الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

عمرو قورة: الأموال التي وجِّهت للإعلام الخاص كان الأولى توجيهها لماسبيرو (2-2)

الرئيس نيوز

القائمون على الإعلام غاضبون من "غرفة صناعة الإعلام" ولا يعتبرونها قائمة

تدخل الدولة في الإعلام جاء بسبب تغول بعض الإعلاميين وشعورهم بأنهم جزء من الحكم

عودة  نفس رجال الأعمال إلى المشهد الإعلامي فكرة خاطئة لكنه قرار اقتصادي

عدم تقبل النقد والنصيحة المخلصة والتخوين أبرز عيوب "الإعلام المصري"

الدمج قضى على هوية القنوات

"لماذا يتم إقصاء إعلامي ولماذا يعود؟ إحنا مبقيناش فاهمين حاجة"

بعض شركات الإعلانات من أسباب فساد سوق الإعلام

كشف الخبير الإعلامي عمرو قورة، جوانب من أسباب الخسائر التي مُني بها قطاع الإعلام خلال السنوات الماضية، لافتاً إلى محدودية سوق الإعلان، معلقا على تعيين وزير دولة للإعلام الكاتب أسامة هيكل، الذي كان يحلف اليمين الدستورية أثناء إجراء الجزء الثاني من هذا الحوار، مشيرا إلى أن العلاقة بين الوزير ورؤساء الهيئات الإعلامية الثلاث يجب أن تكون كعلاقته برؤساء قطاعات ماسبيرو.

وإلى نص الحوار:

رأيك في قرار عودة منصب وزير الإعلام مع وجود 3 هيئات منصوص على اختصاصاتها في الدستور؟

ـ أؤيد قرار عودة وزارة الإعلام، لأننا بحاجة إلى من نتحدث معه فنياً وتقنياً وتسويقياً، وخلال الفترة الماضية لم تكن هناك حلقة وصل بين صناع الإعلام والقائمين على المنظومة الإعلامية.

ماذا عن تضارب الاختصاصات المحتمل بين الوزير والهيئات؟

ـ العلاقة بينها يجب أن تكون كعلاقة الوزير برؤساء قطاعات ماسبيرو، وأضاف (بصراحة مش شايف سبب لوجود الهيئات الثلاث سوى أنها موجودة في الدستور)، ويجب أن يتولى الوزير مسئولية توزيع الاختصاصات والمسئوليات على هذه الهيئات، طالما هناك إصرار على استمرارها.

هل تداخل الدولة في الإعلام خلال السنوات الأخيرة ترك أثراً على الإعلام بالسلب أم بالإيجاب؟

ـ في البداية دعونا نتفق على أن الدولة كانت تستهدف حل مشكلة الإعلام، ما جعلها تتداخل بشكل كبير في الإعلام الخاص، بعد أن غاب الانضباط وأصبحت الأمور في غاية الخطورة، ومن أبرز مشاكل مرحلة ما قبل تدخل الدولة حالة التوحش والتغول التي وصل إليها بعض الإعلاميين، وتعاملهم مع الدولة كأنهم أصحاب فضل عليها  في "ثورة 30 يونيه" 2013، واعتبروا أن من حقهم أن يكونوا شركاء في الحكم، وبدأ بعضهم في التغول على مؤسسات الدولة، أما الأزمة الثانية التي كان يعاني منها الإعلام فحالة المغالاة في أجور الإعلاميين بشكل جنوني تدعونا للضحك عندما نسمع هذه الأسعار، فلكم أن تتخيلوا أن أجر معد البرنامج لا يتجاوز 5% من أجر المذيع، برغم أنه أساس الشغلانة وأصلها، ونضيف إلى هذه الأزمات محاولات بعض رجال الأعمال الضغط على مؤسسات الدولة من خلال قنواتهم، وابتزازها لتحقيق مصالح خاصة بهم، كل هذه الأمور كانت تتطلب تدخلاً مباشراً من الدولة.

ورغم مشروعية تدخل الدولة في الإعلام إلا أن الفكرة لم تكن جيدة بالشكل الكافي، فكان الأفضل أن يكون تدخل الدولة لضبط الأداء والرقابة ووضع سقف للأجور.

