الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

جيهان منصور: لا يمكن فرض الإعلام على الناس كالدواء.. وماسبيرو هو المعضلة و الحل (حوار)

الرئيس نيوز

الدور الملموس الوحيد للهيئات الإعلامية هو دور الشرطي للإعلام 
لا يمكنك التأثير على الرأي العام العالمي وأنت لا تمتلك وسيلة إعلامية محترمة بلغة أجنبية 
عدت من أمريكا عام ٢٠١٨ لتأسيس قناة انجليزية إخبارية لكن المشروع تم إحباطه
غياب مقولة "ادى العيش لخبازه" وانتشار نمط "ادفع تطلع" شوّه تجرتنا الإعلامية
كيف يتصور الإعلامي أن يتابعه المشاهد وهو يدرك تماما أنه يكذب
ملاك الفضائيات ليسوا السبب الوحيد لما وصلنا إليه 
يجب فتح المجال ووقف هجرة الكفاءات الإعلامية المصرية

فتحت الإعلامية جيهان منصور قلبها، خلال حوارها مع "الرئيس نيوز"، حيث تحدثت بصراحة، منتقدةً الصورة التي جعلت الإعلام المصري يتراجع عربياً ودولياً، وقالت إن افتقاد المهنية وغياب الرؤية الموضوعية، كانت أسباباً مهمة في تراجع الإعلام المصري.
جيهان لاتزال حريصة على تذكير الناس بأنها ابنة ماسبيرو، لكنها قالت إنها عادت من الولايات المتحدة الأمريكية عام ٢٠١٨ لتأسيس قناة انجليزية إخبارية لكن المشروع تم إحباطه، وهي واحدة من الإعلاميين الذين يجلسون الآن في المنزل ـ بلا عمل ـ على الرغم من حاجة الإعلام المصري إلى خبراتهم الطويلة، وإلى نص الحوار:
ما الذي ينقص الإعلام المصري خلال هذه المرحلة الحالية من وجهة نظرك؟
ـ ينقصه الوجوه القادرة على كسب مصداقية الرأي العام، وينقصه الجرأة في طرح مواضيع تمس حياة المواطن ومشاكله اليومية، وفتح المجال العام للمعارضة الوطنية الواعية، كما ينقصه وجود سقف حرية أعلى من السقف المتاح حالياً، وببساطة يمكننا تلخيص ذلك في غياب الرأي والرأي الآخر، أما بالنسبة لمتابعة الأوضاع الخارجية، فالمطلوب هو تحليل للواقع العربي والعالمي بشكل واعٍ مدرك للسياسات العالمية للدول الحلفاء والأعداء أيضاً، ووجود خبرات دولية عملت في قنوات عربية وعالمية قادرة على تحليل السياسات الدولية والمصالح والأجندات.
كيف يكسب الإعلام المصري المعركة مع "إعلام الإرهاب"؟
ـ لا يستطيع الإعلام المصري كسب المعركة بدون مصداقية وشفافية مع المواطن، ليس المطلوب أن يشعر الشعب أننا نعيش في الصومال، لكننا أيضاً لسنا في سويسرا، هناك إنجازات تحققت على الأرض لكن هناك أزمات اقتصادية يعيشها المواطن لا يمكن تجاهلها وتهميشها، حتى لا ينصرف عن الإعلام الوطني إلى الإعلام البديل (السوشيال ميديا) أو إلى إعلام أهل الشر.
ومصر تمتلك الكفاءات الاعلامية القادرة على استعادة بريقها الاعلامي، لكن يجب حسن الاختيار وعدم الأخذ بمبدأ المجاملات المعمول بها في أحيان كثيرة وأن تكون الكفاءة هي المعيار وليس أي شيء آخر لأن الدخلاء على المهنة أفسدوا سمعتها وجعلوها مهنة من لا مهنة له، كما أن إحباط المشاهد من بعض الوجوه الموجودة لا يخدم الرسالة الإعلامية المطلوب إيصالها للمشاهدين، الكثير من المهنية والموضوعية والتوازن مطلوب بشدة الآن لتحسين صورة الإعلام المصري.
لماذا لا نجد قناة إخبارية دولية والقدرة على تقديم محتوى يليق باسم مصر؟
ـ مصر لا تنقصها الكفاءات المطلوبة لتأسيس قناة إخبارية عالمية تليق باسمها ومكانتها وتاريخها الإعلامي الطويل، لكن تنقصنا الإرادة والاختيارات الصحيحة لمن يديرون ويعملون في هذه القناة، وأتذكر أنني جئت من أمريكا عام ٢٠١٨ لتأسيس قناة إنجليزية إخبارية، تتحدث باسم مصر للعالم بلغتهم لكن المشروع تم إحباطه، وهناك مليارات تصرف على الإعلام الداخلي لا يشاهدها العالم ولا تحمي مصر من المؤامرات الخارجية، "كأننا بنكلم نفسنا فقط بلا جدوى".
