الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أخبار

البنك الدولي: نقص 14٪ في مياه بحيرة ناصر أول سنوات ملء "سد النهضة"

الرئيس نيوز


كانت مصر سبّاقة إلى اقتراح قيام "البنك الدولي" بدور الوسيط من أجل التوصل إلى تسوية لملف سد النهضة، على خلفية نجاحه من قبل في التوسط بين الهند وباكستان في سياق إعادة التفاوض على معاهدة إندوس للمياه، ذلك الاتفاق شبه القاري بين الدولتين الذي ظل ساريًا بشكل جيد على الرغم من العداء المتكرر بينهما في مجالات أخرى.

ينطوي إشراك البنك الدولي، في نظر العديد من الخبراء والمراقبين على العديد من المزايا، حيث كان الطرف الذي أطلق مبادرة حوض النيل (NBI) في عام 1999 بشأن إدارة مياه نهر النيل، وبالتالي يتمتع البنك الدولي بخبرة واسعة في هذا الصدد.

طرحت مصر نفس المبادرة على السودان، فمشاركة البنك الدولي توفر حافزًا لوضع إطار قوي للتعاون الإقليمي يمكن من خلاله وضع مشروع متعدد الأغراض يدمج شبكات المياه وشبكات الطاقة والسكك الحديدية والطرق بين البلدان الثلاثة. واعتبرت مصر البنك الدولي منذ اطلاق المقترح بمثابة طرف ثالث محايد في المجال التقني. وأكد وزير الخارجية سامح شكري أن البنك لديه خبرة يمكن أن تسهل التوصل إلى اتفاق داخل اللجنة الثلاثية. وفي 17 يناير 2018، قال الرئيس السيسي إن مصر اقترحت ضم البنك الدولي كوسيط محايد من أجل التغلب على التأخيرات في المفاوضات الفنية وطمأنة جميع المعنيين وقال الرئيس إن الاقتراح المصري بتضمين البنك الدولي هو أمر متروك للإخوة في إثيوبيا والسودان.

وليس أدل على صواب الرؤية المصرية من الدراسة المنشورة التي أجراها خبير البنك الدولي "مايكل جون هاموند"، بالاشتراك مع "بول بلوك" من جامعة ويسكنسون- ماديسون، وآخرون، والتي أكدت أن البنك الدولي على دراية وافية بالملف وأبعاده، ولفتت الدراسة إلى أن عدم إصدار أي سياسة تملي استراتيجية محددة لمعدل ملء خزان سد النهضة يجعل لمرحلة التعبئة هذه انعكاسات واضحة على التدفقات النهائية للمياه في دولتي المصب؛ السودان ومصر، ولفتت الدراسة إلى أن عدة عوامل تزيد من تعقيد الأمر مثل البخر وتقلب المناخ وظاهرة الاحتباس الحراري العالمية.

في هذه الدراسة، استعرض الباحثون مختلف سيناريوهات ملء الخزان وحالات المناخ المستقبلية في وقت واحد، وأجرت الدراسة تقييمًا بالمحاكاة عبر الفترة 2011-2060 على أساس قياسات زمنية شهرية. نظرًا للروافد الوسيطة والتغيرات المناخية والمائية، لتصل إلى وجود علاقة غير خطية واضحة بين معدلات ملء خزان سد النهضة وتدفق المياه إلى المواقع الرئيسية في السودان ومصر؛ على سبيل المثال، رصدت الدراسة انخفاض بنسبة 6٪ إلى 14٪ في تدفق المياه التي تدخل بحيرة ناصر خلال السنوات الخمس الأولى المقترحة من الجانب الإثيوبي لملء الخزان؛ وانخفاض بنسبة 7 ٪ في بحيرة ناصر على مدار 5 سنوات، وهي نتائج تتسق مع بيان الخارجية المصرية الذي يفهم منه أن هرولة أديس أبابا وراء توليد الطاقة الكهرومائية في الوقت الحالي تتم "دون إيلاء الاهتمام بمصالح وحقوق مصر المائية، التي يكفلها القانون الدولي".

كان الغرض من هذه الدراسة مع ذلك، ليس ترجيح سياسة ملء معينة؛ بل هو تزويد صانعي القرار الإقليميين بمجموعة من النتائج المعقولة والمبررة والقابلة للمقارنة للتفاوض والإجماع.

في نهاية الجولة الأخيرة من الاجتماعات الثلاثية بين وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا في أديس أبابا في 9 يناير 2020، أعلنت مصر وإثيوبيا أن المناقشات التي استمرت يومين قد وصلت إلى طريق مسدود مرة أخرى.

