الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

"تتكلف 52 مليار دولار".. هل ينجح العراقيون في إخراج القوات الأمريكية من بلادهم؟

الرئيس نيوز


بدا أن مطالب العراقيين بإخراج القوات الأمريكية من بلاد الرافدين لا تزال تأخذ زخمًا كبيرًا في الإعلام من جهة، وفي الشارع من جهة أخرى، خاصة أن الزعيم الصدري، مقتدى الصدر، (أكبر جهة شيعية قادرة على الحشد الجماهيري) هي من باتت تحمل تلك المطالب وتحض الجماهير على الخروج من أجل تحقيقها.

علم "الرئيس نيوز" أن الزعيم الصدري يرفض اشتراك الفصائل والمليشيات التابعة لإيران في التظاهرات التي خرجت أمس الجمعة في بغداد؛ لكونه لا يريد أن يستغل هؤلاء الدعوة للتظاهر للضغط على الحكومة؛ لإجبار القوات لأمريكية على مغادرة البلاد، ونسبها إليهم بوصفهم منفذين لأوامر طهران التي تعهدت بإخراج القوات الأمريكية من العراق ومن المنطقة.

على الرغم من رغبة الزعيم الصدري، إلا أن منظمة بدر، وبعض القوات التابعة للحشد الشعبي، كانت إحدى الجهات المُشرفة على أمن التظاهرة التي حمل خلالها المتظاهرون أعلاماً عراقية ولافتات منددة بالوجود الأميركي.

ولا تبدو المؤشرات الأولية ترمي إلى أن البيت الأبيض ينتوي سحب جنوده من العراق؛ إذ صرّح ترامب في أكثر من موضع أنه لن ينسحب من العراق، وإذ أصرت بغداد على مطلب سحب القوات الأمريكية فعليها أن تسدد فاتورة الحرب التي خاضتها واشنطن من أجل بغداد، لتحريرها من حكم الرئيس الأسبق صدام حسين، ومن الجماعات الإرهابية على حد وصفه.

قال ترامب في موضع آخر القوات الامريكية بنت أكبر مهبط للطيران في الشرق الأوسط في العراق، بكلفة مالية تقدر بـ52 مليار دولار، وإذا أرادت بغداد إخراج القوات الأمريكية فعليها أن تسدد كلفة هذا المهبط.

كان البرلمان العراقي، اتخذ قراراً مطلع الشهر الجاري، أقر فيه بإخراج القوات الأمريكية من البلاد، وكذلك إلغاء أو تعديل اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين.

10 قواعد عسكرية

منذ الغزو الأمريكي لبلاد الرافدين، والعراق يضم عدداً من القواعد العسكرية التي تتفاوت درجات تجهيزها، لكنها جميعًا استراتيجية ومهمة لتنفيذ سياسة البيت الأبيض في العراق.

يعد إقليم كردستان العراق، من بين أكثر المناطق التي تحوي قواعد عسكرية، ففي كردستان العراق وفق اتفاقية مع أمريكا، تملك القوات الأمريكية قاعدة عسكرية وتحديدًا قرب مدينة سنجار، وقاعدة أخرى في منطقتي أتروش والحرير، إضافة إلى قاعدتين حلبجة بمحافظة السليمانية (التي تعد بمثابة اليد الأمريكية التي تمتد في العمق الإيراني)، وقاعدة التون كوبري في كركوك".

وعلى صعيد محافظات الغرب والشمال، فإن القوات الأمريكية لها قاعدتين أحدهما "عين الأسد" والأخرى "الحبانية" في الأنبار، كما أسست واشنطن، قاعدة لقواتها في مطار القيادة العسكري جنوبي مدينة الموصل.

شيدت القوات الأمريكية قاعدة أخرى عند سد الموصل، لكنها ليست بحجم قاعدة القيادة الجوية، وفي محافظة صلاح الدين، تتخذ واشنطن قاعدة (بلد الجوية) مقراً لها للتحكم بطلعات طائرات "إف 16" التي منحتها للعراق مؤخراً، أما في معسكر التاجي شمال بغداد، فتوجد قوة أمريكية لأغراض التدريب، وفقاً لستيف وارن المتحدث باسم البنتاغون.