ما تقييمك لتجربة الإعلام خلال السنوات الخمس الماضية؟
ـ الإعلام والفن لا يمكن فرضهما على الناس كالدواء المر، لأن الريموت كونترول هو الحل، إذا كان ما يُقدم لا يرقى إلى مستوى احترام ذكاء المشاهد، في الحقيقة فرض بعض الوجوه فاقدة المصداقية واتباع منهج الصراخ في وجه المواطنين فضلًا عن تخوين كل من يشكو ضيق الحال أو انتقاد مسئول، يجعل هناك حالة من عدم قبول عند المشاهد، وأعتقد أن الافتقار إلى سياسة (ادي العيش لخبازه) جعل بعض غير المهنيين يشوهون وجه الإعلام المصري، وهذا واضح جداً في انخفاض نسب المشاهدة للإعلام المصري في السنوات الخمس الماضية، نضيف إلى ذلك أن سيطرة المفهوم التجاري للإعلان على الإعلام أضرت بالمحتوى المقدم وأفسدت الشاشات بالبرامج المدفوعة، وأصبح منهج "ادفع تطلع" للأسف شوَّه صورة الإعلام المصري.
وما يقدم داخليًا لا يرقى إلى مستوى الحدث ولا ذكاء وفطنة المشاهد، فكيف اضطر كمواطن مصري أن أبحث عن خبر حدث في مصر، بعدما ظهر مثلاً في قنوات أجنبية للأسف، في حين تكون القنوات المصرية مهتمة في نفس الوقت ببرامج الستات والطبيخ، أما خارجياً فكيف يكون لديك تأثير وأنت لا تمتلك وسيلة إعلامية ناطقة بلغة أجنبية تعمل على التأثير في الرأي العام العالمي؟.. وخذ على سبيل المثال قنوات "بي بي سي، الحرة، روسيا اليوم، فرانس ٢٤، الدويتش فيلا الألمانية"، كلها قنوات أجنبية ناطقة باللغة العربية للتأثير في الرأي العام العربي لمصالح الدول الأجنبية التي تملكها، ومصر ليست أقل من تلك الدول لتمتلك قناة انجليزية تخدم مصالحها في العالم.

كيف  تابعتِ عودة وزارة الإعلام إلى الحكومة الجديدة؟
ـ هي خطوة ممتازة تأخَّرت كثيراً، كما أن اختيار الوزير أسامة هيكل اختيار موفق جداً، فالرجل صحفي مخضرم ومثقف وموضوعي، ويشهد له الجميع بالمصداقية، كما أن الإعلام بحاجة إلى عقل واعٍ وحصيف لعمل الاتزان المطلوب بين المصلحة العامة للدولة وحماية مؤسساتها وبين حاجة المواطن للمعلومات وشعوره بأن مشكلاته يتم التعبير عنها بشفافية في الإعلام، وأعتقد أن التخبط بين صلاحيات الهيئات الإعلامية الثلاث، كان سببًا في عدم الاهتمام بالمحتوى والمضمون المقدم في الميديا، لكن وجود وزير للإعلام سوف يسهم في وضع خريطة عمل واستراتيجية واضحة لتقديم محتوى وطني شعبوي مطلوب جداً في هذه الفترة الحرجة.
ما تقييمك لدور المجالس والهيئات الإعلامية؟
ـ لا أستطيع أن أرى دوراً ملموساً لهذه الهيئات، اللهم إلا انتقاد كل البرامج وإيقاف المذيعين وإنذار القنوات، وهو دور شرطي للإعلام في الحقيقة، (فهل سمعت عن دور للهيئات في حماية حقوق الإعلاميين من قرارات التسريح بالمئات والآلاف التي حدثت في السنوات الثلاث الماضية؟) بالطبع لا، وفي الحقيقة كيف تكون نقابة الإعلاميين ناجحة وهي حتى لم تطالب بمستحقات من تم تسريحهم؟، ولم ترسل بمحام ليقف مع مذيع أو إعلامي تم توجيه تهمة إليه كما يحدث مع باقي النقابات المهنية، ليس دور النقابة والهيئات الإعلامية هو وقف المذيعين ووقف البرامج وانتقاد القنوات في مقابل الصمت عن الإجراءات المتعسفة وسلب حقوق العاملين في مجال الإعلام، هذا لا يجوز بمنتهى الصراحة.