ماذا عن فكرة التطوير القائمة حالياً؟

ـ للأسف الشديد المنظومة تعمل بنظام التجربة، وهذا أمر صعب جداً ومرهق، ويستنزف وقتاً طويلاً، فلا يصح أن يكون التطوير عبارة عن نقل إعلامي أو إعلامية من قناة إلى قناة أخرى، فلا يمكن اعتبار هذا الأمر تطويراً، ولا يؤتي ثماراً حقيقية، طالما الاستراتيجية والتوجه كما هي في القناة، ومشكلة الإعلام حالياً أصبحت الخسائر المادية الكبيرة، وهذا الوضع لا يمكن وصفه إلا بأننا نلقي بالأموال في حفرة كبيرة بدون عائد سواء مادي أو معنوي، خاصة أن جميع البرامج أصبحت متشابهة، وتقدم المحتوى نفسه، وتناقش نفس الموضوعات بذات المعالجات، ودون وجود معلومات جديدة أو مختلفة، وأصبح الإعلام كله صوتاً واحداً في الصحافة والتليفزيون، بصفة شخصية أرى أن الدولة كان يجب أن توجه الأموال التي وجهت للإعلام الخاص إلى ماسبيرو لتطويره، بدلاً من الإعلام الخاص، خاصة أن سوق الإعلانات لا يحتمل ظهور قنوات جديدة بهذا الكم المبالغ فيه.

لكن ماسبيرو كان يعاني من أزمات كبيرة وعدم ثقة من المشاهدين.. فكيف يتم ذلك؟

ـ بالطبع كان يمكن أن يتم تغيير هذا الانطباع، من خلال دعم ماسبيرو وتطويره وضخ مبالغ كبيرة لهذا التطوير، ولكن برؤية مختلفة عما جرى ومن خلال الاستعانة بأهل الخبرة، فما تم صرفه على الإعلام خلال هذه السنوات كان من الممكن أن يغير ماسبيروتغييراً تاماً، ليصبح رقماً مهماً في المعادلة الإعلامية.

هل السوق الإعلاني يستوعب كل هذا الكم من القنوات؟

ـ كان الأولى أن نعيد لماسبيرو الثقة وتخصيص هذه المبالغ لماسبيرو، والسوق محدود جداً ولا يوجد مقاييس حقيقية لنسب المشاهدة والأمور تسير بالشطارة فقط، وأطالب بوضع قوانين تنمع إنشاء أو إطلاق قنوات جديدة، خلال الفترة المقبلة لأن السوق لا يحتمل إطلاقاً، في الحقيقة لا يمكن أن نقول أكثر من أننا أردنا إصلاح منظومة فاشلة، فقمنا بتخريبها بشكل أكبر ولكن دون عمد وبنية سليمة،.

لماذا لا تتحدث "غرفة صناعة الإعلام" في هذه الأمور وتناقشها؟

ـ لا أخفيكم سراً الغرفة مغضوب عليها، أو بمعنى أدق لا يتم التواصل معنا، ولا يحضر القائمون على المنظومة الإعلامية اجتماعات الغرفة، منذ فترة طويلة، وكأنها لم تكن، ونحاول دائماً التواصل مع وزير التجارة والصناعة، لأننا غرفة صناعة، فالقائمون على الإعلام حالياً لا يرونا ولا يعتبرون الغرفة قائمة، على الرغم من أننا نجتمع ونتناقش دائماً ولكننا عدد محدود، وليس لنا أي صفة لاتخاذ قرارات تصب في صالح الإعلام.

هل كانت هناك خسائر كبيرة في ظل امتلاك رجال الأعمال للقنوات؟

ـ بالطبع كانت هناك خسائر أيضاً، ولكنها كانت موزعة بين مجموعة من القنوات والملكيات المختلفة، وهناك بعض رجال الأعمال ملاك القنوات لا يستهدفون ربحاً من قنواتهم، فلكي تطلق قناة على الهواء تحتاج ما يقرب من 12 مليون جنيه مبدئياً والقنوات التي تبث من مدينة الإنتاج عددها يقرب من 30 قناة، وجميعها تقدم مادة متشابهة والقناة تحتاج 360 مليون جنيه للتشغيل فقط، في حين أن إجمالي عائد الإعلانات لا يزيد على 2 مليار جنيه، فكيف يتم توزيع هذا المبلغ على كل هذه القنوات؟.. فستجد مثلاً 3 أو 4 قنوات جميعها تقدم نفس المحتوى، وهذا أمر غير طبيعي بالمرة، وعلى الدولة أن تمنع إطلاق قنوات جديدة في المستقبل القريب، وسيقول البعض إن الدولة تتدخل وتمنع القنوات، ولكن مش مهم، لأن هذا الكلام سيقال سواء منعت الدولة أو لم تمنع، المهم ضبط المنظومة ووقف نزيف الخسائر.

