة إلى إيران في 2013.

ومع تصاعد الخلاف حول "تجديد الخطاب الديني"، كان لنا لقاء مع الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، حيث قال إن هناك فرق بين المراجعات الفكرية والمراوغات، مؤكدا أن المذهب الأشعرى وسط بين الإفراط والتفريط وهو ما ارتضته الأمة المسلمة من قرون عديدة لأنه يجمع بين النقل والعقل والتأويل المحمود.

كما تحدث في حوار مع "الرئيس نيوز" عن تراجع بعد شيوخ السلفية عن آرائهم، قائلا: "هو نتيجة لحدوث تغيير في بلد المنشأ".

وإلى نص الحوار:

كيف نجدد الخطاب الديني وننقح التراث.. وهل يعارض الأزهر ذلك؟

التراث الإسلامي هو ذاكرة الأمة وليس بمتهم لكي يدافع عنه، وليس بمُدان فيعتذر عنه، بل هو نتاج اجتهادات لمجتهدين بذلوا ما في وسعهم، وهناك في التشريع الإسلامي حصانة لهم، فالمجتهد له أجران إذا أصاب ودرجة واحدة في حال الخطأ، والرسول محمد هو من دعا أجرا للمجتهد فهل يمكن أن يأتي شخص ما غير الرسول ليوجه الاتهامات للمجتهدين؟! وعلينا احترام التراث، وليس التطاول عليه، حتى من باب عتاب المحبين هل يتطاول اليهود مثلا على تراثهم.

قلت إن هناك متربصين بالتراث.. من هم من وجهة نظرك؟

هناك إملاءات وتوجهات علمانية وليبرالية يريدون بقصور نظر التنكر لأمجاد الأجداد.

"بعض النصوص أصبحت غير مناسبة للعصر" ما تعليقك على هذه العبارة؟

هناك فى العمل العلمي السليم فى حال وجود مقتضيات أو دواع لتنبيهات أو ترجيحات فى مسائل خلافية بعيدة عن الثوابت والقطعيات فالكلام هنا لعلماء الإسلام فقط، والله سبحانه وتعالى هو من حدد التخصص وقال فى سورة النساء "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ، وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ".

والأجدر لغير العلماء المتخصصين، أن يشتغلوا فى علاج الاقتصاد وتحقيق العدالة المجتمعية والديمقراطية الحقيقية، وأن يساهموا في بناء مشروع ثقافى كامل مثل الذى حدث فى الصين، أو أنهم يعانون الأفلاس ولا يجدون متنفسًا لهم سوى الهجوم على الإسلام فقط.

هناك من يتهم الأزهر بالمسؤولية عن بعض خرجيه الذي تبنوا أفكارا إرهابية

من قاموا بعمليات إرهابية هم ضحايا تدخل السياسة في الدين وهي مثلا بدأت مع قيادات أحداث 52، عندما قام الزعيم جمال عبد الناصر بوضع يده في يد الإخوان وجلسوا وتعاونوا وكان عبد الناصر عقد عدة لقاءات مع الهضيبى المرشد الثاني لجماعة الإخوان.

ونظام الرئيس السادات أعطى قبلة الحياة لجماعة الإخوان والتلاعب بالدين في عصره أفرغ جماعات العنف الجهادية والإسلامية والتكفيرية.

ونظام مبارك أعطى لهم 88 مقعدا من مقاعد البرلمان، والنظام الحالي يصمت على دخول أحزاب سياسية ذات خلفية دينية إلى مجلس النواب ومنهم من ينتمون للجماعة الإسلامية ومنهم من ينتمون للسلفية، فالسياسة تتحمل الجزء الأول فى التلاعب بالدين وليس الأزهر الشريف لأن الأزهر ثقافته الوسطية والاعتدال.

ما تعليقك على تراجع "الحويني" وبعض شيوخ السلفية من مواقفهم المتشددة سابقًا والاعتذار عنها؟

أولًا هناك فرق بين المراجعات والمراوغات، المراجعات هي لأهل العلم المعتمدين الذين يصدرون آراء علمية أو فتوى فقهية، وعندما يتضح لهم الخطأ فإنهم  يصححون ذلك من باب الأمانة العلمية، وهذه حقيقة المراجعات فهي لأهل العلم التخصصي،  وأما المراوغات فهذه من صفات الذين يروجون الطائفية والمذهبية وينشرون التعصب على سبيل المثال بعضهم ممن خدموا جماعة الإخوان سنوات طوال وتسببوا فى العنف الفكري والسلوكي، وبعد اختلافاتهم مع قيادات الجماعة وعدم حصولهم على مغانم خرجوا عليهم كيدًا، وهم الآن يدعون بـ"المنشقين".

برأسك ما سبب هذا التحول المفاجئ في الأفكار السلفية؟

هؤلاء المتشددون شاركوا في المشهد السياسى أيام الرئيس السادات -غفر الله له-  واشتركوا في جرائم قتل وحوادث تدمير المؤسسات الأمنية بأسيوط، والآن لحسابات معينة أصبحوا من المنظرين المراجعين لأفكار الفرق الضالة، وعلى نفس المنهاج المتسلفة الوهابية – ومنهم الحويني– لحدوث تغيير في بلد المنشأ بالخليج يحاولون إظهار مايعدونه "انقلاب على أفكارهم" والتي بسببها ضل من ضل من الشباب، ولنا وقفات من باب -وتواصو بالحق وتواصو بالبر-.

وأقول هل اعتذر الحوينى عن سبه وقذفه وشتمه للعلامة الدكتور –علي جمعة - حينما قال أيام حكم جماعة الإخوان: "على جمعة ولد ميتا".