ما رأيك في إعادة بعض الوجوه القديمة للشاشات؟ 
ـ يجب فتح المجال لاستيعاب كل الكفاءات الإعلامية المصرية، حتى لا يحدث هجرة للإعلاميين المصريين لقنوات عربية، كما حدث مع عمرو أديب ورشا نبيل ولميس الحديدي، لا يوجد شيء اسمه تطوير بدون الاستعانة بالكفاءات والخبرات كل على حسب نوعية البرامج التي يقدمها والشريحة العمرية للمشاهدين لهذه البرامج، ويجب التنوع فيما تقدمه القنوات ولا يجب تشابه المحتوى ونوعية البرامج، الابتكار والإبداع مفقود إلى حد ما، وتشابه الخريطة البرامجية شيء يصيب المشاهد بالملل، الإعلام هو الانفراد والتجديد وليس التشابه ونقل فكرة البرنامج على كل القنوات بديكور ومذيعين مختلفين، وما يحدث فقر في الإبداع والابتكار وهو غير مطلوب ولا يجعل هناك تميز في الشاشات. 
ما رأيك في مفهوم التطوير الحالي في مبنى ماسبيرو؟
ـ ماسبيرو هو المعضلة وهو الحل، لأن لديه كفاءات قادرة على تطوير العمل لو توفرت لها الإمكانيات المادية والتقنية، كما أن أبناء ماسبيرو المنتشرين في قنوات متعددة ينجحون ويحققون إنجازات كبيرة بسبب الإمكانيات، ولي الفخر أنني من ابناء ماسبيرو تدربت وبدأت كمذيعة أخبار في الإذاعة ومنها انتقلت إلى قناة "العربية" دبي ثم واشنطن في "الحرة" و"روسيا اليوم"، وبعدها عدت إلى مصر في "دريم" وغيرها من القنوات المصرية الخاصة.
ماذا عما يتردد حول دمج نشرة أخبار التاسعة مساء ضمن برنامج توك شو؟
ـ لا أراها فكرة صائبة، لأنّ نشرة التاسعة يشاهدها المصريون من الدلتا للصعيد منذ زمن طويل، ولها ميعاد محدّد ومشاهد خاص، كما أنها تحتوي على فقرة إعلانات وهذا يدل على نسبة مشاهدتها المرتفعة، فلماذا نحاول إفساد منتج ناجح جماهيرياً بضمه إلى توك شو؟ يمكن أن يبدأ التوك شو بعد النشرة أو يبدأ في السابعة وينتهي في التاسعة، كلاهما مقبول للمشاهد في إطار الحفاظ على موعد نشرة التاسعة التي اعتاد أهلنا مشاهدتها في موعدها منذ بداية التليفزيون المصري.
‎هل وجود قناة "اكسترا نيوز" قادر على ملء فراغ القنوات الإخبارية المصرية؟
ـ أعتقد أن القناة تحتاج إلى تطوير كبير، وربما إسناد الإدارة للزميل محمد حلمي بشرة جيدة، لأنه متمكن ولديه الكفاءة لتطويرها، القناة تحتاج لزيادة جرعة التغطيات الحية للأحداث المصرية والعربية والعالمية، وتحتاج زيادة شبكة المراسلين على الأرض في مصر والخارج لمتابعة الأحداث لحظة بلحظة، كما تحتاج إلى بعض الوجوه الإخبارية الخبيرة لعمل توك شو إخباري مسائي ضخم، يغطي الأحداث المصرية والعربية والدولية، بشكل يومي وبتقارير خارجية ولقاءات مع رموز سياسية كبرى من أوروبا واميركا والعالم العربي، في رأيي القناة يمكن أن تكون نواة جيدة للتطوير لتصبح قناة إخبارية دولية ناطقة باسم مصر باللغة العربية لكنها تحتاج للكثير من الإمكانيات المادية والانفرادات والمكاتب الخارجية في مصر والعالم لتكون على مستوى الحدث المصري والدولي أيضاً.