قالت مصر إنها حاولت التوصل إلى تقارب في وجهات النظر من خلال تقديم مجموعة من المقترحات الفنية والدراسات العملية التي من شأنها أن تضمن لإثيوبيا توليد الكهرباء بشكل مستمر وفعال خلال فترات الجفاف الشديد دون التسبب في أي ضرر لحصة المياه المصرية. وفي الوقت نفسه، قالت وزارة الخارجية الإثيوبية "اقتراح مصر سيجعل خزان السد يمتلئ في غضون 12 - 21 سنة ".

وحول تاريخ هذه المحادثات المتوقفة، تم الاتفاق، في إطار الجهود الدولية المتنامية لإخماد الخلاف حول سد النهضة، على أن تستضيف وزارة الخزانة الأمريكية اجتماعًا لوزراء الخارجية والمياه في مصر وإثيوبيا السودان لبحث تسوية أزمة سد النهضة بحلول 15 يناير. وبالفعل يتواجد وزير الخارجية سامح شكري ووزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي في واشنطن لحضور الاجتماعات المقرر لها غدًا 14 وبعد غد 15 يناير الجاري وعقد سلسلة من المحادثات مع المسؤولين الأمريكيين والأطراف المعنية الأخرى. كما حضر الاجتماع ممثلون عن البنك الدولي.

وصرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري محمد السباعي أن هناك ثلاث نقاط وراء الجمود بين الدول الثلاث: "أولاً، لم تتوصل البلدان إلى توافق في الآراء بشأن سنوات ملء خزان السد أثناء الجفاف والجفاف لفترات طويلة، وتتمثل النقطة الثانية من الخلاف في آلية تشغيل السد أثناء وبعد ملء الخزان، بينما تتمثل النقطة الثالثة في ربط سد النهضة بجميع السدود الأخرى على النيل، خاصة السد العالي، خلال فترة الملء لعدم التسبب في أي ضرر لدول المصب".

وقبل أقل من شهر، صرح رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بأن إثيوبيا ستتلقى 3 مليارات دولار من البنك الدولي للمساعدة في تعزيز الإصلاحات في اقتصادها التقليدي الذي تسيطر عليه الدولة. وصدر هذا الإعلان بعد يومين فقط من إعلان صندوق النقد الدولي أنه توصل إلى اتفاق مبدئي لمدة ثلاث سنوات بقيمة 2.9 مليار دولار لتمويل الإصلاحات الاقتصادية في إثيوبيا.

لم يقدم آبي المزيد من التفاصيل حول تمويل البنك الدولي. وقال عبر حسابه على تويتر إن شركاء التنمية الذين لم يذكر أسماءهم تعهدوا بأكثر من 3 مليارات دولار بالإضافة إلى تمويل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وأكد أن هذه المساعدات ستوجه إلى الإصلاحات الاقتصادية الكلية والهيكلية والقطاعية.

وكتب أبي "هذا يؤكد من جديد شراكة كل من الحكومات والجهات المانحة لتحويل إثيوبيا إلى دولة مزدهرة وسلمية". وتوالت وعود أبي بفتح الاقتصاد أمام الاستثمارات الخاصة عندما تولى منصبه في عام 2018، بهدف تحديث الخدمات المصرفية والاتصالات والمساعدة في توفير فرص العمل لأكثر من 105 مليون شخص في البلاد.

يذكر أنه في أواخر يناير 2018، رفض رئيس وزراء إثيوبيا السابق هيليماريام ديسالين دعوة مصر إلى دخول البنك الدولي كوسيط للتحكيم بشأن سد النهضة، كان ذلك في أعقاب توقف المباحثات بشأن السد لعدة أشهر كالمعتاد حول صياغة دراسة حول تأثيره الضار على البيئة، وكان وزير الخارجية سامح شكري اقترح منذ ديسمبر 2017 السماح للبنك الدولي بالمساعدة في تسوية الخلاف بين القاهرة وأديس ابابا، ولكن رفض ديسالين جاء متسقًا مع التعنت الإثيوبي المعتاد في هذا الملف. وقتها ادعى ديسالين في مبرراته أن "السعي للحصول على الدعم الاحترافي هو شيء، ونقل التحكيم إلى مؤسسة شيء آخر. ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية التي تديرها الدولة عن هايلمريم قوله "لقد أخبرناهم أن هذا غير مقبول من جانبنا"، وكان ديسالين قد أصر على تلك المماطلة باستخدام عبارات مطاطة فقال: "من الممكن التوصل إلى اتفاق ... من خلال التعاون وبروح الثقة"، وهي كلمات براقة لا تتطابق مع أفعال الحكومة الإثيوبية. وكان السؤال القديم الجديد حول سرعة ملء خزان السد هو الذي يطرح نفسه منذ 2017.