الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

حوارات الخطاب الديني «1».. عميد الدراسات الإسلامية: علماء الأزهر أولى الناس بمهمة التجديد

الرئيس نيوز

- الأزاهرة أعلم الناس بالأدلة قطعية الثبوت قطعية الدلالة وظنية الثبوت ظنية الدلالة 

- الأزهر لم يأن جهدًا للرد على المنحرفين فكريًا وعشرات الكتب فندت أفكار سيد قطب عن الحاكمية والجهاد

نفى عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر، عوض إسماعيل عبد الله، أن يكون المقصود بتجديد الخطاب الديني تغيير الثوابت والعبث بالأحكام الشرعية.

وقال خلال حوار مع "الرئيس نيوز" إن الأزاهرة هم أعلم الناس بالأدلة قطعية الثبوت قطعية الدلالة وظنية الثبوت ظنية الدلالة، لذلك هم أولى الناس بقضية تجديد الخطاب الديني، مؤكدًا أن علماء الأزهر لم يأنون جهدًا للرد على المنحرفين فكريًا، وصدروا عشرات الكتب التي فندت أفكار سيد قطب عن الحاكمية والجهاد، لكنه استطرد قائلًا: "الشواهد تقول إن الباطل هو دائمًا صوته الأعلى".

وفيما يلي نص الحوار:

بداية، هل يعني تجديد الخطاب الديني تغيير ثوابت الدين؟

إطلاقًا، قضية التجديد بعيدة كل البعد عن ثوابت الدين، وإنما هي تخص الفروع والنوازل التي تتغير مع تغير الظروف والأحوال، وقضية التجديد من بين أكثر القضايا العصرية التي ازداد الحديث عنها خلال الفترة الماضية، وآخرها المؤتمر الذي عقد في الأزهر برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفضيلة الإمام الأكبر، أحمد الطيب.

وتجديد الخطاب الديني لا يعني تغيير ثوابتِ الدينِ أو العقيدة، ولا العبثَ بالأحكام الشرعية، وإنما هو تصحيح المفاهيمِ الشرعيةِ، وبيان قواعد الفهمِ الصحيحِ للدينِ مع مراعاةِ المتغيراتِ، وتجديد الخطاب الديني يستهدف إصلاح الخلل في المناهج الفِكرية والأخلاقيةِ للأفرادِ والمجتمعات، وإظهار يُسرِ الإسلامِ وسماحتِه، وتطوير أساليب الدعوة إلى الله.

هل لك أن تعطيني مثالًا على ذلك؟

الأمثلة كثيرة، ومعظمها كان الأزهر فيها رائدًا في عملية التجديد، فمنذ فترة كان الحكم الشرعي الذي يتم تطبيقه في عملية رمي الجمرات في الركن الأكبر (الحج)، هو التشبث برميها في وقت الزوال، إلا أن الأزهر نادى بإعادة النظر في هذه المسألة، وأفتى بجواز الرمي طوال فترات النهار والمساء؛ للتيسير على الناس.

وكذلك في قضية التعامل مع البنوك، فكيف كان الحكم الشرعي السائد أنه مُحرم التعامل معها؛ لكونها تجري معاملات ربوية مُحرمة، إلا أن الأزهر بعد دراسة مستفيضة أفتى بجواز التعامل مع البنوك، ونفى وجود أي شبهات ربوية في معاملاتها. وكل هذا يعد من الشواهد على تجديد الأزهر للخطاب الديني.

برأيك ما القضية المُعاصرة التي بحاجة إلى تجديد مفاهيمها حاليًا؟

الامر أكبر من أن يتم حصره بهذا الشكل، فكل تجديد في أي قضية يأتي حسبما تمليه الظروف والأحداث والمُتغييرات، وعندنا الأزهر بجامعه، وجامعته، وهيئة كبار العلماء، يجرون بشكل دوري أبحاثًا يناقشون فيها النوازل ويتفقون فيها على الطريقة الشرعية الصحيحة للتعامل مع هذه القضايا.