يتردد مؤخرا نية الدولة في إعادة بعض رجال الأعمال إلى المشهد الإعلامي.. هل هذا هو الحل؟

ـ أرى أن عودة نفس رجال الأعمال للمشهد خطأ جداً، خاصة من كانوا موجودين سابقاً، وبصفة شخصية أرى أن هذا الأمر اقتصادي بشكل أكبر من سياسي، حتى يتحمل هؤلاء جزءاً من الخسائر المادية الكبيرة، ولو الدولة تفكر في هذا الأمر فعليها اختيار رجال أعمال من خارج دائرة الإعلام تماماً ولم يسبق لهم التواجد في سوق الإعلام من قبل.

هل قضت عملية الدمج التي حدثت مؤخراً على هوية القنوات المندمجة؟

ـ بالطبع قضت على هوية القنوات، فلا يوجد شخصية لكل قناة ولا نعلم من هم الشريحة المستهدفة من كل قناة، فجميع القنوات أصبحت شكلاً واحداً، ولا تخاطب شريحة بعينها من الجمهور، والمحتوى أصبح متشابهاً، وكان يجب أن يكون الدمج إدارياً وليس تحريرياً، وأعتقد أنهم تفهّموا هذا الأمر مؤخراً، ويقومون بالفصل التحريري بين الشبكات، والعنوان الرئيسي الذي يمكن أن نطلقه على هذه المرحلة أن كل ما جرى كان صحيحاً ولكن طرق التنفيذ هي الخطأ، بعني أن الأهداف كانت سامية والنوايا سليمة، ولكن تنفيذها جانبه الصواب.

هل كان على الدولة أن تقصي  الوجوه القديمة من إرث مبارك الإعلامى؟

ـ كان علينا أن نترك الجميع ونجعل الأيام تنقِّح الشاشات، فما جرى أنه تم إقصاء البعض بدون أسباب واضحة وإعادتهم بدون أسباب واضحة أيضاً، وأصبحنا مش فاهمين حاجة، لماذا يتم الإقصاء ولماذا تتم الإعادة.

ما رأيك فى عملية صناعة وجوه جديدة؟

ـ فكرة التليفزيون في حد ذاتها تتطلب صناعة النجوم، ولكن هنا يتم صناعتهم بطريقة خاطئة، فلا يوجد تأهيل ولا تدريب، ولكن يتم تصديرهم للجمهور بصورة مباشرة، وصناعة النجم التليفزيوني تتطلب أموراً كثيرة ووقتاً طويلاً، وما يزعجني في الإعلام المصري فكرة "التوك شو"، فلا يوجد في العالم بأكمله قناة عامة ورئيسية تقدم برامج توك شو، فهذه البرامج تناسب قنوات الأخبار فقط، فمثلاً فوكس نيوز وcnn وغيرها من القنوات الإخبارية الكبيرة هي التي تقدم توك شو، وستجدون مثلا قناة cnn بها 4 برامج توك شو كل برنامج مدته ساعة واحدة، ويبدأ بثها جميعاً من 8 إلى 12 مساء، إضافة إلى ذلك أن كل برنامج لديه معالجته الخاصة للأمور ويوجد اختلاف تام في التناول وطريقة عرض وجهات النظر، ولكن هنا تجد جميع البرامج متشابهة حتى في افتتاحيتها، وللأسف هذا يجعل المشاهد ينفر من قنواتنا وبرامجنا ويتجه إلى القنوات المعادية، للبحث عن المعلومة، وبرغم أنهم كاذبون ومدعون ومأجورون ولكنهم قادرون على تقديم رسالتهم المسمومة بذكاء وخبث، ونعاني أيضا من مشكلة كبيرة وهي عدم تقبل النقد والنصيحة المخلصة، ومن يقول رأيه يتم تخوينه ويتعرض لحملات سباب وشتيمة وإهانة تجعله يشعر بعدم الثقة وعدم الأمان.