الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

أبرزها إعلان القاهرة "مدينة مغلقة".. 10 حلول من جمال حمدان لمشاكل مصر

الرئيس نيوز

جمال حمدان.. اسم واحد من أنبغ أبناء مصر، إنه الجغرافي الفذ الذي تفرغ لدراسة شخصية مصر والكشف عن عبقريتها المكانية والزمانية.

غير أن "حمدان" وهو يفعل ذلك كان يتصرف بمنطق المحب الحقيقي، لا يدفن رأسه في الرمال ويتغافل عن العيوب، ولا ينسحق أمام نظريات الأعداء، فكانت النتيجة مؤلفات غاية في الأهمية على رأسها موسوعته الفريدة "شخصية مصر".

وفي معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام، اختار القائمون على المعرض جمال حمدان شخصية الدورة الـ51، وهو اختيار في محله تماما وإن بدا أنه تأخر كثيرا.

وُلد جمال حمدان في 4 فبراير 1928 بالقليوبية في الدلتا، وتوفي في 17 أبريل 1993، في حادث غامض يقترن ذكره بالموساد الإسرائيلي الذي قيل إنه قرر التخلص من العالم المصري قبل أن يصدر كتابا عن إسرائيل.

في السطور التالية تجولنا في مؤلفات جمال حمدان، لنضعكم في قلبها ونضع يدنا على 10 حلول اقترحها لمشاكل مصر، سواء اليومية أو السكانية أو الاستراتيجية.

فمن المواصلات إلى التكدس في القاهرة إلى السياحة إلى الصعيد إلى قوة الجيش يقدم حمدان أفكاره بعد دراسات مستفيضة، في كتب عدة، اعتدمنا هنا على اثنين منها هنا موسوعته "شخصية مصر" وكتابيه "القاهرة" و"سيناء".

- تضخم القاهرة.. حل صارم للمشكلة منذ 25 سنة

لاحظ جمال حمدان التكدس السكاني الرهيب للقاهرة، العاصمة العملاقة التي تعتبر المصب لكل الأقاليم في مصر، وكان لديه حل لتلك المشكلة.

يقترح حمدان في كتابه "القاهرة" عام 1996، أي قبل نحو ربع قرن، حلا يراه تأخر لعقود، وهو إعلان القاهرة "مدينة مغلقة" النمو بكل صوره ومظاهره لمدة محددة كعشر سنوات مثلا.

ويشرح فكرته قائلا: "لا يضاف إليها أي تنمية جديدة من مبان أو وظائف أو عاملين أو خدمات أو صناعة، والصناعة بالذات أولا وأخيرا، إلا ما تستلزمه صيانة ما هو قائم بالفعل".

ويضيف: "ليس من المعقول أن تُحشد الصناعة بالتحديد في القاهرة وحولها، فهي أس الداء وجذر المشكلة، وكل عواصم العالم الكبرى صناعتها خفيفة محدودة".

- أزمة المواصلات.. زيادة العدد ليس الحل

لا يرى جمال حمدان أن زيادة عدد المواصلات العامة حلا أمثل لحل أزمة التكدس المروري، بل في التخطيط الجيد للمدن.
يلخص المشكلة في البداية قائلا: "هناك سكانا أكثر من وسائل النقل، ووسائل نقل أكثر من طاقة الطرق".

ويبرر ذلك بأن "طاقة الطرق قاصرة لأن القاهرة الحديثة لم تخطط في القرن الماضي لعصر النقل الميكانيكي (وما كان يمكن غير ذلك)".

ثم يقول إنه لا غرابة في أن زيادة وحدات المواصلات الحديثة ليست حلا للمشكلة بقدر ما هي تضاعفها، لافتا إلى أن زيادة أعدادها تكاد تتناسب الآن تناسبا عكسيا مع سرعة حركتها وسيولة تدفقها.

- السياحة.. النيل هو الحل

بخلاف المناطق السياحية الأثرية، يلفت جمال حمدان إلى فكرة أخرى من الممكن أن تمثل كنزا سياحيا طبيعيا لـ"أم الدنيا".

يقول في البداية: "حقا أن مصر تخلو من الغابات والجبال – قطبي السياحة الباردة- ولكنها تمتلك في النيل ما يمكن أن يعد بمثابة عقد متصل لا ينفرط من البحيرات السويسرية أو الإيطالية مجتمعة".

ويلفت حمدان إلى أن منظر النيل دائم الخضرة والروعة والثراء، وليس متوسط الجمال أو بسيطا كما يصوره البعض، وبالتالي فإن فإنه منظر طبيعي سياحي بدرجة كبيرة.

ثم يشير إلى نقطة مهمة قائلا: "موهبة مصر السياحية تكمن في الأرض بقدر ما تبرز في المناخ، والسياحة في مصر جغرافية في كل معنى بمثل ما هي "تاريخية" إلى أقصى حد".

- السياحة العلاجية.. مصر "مشتى ومصيف"

نوع آخر من السياحة من الممكن أن تستفيد منه مصر على نطاق واسع هو السياحة العلاجية، كتب عنه حمدان في الثمانينيات قائلا إن "مصر تعد مصحا عالميا على مقياس إقليمي هائل لأمراض عديدة كالروماتيزم والبرد وأمراض مناطق الشمال عامة".