هل تقصد بذلك أن الأزهر وحده هو المنوط به مهمة تجديد الخطاب الديني؟

علماء الأزهر هم أعلم الناس بالنصوص الدينية، وتحديدًا بالأدلة (قطعية الثبوت ظنية الثبوت)، وبالأدلة (قطعية الدلالة وظنية الدلالة)، لذلك هم أولى الناس بالقيام بهذه المهمة. كما أن الأزهر مؤسسة عريقة وتاريخها يشهد لها بوسطيتها وانحيازها للحق. ولو أن الأمور تركت للجميع كي يدلوا بدلوهم فيها ستعم الفوضى، ولعل فهم الجماعات المتطرفة للنصوص وتأويلهم الخاطئ لها، أكبر دليل على ضرورة الرجوع لعلماء الأزهر في مثل هذه القضايا.

 

-ما المقصود باللأدلة قطعية الثبوت قطعية الدلالة ظنية الثبوت ظنية الدلالة؟

علماء الأصول يصنفون الأدلة الشرعية، بما هو قطعي الثبوت، وهو ما قطعنا بنسبته إلى الشارع (كالقرآن والسنة المتواترة)، ومنها ما هو ظني الثبوت (كأحاديث الآحاد) التي لم تجمع الأمة على تلقيها بالقبول، وقطعي الدلالة هو ما كان نصا لا يحتمل غير معناه، وظني الدلالة ما كان محتملا لأكثر من وجه، وأعلى النصوص رتبة ما كان قطعي الثبوت والدلالة.

*كثر الحديث عن كتب التراث وأنها تحوي بعض الأحكام التي يتم فهمها بشكل خاطئ من قبل بعض الناس، كيف ترى دعوات إعادة قراءة كتب التراث؟

كتب التراث كتبها بشر، كانت تناسب أزمانهم وأحوالهم، وعلماء الأمة ليسوا محصورين فيما ترك هؤلاء الأسلاف، فما كتبه الأسلاف يًأخذ منهم ويُرد عليهم، لكن لابد أن تكون القاعدة الحاكمة في هذا السياق، (ننظر إلي كتبهم نظرة الاحترام والتجديد).

القرآن حمال أوجه.. فلماذا لا يمكن تطبيق هذه القاعدة على الأحاديث النبوية أيضًا؟

نعم القرآن حمال أوجه، لكونه يرتكز على قاعدة أنه صالح لكل زمان ومكان، ويمكن تطبيقها على الأحاديث أيضًا شريطة الفهم والتأويل الصحيح، لا العبث بها، وهو الأمر الذي يعيد بنا للحديث عن من المنوط به النظر في تلك النصوص، إنهم أهل التخصص.

البعض يقول إن الجماعات المتطرفة استقت مبادئها من كتب التراث؟

الجماعات الإرهابية تردد آيات الجهاد الثابتة في القرأن، لكن بعد اجتزائها من سياقها وتحريف تفسريها، من دون الرجوع إلى أسباب النزول، ولا السياق الذي قيلت فيه النصوص، ولا يعرفون السباق (أي ما سبق الآية من آيات توضحها) ولا اللحاق (أي الآيات التي لحقت بها لشرحها)، إنما يقتطعونها من سياقها ويحملونها أمور لا تحتملها. وللأسف بعض الشباب يتبنون ذلك الفهم، لذلك أكدنا مرارًا أن الأزهر هو المرجعية الوحيدة التي لابد أن يعود إليها الناس في قضاياهم الفقهية وأمورهم الدينية.

 

*أشعر بحزن شديد من مدى رواج كتب منحرفة الفكر مثل (في ظلال القرأن) لسيد قطب، ولا يوجد كتاب يرد عليه ولاقى مثل هذا الحضور والرواج، من المسؤول عن تأخر صدور مثل هذه الاعمال؟

الأزهر لم يتأخر ولم يأن جهدًا في الرد على مثل هذه الكتب المنحرفة، لكن أصحاب الفكر الضال والمنحرف لطالما كان صوتهم الأعلى والأكثر انتشارًا. هناك عشرات من الكتب فندت كتاب (في ظلال القرأن)، وأوضحت الكثير من مفاهيم الجهاد والحاكمية، لكن المتطرف في أوقات كثيرة لا يسمع إلا الرأي الذي يبرر أفعاله المتطرفة.