الثلاثاء 23 أبريل 2024 الموافق 14 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الأكاديمي هاني نسيره: تجديد الخطاب الديني فريضة يغيب عنها المرجعية الناظمة (حوار)

الرئيس نيوز

بعض دعوات التجديد عشوائية ومتخبطة وتستهدف الإثارة أكثر من الاستنارة
تجديد الخطاب يحتاج لاستراتيجية فكرية وسياسة ثقافية مؤثرة وليست مؤتمرات يدعى لها الأصدقاء أو الخصوم
مصر أدخلت إصلاحات دينية في أواخر القرن الـ19

قال الأكاديمي والكاتب الصحفي د.هاني نسيره، إن تجديد الخطاب الديني فريضة، يغيب عنها المرجعية الناظمة، موضحًا خلال حوار مع "الرئيس نيوز" أن بعض دعوات التجديد عشوائية ومتخبطة وتستهدف الإثارة أكثر من الاستنارة، لافتًا إلى أن مصر أدخلت إصلاحات دينية في أواخر القرن الـ19، مشددًا على ضرورة التفريق بين التجديد الديني والإصلاح الديني، فالأول جهد فردي، أما الأخير فأكثر مؤسساتية وجماعية.
أكد نسيره أن تجديد الخطاب يحتاج لاستراتيجية فكرية وسياسة ثقافية مؤثرة وليست مؤتمرات يدعى لها الأصدقاء أو الخصوم. وإلى نص الحوار.


ما المقصود بتجديد الخطاب الديني؟
أولا: أنا أفرق بين مفهوم التجديد الديني والإصلاح الديني؛ فالمقصود بالتجديد وهو فريضة إسلامية، ومطلب إسلامي من قديم، وتواتر التاريخ يتحدث عن مجدد - كل حسب أنصاره - في كل قرن وفق الحديث النبوي المشهور، لذا نرى التجديد هو تجدد الفهم الديني نفسه للنصوص والتراث لمجاوبة حياة المسلمين وعلاقتهم بالعالم. أما الإصلاح الديني كما عرفته أوربا في القرن السادس عشر أو عرفته مصر والأمة العربية في أخريات القرن التاسع عشر، فهو مرتبط بموافقة واستجابة الإسلام للعصر وتحدياته، ولذا هو أوسع قليلا وأكثر حسما، وأكثر مؤسساتية وجماعية ويمكن أن يكون الأول أكثر فردية. 

*ماذا عن إشكاليات التجديد؟
إشكاليات التجديد الآن كثيرة، أنه تغيب عنه المرجعية الحاكمة أو الرئيسة، أو الأهداف الموجهة" Targets"  وشتات مؤسساتي وفردي، كل يطرح ما يشاء، ولم يخرج حتى حينه سياسات وقرارات وتوجهات عامة يمكن أن تغير العقل المسلم، ولكن هنا نتكلم مؤسساتيا بشكل عام، أما الجهود الفردية لأطروحات التجديد - خاصة في سياق الثورة المعلوماتية والتواصلية - فموجودة تحدث اثرها التراكمي وتتحقق تأثيراتها، سواء اتفقنا معها أو اختلفنا.
لكن المشكلة ان بعض هذه الجهود عشوائية ومتخبطة وتستهدف الإثارة أكثر من الاستنارة فتعيد الكرة للمتطرفين ليشعروا الناس أن هؤلاء يحاربون الدين والمقدس من جديد، فبعضها يضر صدقا وبعضها مفيد جدًا وإن كان غير مشهور، وهو محل تبجيل، ويجب من قبل الاعلام والمؤسسات الاهتمام به، وهنا أتكلم ليس فقط مصريا ولكن عربيا واسلاميا وعالميا.

ما الجهة المنوط بها القيام بالتجديد؟
بصراحة، لا أرى أن المؤسسة الدينية - الأزهر أو غيرها - الأزهر أكبرها نعم، لكن في كل دولة مؤسسة دينية، لا يلزمها وحدها التحديد ولا تحتكرها، فوظيفة المؤسسة رعاية التقاليد والمعايير بالأساس، وكونها دينية فهي أقرب للمحافظة، لكن الأزهر وأي مؤسسة دينية أخرى ليست وحدة صماء هي تنوعات تضم أصواتا مختلفة مع وضد، مجددة وجامدة وتائهة ورشيدة، كله موجود، ولكن التجديد يحتاج أولا وضع استراتيجية فكرية وسياسة ثقافية قابلة للتأثير، ثم التنفيذ وليست مجرد مؤتمرات يدعى لها الأصدقاء أو الخصوم، إنها تفاكر عميق يخرج عملا. 
حدثنا عن المعيار الذي أستطيع أن أحكم به عملية التجديد أو بمعنى أخر (متى نستطيع القول أننا جددنا في الخطاب الديني)؟
ظني حين يخرج خطابًا أكثر إنسانية وأكثر حضارية، وأكثر تسامحا ووعيا بالتاريخ، ويسود بين الناس سنقول جددنا في المجال العام دينيا، وما أكثر ما يمكن استدعاؤه وترجمته في هذا السياق... مؤسساتيا ودولتيا واقليميا ..حسب نطاق التجديد كمشروع.
أما المثقف والفرد المتوحد والوحيد فجهده علمي وليس إعلاميا فقط، ومعايير أي طرح فردي أو جمعي هي الاصالة العلمية والجدية والموضوعية، والقدرة على التجاوز المعرفي الذي لا يقوم على ذبح التراث أو عدميته ولكن على تجديد فهمه ومفهوماته وتجاوز الفهم السائد لها.