تظاهرة الصدر ومبادرته

كان الآلاف شاركوا في التظاهرة التي دعا إليها الزعيم مقتدى الصدر، في ساحة الحرية بمنطقة الجادرية قرب جامعة بغداد، وتجمّع الآلاف من المشاركين في التظاهرة منذ ساعات الصباح الأولى، وسط إجراءات أمنية مشددة.

أرسل الصدر رسالة إلى المتظاهرين تضمّنت مبادرة قال فيها إن "الهدف جدولة خروج القوات الأميركية من العراق"، مبيناً ذلك في خطوات عدة، تبدأ بإغلاق "القواعد العسكرية كافة"، و"مقرات الشركات الأمنية"، إضافة إلى إغلاق الأجواء العراقية " أمام الطيران الحربي والاستخباراتي المحتل"، و"إلغاء الاتفاقات الأمنية كافة لغياب التوازن".

فيما طالب دول الجوار بـ"عدم التدخل في تعاملنا مع المحتل في حال بقائه أو رفضه إخراج قواته".

لكن، اللافت هو أن الصدر بيَّن أن تنفيذ تلك البنود سيؤدي إلى التعامل مع أميركا على أنها "دولة غير محتلة"، مردفاً "وإلا فهي دولة معادية العراق، إذا خالفت الشروط والمدة المحددة".

لكنه عاد ليبين أن التزام أميركا بتلك الشروط يؤدي إلى "إعلان توقف مؤقت للمقاومة إلى خروج آخر جندي، والعمل على معاقبة كل من يحاول خرق الهدنة السيادية من أي من الطرفين".

ودعت المبادرة أيضًا إلى "دمج الحشد الشعبي ضمن إطار وزارتي الدفاع والداخلية"، وهذا ما يرفضه قادة الحشد والقوى السياسية المساندة له، فضلاً عن مطالبته بـ"منع كل الجهات الرسمية وغير الرسمية من التواصل الخارجي، إلا من خلال القنوات الرسمية للدولة بموافقات مسبقة".

وفي أول رد فعل سياسي على التظاهرة، قال رئيس الجمهورية برهم صالح، في تغريدة على "تويتر"، إن "‏العراقيين مصرون على دولة ذات سيادة كاملة غير منتهكة، خادمة لشعبها ومعبرة عن إرادتهم الوطنية المستقلة بعيداً من التدخلات والإملاءات من الخارج، دولة ضامنة لأمنهم وحقوقهم في الحياة الحرة الكريمة، دولة في أمن وسلام مع جيرانها".

وقدّم أمين عام حركة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، شكره لمقتدى الصدر، موجهاً رسالة للرئيس دونالد ترمب، قائلاً فيها إن "المليونية كانت واضحة، وإن رسالة الشعب الرافضة كانت واضحة، وإنك إذا لم تخرج بإرادتك فإنك ستخرج رغماً عن أنفك، وهذا وعد المقاومين".

مهمة شبه مستحيلة

الباحث في الشؤون الإيرانية، علي رجب، قال لـ"الرئيس نيوز"، مطالب العراقيين لإخراج القوات الأمريكية، عادلة لكنها تخضع لتعقيدات لا يمكن التغلب عليها بسهولة، أولها أن الأمريكان يدركون تمامًا أن خروجهم من العراق يعني أن إيران باتت الوحيدة المتحكمة في بلاد الرافدين، وهو الأمر الذي لن تقبل بها الإدارة الأمريكية رغم أنه يعلو فيها بعض الأصوات المطالبة بإخراج الجنود الأمريكيان من العراق.

فيما يتعلق بمبادرة الصدر، قال رجب إن الزعيم الصدري وحده القوة القادر على الحشد الجماهيري وعلى توجيههم، إلا أن المليشيات التابعة لإيران لن تقبل بهذه المبادرة؛ لكونها تقضي ضمنيًا إلى حلهم، ودمجهم في القوات النظامية وهو الأمر المرفوض بالنسبة لهم.