وهل اعتذر على قيام بلطجية المتسلفة اتباع الحويني باقتحام محكمة- كفر الشيخ- لعدم نظر دعوى سب وقذف أقامها الدكتور علي جمعة! وابن الحويني، حاتم الحوينى، فى عيد الفطر الماضى تطاول على فضيلة الدكتور- شوقي علام- مفتي الديار المصرية وقال له: "المفتى ودار الافتاء بحاجة لكى يتعلموا الأسعار الحقيقية للحبوب"، كما لم يعتذر عن اتهامه هو وجماعته المتسلفة للأزهر بفساد العقيدة!

ورضي الحوينى لنفسه أن يوصف وصفًا يفوق ما وصف به الأنبياء والمرسلين حينما أطلق المتسلفة عليه،  أنه أعلم من فى الأرض متجاهلين أعلام علماء الحديث النبوي بالأزهر أمثال العلامة الدكتور عمر هاشم وسعد جاويش وغيرهم.

هل الأفكار السلفية إحدى عوائق تجديد الخطاب الديني؟

قضيتنا ليست مع الحويني نحترمه كمسلم وواعظ وداعية، لكن  جماعته السلفية هي التي تعد من أكبر معوقات تجديد وتصليح الخطاب الديني بتطاولها على الأزهر فى الداخل والخارج، وينظر الحويني وداعموه إلى كتاب فتاوى علماء البلد الحرام وإلى مجلة التوحيد المصرية وإلى مجلة الفرقان الكويتية وإلى فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية عن تكفيرهم للأشاعرة والصوفية والشيعة وجماعة التبليغ وعموم المسلمين وهذا ما يرفضه المسلمون.

قلت إن المذاهب مجرد آراء اجتهادية.. لماذا يصر الأزهر على التمسك بالأشعري؟

المذهب الأشعرى وسط بين الإفراط والتفريط وهو ما ارتضته الأمة المسلمة من قرون عديدة لأنه يجمع بين النقل والعقل والتأويل المحمود.

قال الإمام الراحل الشيخ، محمود شلتوت، شيخ الأزهر ما دامت شريعة الله غير تابعة لمذهب ولا محصورة فى مذهب فنحن مأمورون أن نتعبد بالإسلام الديني بأي مذهب في الدين، والمذاهب العلمية مجرد آراء اجتهادية بشرية وهناك علم العقيدة هناك آراء لجماعة المعتزلة والأشاعرة والمتسلفة ..إلخ، وفى علوم الفقه الإسلامي هناك مذاهب للسنة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية.

ومذهب الشيعة الجعفرية ومذهب الشيعة الزيدية والمذهب الأباطي، وفى علوم اللغة والأدب مدارس فكرية فكلها اتجاهات فيها الصواب والخطأ والحق والباطل، لكن مقولة الأزهر هي مرجعية الإسلام.

ولم يتعمد أحد من أئمة العلم الخطأ في دين الله، فكان منهجهم ما قاله الإمام الشافعي: "كلامى صواب يحتمل الخطأ وكلام المخالف خطأ ويحتمل الصواب".

هناك منتقدين لمشروع الأزهر لقانون الأحوال الشخصية.. ما تعليقك؟لأحوال الشخصية ويعنى بها عقد الزواج من مقدمات ومكونات ومتمامات وفرق عقد الزواج من طلاق وخلع ولعان ..ألخ، وأحكام النفقات والحضانة والوصاية والمواريث، وكل جزء من التشريع الإسلامي فهو هنا يأتي دور الأزهر بحكم كونه المرجعية بحكم التاريخ والواقع والمادة السابعة من الدستور والذى جعل الأزهر وحده المختص بالشئون الإسلامية، وهذا هو الوضع الصحيح، أم يترك الأمر لكل زاعق وماعق؟! فمثلا الحاخامية اليهودية هى سيدة قرارها بالنسبة للأحوال الشخصية لليهود وكذلك الحال بالنسبة للكنائس المسيحية لكبرى ومن هذا المنظور هل يعقل أن لا يكون للمسلمين المرجعية الخاصة بهم؟!.

تعليقك على الانتقادات التي وجهت لـ"دار الإفتاء " بعد إجازتها الاحتفال بعيد الحب؟

دار الإفتاء مرجعية الفتوى للمسلمين وعلى رأسها عالم جليل ثقة وأنا بحكم زمالتي له أعلمه رجل ورع والفتوى صحيحة لأنه من قبيل العادات وليست العبادات، والخبر المأثور ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسنا طالما فى حدود الآداب الشرعية.

اختلفت الرؤى حول ضرورة إلغاء الطلاق الشفوي بعد تزايد نسبه لأسباب اجتماعية

الأصل فى العقود فى الشريعة الإسلامية أنها تكون بالأقوال والكتابة والإشارة، فالطلاق القولي أو الشفوى إذا استوفى الأركان والشروط يقع، وهو منقول عن رسول الله وعن السابقين الأولين من الأمة المسلمة فى كل زمان ومكان، أما توثيقه كتابةً  فعمل إجرائى إداري لا ينفيه وليس هو العهدة فى إيقاع الطلاق ولا ترتب آثار عليه، وعلى الذين يريدون حلول اجتماعية عليهم بالبحث عن جذورالمشكلة ومنها عدم العدالة المجتمعية وما يعانيه الناس من أزمات وليست الأمور باللسان، من أراد العلاج ينظر للأوضاع الاجتماعية للناس.