الثلاثاء 23 أبريل 2024 الموافق 14 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

د. طارق فهمي يكتب: نتائج منتدى الشباب.. مصر في قلب خريطة العالم

الرئيس نيوز


نجح الرئيس عبدالفتاح السيسي ببراعة تحسب له في وضع مصر في قلب خريطة العالم، من خلال رؤية شاملة للدولة المصرية، وهو ما برز جلياً في فعاليات ونتائج منتدى الشباب الذي عقد مؤخراً في شرم الشيخ وخرج بتوصيات مهمة،  وعبر استراتيجية مخطط لها جيداً تتم من خلال قراءة جيدة للواقع الداخلي والإقليمي، والدولي الذي تعيشه الدولة المصرية في ظل مناخ دولي معقد يسعى للتعامل مع التطورات الجارية في المنطقة وفق حسابات وتقييمات قد لا تتسق والمصالح المصرية، ما دفع الرئيس السيسي لوضع أولويات حقيقية للتعامل مع هذه التحديات والمخاطر بالانتقال من مرحلة تثبيت دعائم لدول المصرية وركائزها السياسية والاستراتيجية لبناء منظومة من الحسابات والمصالح الجديدة للدولة المصرية في مناطق نفوذها وحضورها التقليدي والمستجد وهو ما يشير إلى امتلاك الدولة المصرية في الوقت الراهن لرؤية أكثر واقعية ومصلحية، ما برز جلياً في توجيه الرسائل الرادعة للجانب التركي وبطبيعة الحال لدول الإقليم في شرق المتوسط عبر القيام بتدريبات بحرية متميزة، برغم أن مصر وقبرص واليونان كانت قد قامت بمناورات منذ عدة أشهر في الاقليم المضطرب أيضاً.

نفس الأمر يتكرر تجاه الغرب، حيث قاعدة محمد نجيب والتركز المصري لمواجهة التحديات والمخاطر من الجبهة الليبية، والتي تمثل خطراً مستجداً بعد توقيع الاتفاق الليبي التركي، وبدء المواجهات العسكرية الليبية الداخلية مع وجود اطراف دولية تغذي من الصراع، ومع تأكيد الرئيس السيسي بأن حل الأزمة الليبية سيكون سياسياً، وسيتم في غضون ثلاثة أشهر بالتأكيد على مسار برلين السياسي.

تقرأ مصر السيسي واقعها السياسي والاستراتيجي جيداً، وتنفتح على خيارات واقعية مع التحسب لمصادر التهديد الحقيقي، وتتعامل مع مسبباته خاصة أن مصر لديها خبرة متراكمة في الوقت الراهن في التعامل مع إشكاليات الإقليم، وليس فقط مواجهة الإرهاب الكامن في المنطقة، والذي يتحين الفرصة للتعبير عن وجوده، وتدرك الدولة المصرية من خلال استراتيجية متجددة ومتفاعلة أن المواجهات السياسية والاستراتيجية حول مصر ليست مقصورة على صراعات مناطق الحدود فقط، حيث الجنوب بالنسبة للأمن المائي، أو الغرب حيث الصراع في ليبيا أو الشرق من جبهة غزة، بل يمتد ويتماس مع مناطق حضور جديدة ومنها إقليم شرق المتوسط، وهو ما يدفع مصر للتأكيد على المخاطر القادمة لأمن البحر المتوسط بأكمله، ما نقل من قبل عبر الرئيس السيسي لقادة الدول الأوروبية من أن الاضطرابات والأزمات في المتوسط ستمس أيضاً الأمن الأوروبي، ويدفع بهذه الدولة للمشاركة في السياسات والتدابير الأمنية والاستراتيجية كافة، بدون تباطؤ، خاصة أن دول حلف الناتو تحديداً عليها دور مهم في هذا السياق، وهو ما لا يقتصر فقط على دعم دولة واحدة في الحلف، وإنما الحفاظ على استقرار وأمن دول الأعضاء ولعل الجدال الأوروبي مع تركيا والتهديد بفرض عقوبات جديدة يصب في هذا الاتجاه، ويشير إلى ضرورة أن يكون هناك اقتراب أوروبي للصالح العام، وليس لدولة بعينها تسعى لهز الاستقرار في الإقليم بأكمله.

إن الدولة المصرية التي تحتل مكانة متقدمة في الخريطة الدولية، وتملك نفوذاً حقيقياً في قضايا الإقليم وخارجه يدفع وبقوة إلى ضرورة الاستمرار في بناء سياسات واستراتيجيات متوسطة وطويلة الأجل ، وهو ما يثبت دعائم القوة السياسية والاستراتيجية، ويفرض ردعاً استباقياً تدرك أبعاده جميع دول المنطقة، خاصة أن مصر دولة لها معطيات راسخة في المنظومة الإقليمية والدولية، وتعمل على تطويرها وتنويع مصادرها باستمرار، وقد نجح الرئيس السيسي في التعامل مع التطورات السلبية بكفاءة بالغة عبر دبلوماسية رئاسية رصينة،  وبخطوات وتدابير فعلية مما يؤكد تميز وثبات المواقف والتفاعلات المصرية في التطورات الجارية في المنطقة  ومن حولنا سياسياً واستراتيجياً .

لأسباب كثيرة ستبقى مصر في بؤرة الخريطة الإقليمية والدولية طرفاً أصيلاً وفاعلاً سياسياً مؤثراً قائداً ورائداً منطلقاً من حسابات سياسية واستراتيجية راسخة عبر عنها الرئيس السيسي ومؤسسات وأجهزة الدولة المصرية  بصورة جيدة شهد بها زعماء ورؤساء العالم الكبار .