الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

هل ينافس "إيست ميد" الإسرائيلي مصر على مركزية الطاقة في شرق المتوسط؟

الرئيس نيوز

أثار الاتفاق الثلاثي بين (إسرائيل واليونان وقبرص) الذي تم توقيعه مطلع يناير الجاري، ويقضي بإنشاء أنبوب لتصدير الغاز الإسرائيلي المستخرج من المياه العميقة في المتوسط، ومده إلى قبرص ثم إلى اليونان وأخيرًا إلى السواحل الإيطالية حيث أنابيب الغاز المتجهة إلى أوروبا، تساؤلات حول مدى تأثيره على خطط مصر المستقبلية المتعلقة بالتحول إلى مصدر للغاز الطبيعي المستخرج من المتوسط بعد إسالته.

وتحوي منطقة شرق البحر المتوسط احتياطات تصل إلى نحو 223 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي ونحو 1.7 مليار برميل من الزيت الخام و6 مليارات برميل متكثفات، وفقا لدراسات المساحة الجيولوجية الأمريكية، وهو ما أشعل المنافسة بين دول شرق المتوسط.

"الرئيس نيوز" يسعى إلى الإجابة عن هذه الشواغل، بطريقة مبسطة وبعيدة عن المصطلحات الاقتصادية المعقدة:

ما هو مشروع إنشاء خط أنبوب الغاز "إيست – ميد"؟

يقول أستاذ هندسة البترول، رمضان أبو العلا، إنه مشروع لإنشاء خط أنبوب لنقل الغاز الإسرائيلي المستخرج من المياه العميقة في البحر المتوسط وتحديدًا من حقل "ليفياثان" الذي يقع في المياه الاقتصادية الإسرائيلية.

والمستهدف من المشروع، هو أن يتم مد أنبوب الغاز من إسرائيل إلى قبرص إلى جزيرة كريت اليونانية، ومنها إلى السواحل الإيطالية حيث الأنابيب التي تنقل الغاز إلى أوروبا.

أنبوب "إيست – ميد" متوقع أن يبلغ طوله نحو (1100) كيلوامتر، على عمق يصل إلى (3000) كيلوامتر، وهو الأمر بالغ الدقة والصعوبة، ومن المرجح أن تصل كلفته إلى 7.5 مليار يورو، وهو المبلغ الضخم الذي يحتاج إلى تمويل كبير.

 

ماذا عن الجدوى الاقتصادية لمشروع "إيست – ميد"؟

أوضح الخبير البترولي، رمضان أبو العلا، أن تقارير شركات بترول أمريكية عالمية، تحدثت عن عدم جدوى المشروع، من الناحية الاقتصادية. وبررت تلك الشركات موقفها بعدما أجرت مجموعة من الدراسات المتعلقة بالمشروع، منها كلفة إنتاجة، والمستهدف منه.

بحسب أبو العلا: "حتى الآن الاكتشافات في تلك المنطقة والاحتياطات الموجودة فيها لا تحتمل مد أنبوب بكل هذه الكلفة المالية الباهظة (نحو 7.5 مليار يورو)، كما أن الكميات المقرر نقلها خلال هذا الأنبوب كلفتها لا تساوي تلك كلفة إنشاءه.

هل لهذا المشروع تأثيرات على خطط مصر المستقبلية بشأن التحول لمركز إقليمي لتصدير الطاقة؟ 

لا أتصور ذلك، ولا أستطيع الجزم بأسباب إثارة ذلك المشروع في الوقت الحالي، اللهم إلا إذا كانت رسالة إلى مصر مفادها بأنه يوجد طرق أخرى يمكن من خلالها تصدير الغاز إلى أوروبا، لكن هذه الرسالة أيضًا غير صحيحة؛ فأنبوب "إيست – ميد" يشبه بمن يقارن العبور إلى أوروبا عن طريق "رأس الرجاء الصالح" والعبور من "قناة السويس"، فالأخيرة مجهزة وآمنة ومتاح فيها خدمات لوجستية، بينما الأول ليس مجهزًا ويحمل مخاطر كثيرة".

مصر لديها محطتين لإسالة الغاز، لذلك هي تمتلك البنية التحتية لمشروع إسالة الغاز، كما أن لديها موانئ تطل على البحرين الأحمر والمتوسط، ومن الممكن أن تستغلهما في شحن الغاز المسال إلى أي دولة تريده. 

ومن أشكال التجهيزات للخطط المصرية، توقيع شركة دولفينوس المصرية، مع الحكومة الإسرائيلية، في فبراير 2019، استيراد 64 مليار متر مكعب من الغاز خلال 10 سنوات بـ15 مليار دولار. وفي سبتمبر 2019 مصر وقعت اتفاقًا مع قبرص لإنشاء خط أنابيب يربط حقل أفروديت بمنشآت تسييل الغاز في إدكو ودمياط، وهو الأنبوب الذي سيصل كلفته نحو مليار دولار، ومن المقرر إنه ينتهي في 2024.

وبذلك مشروع "إيست – ميد" لا يمكن أن يكون منافسًا لمصر بأي حال من الأحوال.

 

لكن هناك دولًا أوروبية شجعت إسرائيل على المشروع؟

يقول الخبير الأكاديمي، إن الهدف من التشجيع سياسي بحت من دون النظر إلى الجدوى الاقتصادية من عدمها بالنسبة لإسرائيل؛ فأوروبا تريد تقليل الاعتماد على إمدادات الغاز الروسي إليها حتى لا تقع فريسة لابتزاز موسكو مثلما حدث خلال الأزمة الأوكرانية حينما قررت روسيا قطع إمدادات الغاز عنها، لكن احتياطيات الغاز في تلك المنطقة لا تفي باحتياجات أوروبا من الغاز".

وتشير تقارير إلى أن أوروبا تستهدف خلال تلك المرحلة بدء الاعتماد التدريجي على "الطاقة الخضراء"، "المتجددة" (الشمس والرياح)، وأن مساهمتها في عمليات تمويل مشاريع تتعلق بالطاقة (النفط والغاز) ستكون في أضيق الحدود.

 

ما هي تكنولوجيا تصدير الغاز؟

يقول الخبير البترولي، إبراهيم زهران، إن المقصود بإسالة الغاز، تبريده حتى 161 درجة مئوية تحت الصفر. وهي العملية التي تقلل من حجم الغاز إلى ما يقارب من 1\600 من حجمه مقارنة بحالته الغازية. الأمر الذي يسهل تخزينه ونقله بأمان إلى أي مكان.

والغاز المسال سهل التخزين، ومن الممكن جلبه في أي وقت؛ لإنه ممكن استيراده بسفن الشحن في الموانئ البحرية، وهو لا يحتاج خطوط أنبابيب تحت المياه لتوصيله، وأسعاره معقولة جدًا. ومنظمة الطاقة الدولية "IEA" أصدرت تقريرًا بتتوقع فيه نمو سوق الغاز المسال وارتفاعه لـ 26% حتي عام 2024. إلا أنه أشار إلى احتياطيات الغاز في مصر محدودة بالمقارنة للنمو السكاني الكبير فضلًا عن المشاريع الاقتصادية العملاقة التي تتجه لها مصر وتعتمد بشكل أساسي على الغاز، لذلك أعلن تحفظه على تصدير  الغاز؛ وقال إن الأولى سد احتياجات السوق المحلي، وما تحتاجه المشاريع الصناعية، والبقية تدخل في الصناعات البتروكيماوية وهي الصناعات ذات عائد الاقتصاي كبير. بحسب وصفه.