لماذا غابت جيهان منصور عن الشاشة؟
ـ حقيقةً لا أجد إجابة على هذا السؤال، فأنا أتيت من امريكا بعقد مديرة لقناة "الحياة الإنجليزية" التي تم وأدها في مهدها، ثم عملت ٣ أشهر في الحياة، غطيت فيها الانتخابات الرئاسية المصرية ٢٠١٨، ثم برنامج لم يرقْ لمستوى خبراتي الدولية، ثم توقف البرنامج ولم يبلغني أحد عن سبب عدم ظهوري على الشاشة منذ أكتوبر ٢٠١٨ حتى اليوم، "لعل المانع خير يا جماعة"، ونأمل في القادم أن يتم استيعاب كفاءات إعلامية مصرية محترمة تجلس في المنزل بدون أدني سبب واضح.
على من نلقي مسئولية تردي الإعلام المصري خلال السنوات الماضية؟
ـ على سوء الاختيار وعدم الالتزام بالمعايير الإعلامية المعروفة كالتوازن والموضوعية والمهنية، فكيف تتصور أن يتابعك المشاهد وهو يدرك تماماً أنك تكذب، وليس لديك مصداقية، كما كيف تتصور أن يتناسى المشاهد مشكلاته اليومية وانت تصرخ في وجهه وتتهمه بالخيانة والعمالة، اذا تحدث عن مشكلات بطاقات التموين أو ارتفاع فاتورة الكهرباء أو مصاريف المدارس؟.. البعض ملكي أكثر من الملك، وقد يكون المطلوب هو عدم إثارة الرأي العام تجاه قضية محددة، لكن كيف تعبر عن هموم المواطن وتشعره أن صوته موجود في إعلام بلده، تلك هي الحرفية المفقودة في بعض من يظهرون على الشاشة ويعتقدون انهم يخدمون مصلحة البلاد وهم السبب الاول لهجرة المشاهد للشاشات المصرية للأسف! يمكنك اذا كنت محترفاً أن تقوم بالخلطة المناسبة بين الصالح العام للدولة وصوت المواطن المطحون، وخذ على سبيل المثال الزميل محمد علي خير وبرنامجه على قناة "القاهرة والناس" لديه نسبة مشاهدة كبيرة وهو بالتأكيد صحفي وإعلامي وطني محترم.
‎هل نمط الملكية للوسيلة الإعلامية يؤثر على جودة ما تقدمه؟
ـ لا يهمنى من يمتلك لكن "ادي العيش لخبازه"، إذا كنت تمتلك أرضاً وأردت بناء منزل، فستستعين بمهندس انشاءات متخصص حتى لا يقع المنزل على رؤوس قاطنيه!، ليس لدي مشكلة فيمن يملك الوسيلة الإعلامية لكن لدي مشكلة في كيفية الإدارة وحسن اختيار من يقدمون البرامج وفرق الإعداد وغيرها، وأتساءل هنا لماذا تم تسريح هذا العدد الكبير من العاملين بالقنوات الفضائية ثم النتيجة كانت: عدم رضى الحاكم والمحكوم عن المنتج الإعلامي؟ إذن لابد من تغيير السياسات وحسن اختيار من يطبقون تلك السياسات والخروج خارج الصندوق المغلق لإعلاميين معينين يتم التعامل معهم في لعبة أشبه بـ "الكراسي الموسيقية"، يتم نقلهم داخل القنوات من هنا إلى هناك، دون اللجوء إلى العدد الكبير ممن تم تسريحهم، وكانوا من أكفأ الإعلاميين لا لأي سبب أو خطأ ارتكبوه 
هل تسبب رجال الأعمال ملاك الفضائيات فيما وصلنا إليه؟
ـ لا أحب التعميم، هناك رجال أعمال ملاك لقنوات فضائية استغلوا منصاتهم للتملق لكل الأنظمة من مبارك إلى الإخوان ومازالوا مستمرين لتحصيل مكاسب مادية، هناك آخرون كانت لهم مواقف سيئة في أكل حقوق العاملين لديهم وإثقال كاهل قنواتهم بالديون للمنتجين والفنانين، حتى سقطت قنواتهم في بئر الإفلاس، وهناك رجال أعمال كانت لديهم مواقف وطنية محترمة، كانوا ضد الإخوان ومع الشعب ومؤسسات الدولة ضد الحكم الظلامي ومنهم أحمد بهجت (دريم)، نجيب ساويرس (اون تي ڤي)، علاء الكحكي (النهار) محمد الأمين (سي بي سي)، وأعتقد أن اليوتيوب موجود والجميع يستطيع مراجعة مواقف تلك القنوات في عهد الإخوان، بالعكس كانت تلك القنوات منصات تقصف جبهات الاخوان يومياً وكان الشعب يلتف حولها ويصدق ما تقدمه واستطاعت أن تحظى بنسب مشاهدة عالية جداً، وتهزم قنوات الإخوان وتسقط نظامهم.