الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"مدارس الشعب".. قصة تطور قصور الثقافة في 75 سنة

صورة ناردة للجامعة
صورة ناردة للجامعة الشعبية- المسمى الأول لقصور الثقافة



5 تسميات من 1945 إلى 1989.. أحمد أمين المؤسس.. وانطلقت من وزارة المعارف
بدأت مهمتها بتعليم الكبار وتوعية الشعب.. وثورة يوليو استحدثت فكرة "القافلة الشعبية"
فاروق أيّد أهدافها بمرسوم ملكي.. عبد الناصر كلّفها بنشر الوعي القومي.. ومبارك حوّلها لهيئة مستقلة


تاريخ طويل لقصور الثقافة التي تنتشر في ربوع الجمهورية بهدف توعية المواطنين ورفع المستوى الثقافي لهم من خلال الأنشطة المختلفة مثل السينما والمسرح والمكتبات.
أكثر من 70 سنة مرت على إنشاء "مدارس الشعب"، التي يُعهد إليها بتوعية الموطنين، انتقلت خلالها من وزارة إلى أخرى، وتنوعت أنشطتها وأهدافها، وتولى مسئوليتها شخصيات معروفة في تاريخ مصر الثقافي.
في السطور التالية، يستعرض "الرئيس نيوز" تاريخ قصور الثقافة من التأسيس إلى الوقت الحالي الذي وجّه فيه الرئيس بإعادة تأهيلها، وهو التاريخ الذي يرصده بالتفاصيل كتاب "الجمهورية الغائبة.. التاريخ الحي للثقافة الجماهيرية"، للكاتب إيهاب شام، والصادر في بداية العام الحالي، 
نشأت قصور الثقافة في البداية تحت مسمى "الجامعة الشعبية" عام 1945، على يد المفكر والكاتب الراحل أحمد أمين، لتعليم الكبار وتثقيف الشعب.
وصدر قرار إنشاء الجامعة الشعبية من عبد الرازق السنهوري باشا وزير المعارف العمومية آنذاك، وعمل بها عدد من الشباب العاملين في الإدارة الثقافية بالوزارة، ممن كانوا يستلهمون بعض التجارب الدولية في ميادين تعليم الكبار أو تثقيف المواطنين.
حظيت "الجامعة الشعبية" بإقبال كبير سريعًا، وانتشرت في سائر أقاليم مصر ووصل عدد فروعها إلى خمسة عشر فرعا، وبعد ثلاث سنوات، أي عام 1948 صدر مرسوم ملكي بتأييد إنشاء "الجامعة الشعبية"، بجانب تعديل الاسم إلى "مؤسسة الثقافة الشعبية" على أن تعمل من أجل نشر رسالتها في سائر أرجاء المملكة.
كان هذا في عهد الملكية، أما بعد قيام ثورة 23 يوليو فقد تقرر في عام 1958 نقل مؤسسة الثقافة الشعبية من وزارة المعارف إلى وزارة الثقافة والإرشاد القومي، وتغير اسمها إلى "جامعة الثقافة الحرة".
منذ ذلك الوقت أصبح مهمة "جامعة الثقافة الحرة" نشر الوعي القومي في العاصمة والمحافظات، وتقديم رسالة بالمعنى الواسع، وذلك وفقًا للقانون رقم 692 لسنة 1958 في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
وبحسب كتاب "الجمهورية الغائبة"، فإن جامعة الثقافة الحرة نجحت في الاتصال بالطبقة العاملة، وفتحت أبوابها للعمال للالتحاق بمختلف شعبها وبرامجها الثقافية، كما وثقت علاقتها بالنقابات العمالية فقدمت العروض السينمائية، وأدارت الندوات الفنية بإعلان مولد مؤسسة الثقافة العمالية، فأصبحت بعد ذلك جزءًا حيويا في التنظيم النقابي العمالي.
التطوير الإداري الآخر كان عام 1963 عندما أُلحقت "جامعة الثقافة الحرة" بمصلحة الاستعلامات، لكن ذلك، وفقا للمؤلف، أثّر على أداء رسالتها تأثيرا سيئا.
رغم ذلك، كما يذكر الكتاب، "تم إيفاد مجموعة من العاملين إلى بعثات خارجية، وكان أولها عام 1961 فقد تم إيفاد وفد من المبعوثين إلى يوغسلافيا لتلقي الدراسة في المسرح والسينما والموسيقى والفنون التشكيلية والمكتبات والتنظيم والإدارة، وقد تم تصنيع المسارح والمكتبات المتنقلة على سيارات من نوع خاص ومجهزة لنقل تلك الخدمة إلى الريف والقرى".
ولأنه لم يكن قد أُنشئ قصر ثقافة في كل مدينة أو وحدة محلية، تقرر إنشاء جهاز متحرك يجوب القرى والمدن متمثلا في مشروع سُمي "القافلة الثقافية"، بدأ العمل به في عام 1960.
كانت "القافلة الثقافية" عبارة عن عربة تحمل ألوانا مختلفة من المعارف، مثل الكتب والسينما ووحدة إذاعة إلى جانب الأخصائيين الذين سيقومون بتلك المهمة وإمداد الجمهور بالخدمة الثقافية.
بعد عدة سنوات تقرر تغيير اسم المؤسسة مرة أخرى، ففي 11 نوفمبر 1966 أصدر الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة آنذاك القرار الوزاري رقم 30 بتعديل تسمية جامعة الثقافة وقصور الثقافة إلى الإدارة العامة للثقافة الجماهيرية، ومقرها جاردن سيتي.
ظلت "الثقافة الجماهيرية" بمسماها ذلك لمدة 23 سنة، وذلك عندما تغير للمرة الأخيرة إلى "الهيئة العامة لقصور الثقافة" وفق القرار الجمهوري رقم 63 لسنة 1989، الذي نص على أنها تهدف إلى المشاركة في رفع المستوى الثقافي، وتوجيه الوعي القومي للجماهير في مجالات السينما والمسرح والموسيقى والفنون الشعبية والفنون التشكيلية وخدمات المكتبات في المحافظات.
وطوال الثلاثين سنة الماضية، احتفظت الهيئة بمسماها الأخير، لكن طالها الإهمال مع محاولات عديدة للتطوير كانت في الأغلب تصطدم بواقع تراكم لعقود طويلة إلى الأسوأ.