لُغز 1975.. كيف أعاد السادات إحياء صفوت الشريف من جديد؟
- فصلته المخابرات عام 1968 فعاد إلى الصورة بعد حرب أكتوبر.. وسيطر على هيئة الاستعلامات في 4 سنوات
- السادات ضمه إلى مؤسسي الحزب الوطني عام 1977.. وفتح له الطريق
لوزارة الإعلام في 1980
بقامة قصيرة وملامح غامضة وشارب رفيع، ونظارة طبية عريضة تخفي بالكاد غموض عينيه اللتين يعلوهما حاجبان مرفوعان، يجول عالم السياسة طوال عقود، ومن فضيحة لاحقته في الستينيات لأحد أبرز وجوه الحكم في مصر لأكثر من 30 سنة، أصبح "صفوت الشريف" من الأسماء الشهيرة في عالم السياسة.
ثلاث حقب سياسية عاصرها "الشريف"
الذي يوافق اليوم ذكرى ميلاده في 19 ديسمبر 1933 حيث بدأ مشواره في الكلية الحربية
ثم المخابرات في الخمسينيات والستينيات، ثم غير جلده وعمل في الهيئة العامة
للاستعلامات حتى ترأسها في السبعينات، ثم أصبح وزيرا للإعلام ثم رئيسا لمجلس
الشورى في العقود الثلاثة التالية.
رغم ذلك، لا تُذكر سيرة صفوت الشريف إلا مقترنة
بعهدي الرئيسين جمال عبدالناصر وحسني مبارك، دون تطرق كاف لدوره في عهد الرئيس
أنور السادات.
وفي السطور التالية، نستعرض كيف أعاد
"السادات" إحياء صفوت الشريف مرة أخرى في منتصف السبيعينات بعد فصله من
المخابرات العامة، ليمهد له دور كبير لعبه في الحياة العامة بمصر طوال نحو 40 سنة
تالية.
في عام 1957، التحق الضابط صفوت الشريف بجهاز المخابرات العامة، وقضى
فيه 10 سنوات كانت مليئة بانحرافات عديدة كشفت عنها القضية الشهيرة "انحراف
المخابرات" عام 1968، والتي انتهى التحقيق فيها إلى فصل "الشريف"
من الجهاز تمامًا.
خرج الضابط الشاب بسمعة سيئة من المخابرات على
رتبة "رائد"، كان الجميع غاضب من الممارسات التي تمت في الستينيات،
خصوصا بعد نكسة 1967، لذلك فإنه لم يجد له مكانًا في تلك السنوات.
بعد حرب أكتوبر ومداواة جراح النكسة، أطل صفوت
الشريف برأسه من جديد، وتشير مصادر إلى أنه قابل الرئيس الراحل أنور السادات وطلب
منه أن يعمل بالهيئة العامة للاستعلامات، فوافق الرئيس الذي كان بدأ يشكل ملامح
سياساته ورجال نظامه آنذاك، فيما بدا أنه لُغز ساداتي آخر.
في تلك السنة، 1975 تحديدا، غيّر صفوت الشريف
جلده، من رجل مخابرات ينتمي لعصر "عبدالناصر" إلى موظف حكومي
"مرموق" في جهاز الإعلام لدولة السادات، عبر بوابة الهيئة المسئولة عن
مخاطبة الإعلام الأجنبي.
في البداية، تولى "الشريف" منصب رئيس
القسم الداخلي في الهيئة العامة للاستعلامات، ثم صعد إلى منصب وكيل الهيئة، ثم قفز
إلى منصب رئيسها مطيحا بسلفه مرسي سعد الدين، وتولى المنصب عامي 1979 و1980.
قبل ذلك بثلاث سنوات، في العام 1977، كان على
"الشريف" أن يتأهب لخطوة من نوع سياسي مباشر هذه المرة، عندما قرر
"السادات" إنشاء الحزب الوطني، وكان "صفوت" من المؤسسين.
قرّب "السادات" صفوت الشريف منه، ومن
مراجعة صور تلك الفترة نجده حاضرا بجوار الرئيس في المؤتمرات الصحفية مع المراسلين
الأجانب أو رؤساء تحرير الصحف المصرية.
كما نشاهده وهو يتوسط رجال الصحافة في ذلك
العصر، عام 1975، في احتفال عام، جالسا على يمين موسى صبري رئيس مجلس إدارة مؤسسة
أخبار اليوم وفي يده "سيجار"، يستمع لأحد الحضور بثقة.
وفي صورة يشرح له موسى صبري شيئا ما، بينما يقف
صفوت الشريف بثبات، وهو ينظر بحدة وغموض.
الصور الوحيدة التي نلحظ نوعا من اللا مبالاة
والفتور على صفوت الشريف فيها هي المناسبات التي ظهر فيها بجوار قرينة الرئيس،
جيهان السادات، سواء في افتتاح "سوق خيري" عام 1977، أو في دورة توعية
بمرض السرطان عام 1979، أو بعد رحيل زوجها، في لقاء بجمعية الوفاء والأمل عام 1981.
قبل وفاة "السادات" بعام واحد، مهّد
الرئيس لرجله صفوت الشريف منصبه الوزاري الذي تولاه في عهد خلفه حسني مبارك، وذلك
عندما عينه عام 1980 رئيسًا لمجلس أمناء اتحاد الاذاعة والتلفزيون، وهو ما قده إلى
منصب وزير الإعلام بعد ذلك بسنتين، والذي ظل فيه طيلة 22 سنة حتى عام 2004.
بعد سنوات طويلة، حينما قادت ثورة 25 يناير
صفوت الشريف إلى السجن في قضية "كسب غير مشروع" ظهر شبح فترة عمله خلال
السبعينات في هيئة الاستعلامات.
ووفقا للنيابة العامة، كانت الاتهامات المنسوبة إليه محصورة في الفترة الزمنية من 1975 إلى 2011، بصفته من العاملين فى الجهاز الإدارى بالدولة والقائمين بأعباء السلطة العامة، بدءًا من مدير عام الهيئة العامة للاستعلامات ثم وكيلا لها ثم رئيسا لها ثم رئيسا لمجلس أمناء اتحاد الاذاعة والتلفزيون ثم وزيرا للاعلام ثم رئيسا لمجلس الشورى وأمينا عاما للحزب الوطنى المنحل.