الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«حياة أو موت»... استمرار الجدل بشأن تجديد «الخطاب الديني»

الرئيس نيوز


 
لا يزال ملف تجديد الخطاب الديني يمثل معضلة فلا يكاد الجدل بشأنه يهدأ حتى يعود مرة أخرى من جديد، آخرها كان الاشتباك الفكري، بين شيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب، والدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، خلال مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي، الثلاثاء الماضي.

نسيره: تجديد الخطاب الديني فريضة يغيب عنها المرجعية الناظمة

الباحث الأكاديمي الدكتور هاني نسيره، فرق خلال حديثه مع "الرئيس نيوز" بين مفهوم التجديد الديني والإصلاح الديني؛ موضحًا: "المقصود بالتجديد وهو فريضة إسلامية، تجدد الفهم الديني نفسه للنصوص والتراث لمجاوبة حياة المسلمين وعلاقتهم بالعالم. أما الإصلاح الديني كما عرفته أوربا في القرن السادس عشر أو عرفته مصر والأمة العربية في أخريات القرن التاسع عشر، فهو مرتبط بموافقة واستجابة الإسلام للعصر وتحدياته، ولذا هو أوسع قليلا وأكثر حسما، وأكثر مؤسساتية وجماعية ويمكن أن يكون الأول أكثر فردية". 
وعن الإشكاليات التي تواجه التجديد، قال نسيره: "إشكاليات التجديد الآن كثيرة، قتغيب عنه المرجعية الحاكمة أو الرئيسة، أو الأهداف الموجهة "Targets"، إلى جانب شتات مؤسساتي وفردي، كل يطرح ما يشاء، ولم يخرج حتى حينه سياسات وقرارات وتوجهات عامة يمكن أن تغير العقل المسلم، ولكن هنا نتكلم مؤسساتيا بشكل عام، أما الجهود الفردية لأطروحات التجديد -خاصة في سياق الثورة المعلوماتية والتواصلية- فموجودة تحدث أثرها التراكمي وتتحقق تأثيراتها، سواء اتفقنا معها أو اختلفنا".
ولفت نسيره إلى أن المشكلة أن بعض هذه الجهود عشوائية ومتخبطة وتستهدف الإثارة أكثر من الاستنارة فتعيد الكرة للمتطرفين ليشعروا الناس أن هؤلاء يحاربون الدين والمقدس من جديد، فبعضها يضر صدقا وبعضها مفيد جدًا وإن كان غير مشهور، وهو محل تبجيل، ويجب من قبل الإعلام والمؤسسات الاهتمام به، وهنا أتكلم ليس فقط مصريا ولكن عربيا وإسلاميا وعالميا.
أكد أن المؤسسة الدينية في كل دولة لا يلزمها وحدها التجديد ولا تحتكره، فوظيفة المؤسسة رعاية التقاليد والمعايير بالأساس، وكونها دينية فهي أقرب للمحافظة، لكن الأزهر وأي مؤسسة دينية أخرى ليست وحدة صماء هي تنوعات تضم أصواتا مختلفة مع وضد، مجددة وجامدة وتائهة ورشيدة، كله موجود، ولكن التجديد يحتاج أولا وضع استراتيجية فكرية وسياسة ثقافية قابلة للتأثير، ثم التنفيذ وليست مجرد مؤتمرات يدعى لها الأصدقاء أو الخصوم، إنها تفاكر عميق يخرج عملا.
اختتم نسيرة حديثه بالقول: "ظني حين يخرج خطابًا أكثر إنسانية وأكثر حضارية، وأكثر تسامحا ووعيا بالتاريخ، ويسود بين الناس سنقول جددنا في المجال العام دينيا، وما أكثر ما يمكن استدعاؤه وترجمته في هذا السياق، مؤسساتيا ودولتيا وإقليميا حسب نطاق التجديد كمشروع.
جماعات الدم 

آمنة نصير: تأخر تجديد الخطاب الديني أظهر جماعات الدم

بدورها، قالت أستاذ العقيدة والفلسفة والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بفرع جامعة الأزهر بالإسكندرية، آمنة نصير، إن قضية تجديد الخطاب الديني، مسألة حياة أو موت؛ فالإسلام اختتم الأديان السماوية، فلا دين بعده، وحتى يكون قادرًا على هذه الاستمرارية (صالح لكل زمان ومكان)؛ لابد أن يفتح باب الاجتهاد للتعامل مع النصوص الثابتة، لنأخذ منها ما يحتاجه العقل المعاصر.
وعن علاقة ظهور الجماعات الإرهابية، والفكر المتطرف بتأخر في تجديد الخطاب الديني، لفتت الأستاذة في جامعة الأزهر، النظر إلى أن "داعش" وغيره من الجماعات المتطرفه لم تكن لتتعاطى وتأخذ من النصوص الفقهية الجامدة منذ عدة قرون إلا لأن تلك النصوص لم يصبها شيء من التجديد وإعادة فهمها وفق سياقها الزمني الصادرة فيه. قالت: "التنظيمات الإرهابية أخذت بعض النصوص التي لها أسبابها، وأسقطتها على الواقع، لذلك لابد من تقديم معالجات منطقية لتلك النصوص".

إبراهيم: التأخر في عدم التجديد أو رفض الفكرة نفسها يجر الإسلام إلى الخلف
المفكر الإسلامي، ناجح إبراهيم، قال إن تجديد الخطاب الديني، ضرورة؛ لكون التأخر في عدم التجديد أو رفض الفكرة نفسها، يجر الإسلام إلى الخلف، والإسلام يضيع بين التطرف والاستبداد، الناتجان من الفهم الخاطئ للنصوص الدينية، لكن علينا ونحن نتعامل مع هذا الملف أن يكون بحذر أو بمعنى اخر بـ"مشرط جراح ماهر وأهل اختصاص وخبرة".
تابع إبراهيم: "لا يمكن اعتبار جميع الأصوات الداعية للشيء ذاته، ساعية لإنكار الدين، فهناك أصوات عاقلة ترغب في إعادة تقييم الخطاب الديني وجعله أكثر عصرية، وانفتاحًا على الآخر، لذلك لا يحق مصادرة تلك الدعوات".
تابع ناجح إبراهيم: "القاعدة الحاكمة في ذلك السياق، أن نكون مع الثوابت الدينية في صلابة الحديد، ومع المتغييرات في مرونة الحرير"؛ فأهمية الحفاظ على الثوابت لكي لا يكون الدين هلاميًا، ولضمان عدم زواله، أما أهمية تغيير المتغييرات أن يكون الخطاب مرن وملائم للعصر وتطوراته.
وانتقد المفكر الإسلامي الدعوات التي تحاول حصر الدين في القرأن وفقط بإغفال السنة أو الدعوة لتركها، مشيرًا إلى أن تجديد الخطاب الديني لابد أن يخضع لأهل الاختصاص في المقام الأول.