الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

محمد عبد العزيز يكتب: لماذا أشفق على وزير الإعلام؟!

الرئيس نيوز


 

أشفق على الوزير أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام، وبأكثر من أي وزير آخر في الحكومة، ليس فقط للتضارب الذي قد يحدث بين حقيبته الوزارية وبين الهيئات المنظِّمة للإعلام: "الهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام"، بل لأن ملف الإعلام كله في هذه المرحلة يشهد تحديات كبرى، أقلها بكل تأكيد هو ذلك التضارب الذي قد يحدث بين صلاحيات الوزير وصلاحيات الهيئات الإعلامية، وبدأت بشائره بالتصريحات غير المرحِّبة التي صدرت للعلن من داخل تلك الهيئات، وغيرها الكثير لم يخرج للعلن لكنه يتردد بقوة داخل أروقتها، ويمكن أن يلاحظه أي متابع للمشهد، والبعض – عن سوء فهم أو سوء نيَّة – حمّل الدستور هذه المعضلة، والحقيقة أن الدستور حين نص على صلاحيات "تنفيذية وإدارية" للهيئات الإعلامية لم يعنِ ذلك إلغاء وزارة الإعلام، لكن قرار وجود وزير للإعلام من عدمه هو قرار سياسي في الأساس، والأمور واضحة فالصلاحيات التنفيذية في يد الهيئات الإعلامية بنص الدستور، لكن وزير الدولة للإعلام هو المسؤول عن رسم السياسة الإعلامية العامة، الحقيقة أن فكرة الوزير "السياسي" القائم على رسم سياسات عامة تقوم الأجهزة التنفيذية بتنفيذها، أمر غائب عن مصر منذ فترة ليست بالقصيرة، والوزيران الوحيدان اللذان جاءا من خلفية سياسية في الحكومة الحالية هما د. علي المصيلحي وزير التموين وأسامة هيكل وزير الدولة للإعلام، وباقي الوزراء من خلفيات تكنوقراط فنية، بعيدين كل البعد عن السياسة وممارستها.

صاحَب اختيار الوزير أسامة هيكل ارتياح داخل الوسط الإعلامي، ما عدا قيادة الهيئات الإعلامية، فالجميع المعنيون بملف الإعلام يشعرون بالأزمة، وأكثر ما يجعلني أشفق على الوزير هو انتظار الجميع بمجرد عودة منصب الوزير لتُحل الأزمات تباعاً، وسقف الطموحات العالي جداً للمهتمين بالملف، وطبعاً نتيجة للقدرات العالية التي يعرفها الجميع عن شخص الوزير، فهو سياسي وصحفي ورئيس تحرير سابق، ووزير سابق وبرلماني لامع، أي أنه يمتلك من الملكات ما يجعله اختياراً موفقاً في هذه المرحلة، لكنني لا أريد أن أكون محبطاً، وأؤكد أن وجود وزير للإعلام من عدمه ليس وحده حل لأي من المشاكل المطروحة على مائدة الإعلام، صحيح وجود وزير سيساعد بشكل محدد كما ذكرت في رسم سياسة واضحة للإعلام، لكن ذلك كله سيبقى في إطار إعلام الخدمة العامة، أو ما يطلق عليه بالمصطلح المصري "الإعلام القومي"، ويشمل اتحاد الاذاعة والتليفزيون والصحف القومية، وحيث أن أغلب المؤسسات الإعلامية تملكها شركات خاصة، لذلك تأثير الوزير عليها سيكون في أضيق الحدود، حتى وإن كانت تلك الشركات الإعلامية الخاصة وفقاً للقانون تملكها جهات رسمية، لكنها أمام القانون شركات خاصة أيضاً، لذلك ستبقى أكثر الأسئلة صعوبة – في رأيي – على مكتب السيد الوزير ليست علاقته بالهيئات الإعلامية، بل علاقته بشركة كبرى في مجال الميديا مثل إعلام المصريين على سبيل المثال!.

الحقيقة أنه مع تنامي ظاهرة البث المباشر على الانترنت فإن الإعلام بمفاهيمه المهنية ستقع في مأزق جديد، والمأزق هنا سياسي في المقام الأول، بأكثر مما هو مهني، فالسياسة هي من تحدد منع أو ظهور كل التيارات والآراء السياسية على الشاشات، فإن اتخذ البعض قراراً "سياسياً" يُعتقد أنه صحيح، بمنع رأي ما من الظهور، ينسى أنه اليوم أصبح أمام الجميع فرصة لعرض كل الآراء ببث مباشر على الانترنت، بل عدد المشاهدات يقترب ويتجاوز أحياناً المشاهدات التي يحققها الإعلام التقليدي، مع الأخذ في الاعتبار التطور الهائل الذي يحدث وسيستمر في الحدوث لهذه التقنيات الحديثة في الاتصال في المستقبل، ومع الأخذ في الاعتبار أيضا الطفرة الجيلية التي تحدث، فكل عام يضاف إلى قاعدة بيانات الناخبين الآلاف، من الذين أتموا الـ ١٨ عاماً، أصبح اليوم لهؤلاء صوت يُعتد به في أي انتخابات أو استفتاءات، وأغلب هؤلاء لا يفارقون هواتفهم المحمولة، وأكاد أجزم أنهم لا يشاهدون القنوات التليفزيونية إلا نادراً، والخلاصة أن قرارات المنع في ظل عصر جديد للمعلومات لم تعد مُجدية، بل الفهم الصحيح للتخطيط الإعلامي ورسم سياسة عامة للإعلام، تستوعب الجميع على أرضية وطنية، وتخاطب لغة العصر والأجيال الجديدة، وتعمل على معالجة تحديات العاملين في مجال الإعلام، كل ذلك وغيره هي التحديات الحقيقية على مكتب وزير الدولة للإعلام، ولذلك أشفق عليه كثيراً .. كثيراً!.Top of Form

Bottom of Form