وبحقائق الجغرافيا والمناخ يضيف: "كما أنها ذات طبيعة سياحية مزدوجة مناخيا (...) فهي مشتى كما هي مصيف".


- أنفاق سيناء.. فكرة تحققت

هذه فكرة كتب عنها جمال حمدان في كتابه "سيناء في الاستراتيجية والسياسة والجغرافيا" عام 1993، وتحققت بالفعل، عندما أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي مشروع أنفاق القناة قبل سنوات وافتتحها منذ أشهر، لربط أرض الفيروز بالدلتا وباقي الأرض المصرية.

يقول جمال حمدان: "لا بد من سلسلة من الأنفاق تحت القناة تحمل شرايين المواصلات البرية والحديدية مثلما تنقل المياه".
إنه يرى هذه الأنفاق "بمثابة إعادة تحقيق للاستمرارية والوحدة الأرضية بين الوادي وسيناء ولرقعة مصر الجغرافية- السياسية عموما رغم وجود القناة".

- تنمية الأقاليم.. إعادة توزيع الثروة والخدمات

لم ينس جمال حمدين كذلك أزمة فقر الأقاليم بسبب بعدها عن المركز في العاصمة، إذ اقترح حلولا لتنمية المحافظات، وكتب عن ذلك في منتصف التسعينيات.

يقترح صاحب "شخصية مصر" أنه في مقابل إعادة توزيع الثروة بين الأفراد وبالموازاة معها، ينبغي أن تتم إعادة توزيع الثروة والحضارة والخدمات بين أقاليم الدولة.

ويشدد على فكرته قائلا: "لا بد، يعني، من إعادة بناء أقاليمنا وإعادة تأهيلها re- habilitation إلى أقصى حد ممكن ودون أدنى تحفظات أو ذرائع".

- نهضة الصعيد.. مدن مليونية شرق النيل

ولأن الصعيد كيان له خصوصيته، فإن جمال حمدان تناوله أيضا عندما كان يتحدث عن العاصمة، إذ يرى أنه "بجغرافيته الطبيعية يمثل الحل الأمثل للتنمية بكل سخاء ومرونة وحرية، وذلك أساسا على الضفة الشرقية حيث الصحراء والرمل بلا حدود".

ثم يشرح فكرته قائلا: "هناك يمكن مضاعفة أحجام المدن الصعيدية الكبرى أسيوط والمنيا وسوهاج إلى مدن مليونية مع بداية القرن العشرين".

ويتابع: "في هذه المدنة تكفي (...) بضعة كباري على النيل لا تكلف أكثر مما تكلف كباري القاهرة الفاخرة لكي تفتح عالما جديدا أمام هذه المدن على الضفة الشرقية الفضاء".


- الحدود الشرقية.. لا أمان في وجود إسرائيل

من الناحية الاستراتيجية، يرى جمال حمدان أن هناك خطر دائم يهدد مصر على الحدود الشرقية في وجود دولة الاحتلال الإسرائيلي.

يقول بحسم: "لا أمن ولا أمان لحدودنا الشرقية حقا وصدقا إلا بإزالة الوجود الإسرائيلي الغاصب من كل أرض فلسطين الجارة العربية الطبيعية الشقيقة".

- المستقبل الآمن.. لا بديل عن القوة العسكرية

يؤمن جمال حمدان بالقوى الناعمة لمصر كدولة مركزية عملاقة وقديمة، لكنه يشدد على ضرورة القوة العسكرية لهذه الدولة.
يشدد في كتاب "شخصية مصر"، 1982: عاى أنه "لا أمان ولا مستقبل لمصر إلا بالقوة الذاتية، والقوة إنما هي القوة الحربية العسكرية لا السياسية الديبلوماسية فقط".

ويوضح أكثر فيقول: "هي القوة المادية لا المعنوية مهما بلغت هذه من قيمة، وهي قوة النيران لا قوة الدعاية مهما ارتفع صوتها، وهي قوة الاقتصاد لا قوة الإعلام مهما علت أعلامه".

- مستقبل مصر.. مطلوب نظرة مختلفة

يقول جمال حمدان أننا المصريون "إما متفائلون بإسراف يدعو إلى السخرية والشفاق أو متشائمون إلى حد متطرف قابض للنفس"، وينصح بتبني موقف أكثر حكمة من ذلكم عند النظر لمستقبل مصر.

يرى فيلسوف الجغرافيا الراحل: "في النظر إلى مستقبلنا نلاحظ غالبا أن هناك من جهة خطر المتفائلين، إما بسذاجة أو بخبث شديد، أولئك الذين يفضلون خداع النفس لراحة البال على مواجهة الحقيقة المرة "في عينها".

ويكمل: "ومن جهة أخرى هناك خطر المتشائمين المنذرين المحترفين الذين أفقدهم التوتر حسن النسبية الصحيح هم أيضا".  ثم يختم: "باختصار، مصر إما "بخير" دائما، أو "في خطر" أبدا، كلا الحُكمين لا يرى أو يضع الحقائق في حجمها الطبيعي السليم".