الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

بعد تحذيرات السيسي.. كيف تساعد الجهود المصرية اللبنانيين على حل الأزمة؟

الرئيس نيوز


 ـ القاهرة تقف على مسافة واحدة  من جميع الأطراف اللبنانية وتدعم الإسراع في تشكيل الحكومة اللبنانية 


حذَّرت مصر على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، من تدهور الأوضاع في لبنان أكثر من ذلك، وحذّر خلال كلمته أمام "مُنتدى شباب العالم" المقام في منتجع شرم الشيخ السياحي، من شبح احتِمال اندلاع حرب أهليّة، إذا تطَوّرت الأوضاع، وقال: "إنّ الجُيوش الوطنيّة هي المَسؤولة عن الاستقرار والأمن في بلادها. كما فعل الجيش المِصريّ؛ لأنّه جيشٌ وطنيٌّ غير مُتَحزِّب".

تشهد لبنان تطورات سياسية متلاحقة، منذ منتصف أكتوبر الماضي، على خلفية احتجاجات حاشدة بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، يتخللها اشتباكات بين قوى منتمية إلى "حزب الله" ومتظاهرين تارة، وبين قوى "حزب الله" والجيش تارة أخرى. وقد قدم رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته خلال وقت سابق؛ بعد موجة احتجاجات شعبية، رفضًا للفساد وتردي الأوضاع المعيشية، لكن الرئيس مشيل عون طالبه بالاستمرار في تسيير الأعمال إلى حين اختيار رئيس جديد للحكومة.

وبحسب الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان، فإن الرئيس السيسي عندما يُحذّر من احتِمالات تحوّل لبنان إلى "سورية أُخرى" لا يُمكن أن يفعل ذلك لولا وجود معلومات مُؤكّدة لديه أن أمورًا تدبر ضد لبنان".

علاقات وثيقة مع الأطراف كافة

مصر على علاقة وثيقة بكل الأطراف اللبنانية (السنية – الشيعية – المسيحية – الدرزية)؛ وقد لعبت خلال الفترات الماضية العديد من تلك الأدوار للحيلولة دون تفاقم الأوضاع ووصولها إلى درجة لا يمكن معها أي حلول توافقية (الحرب الأهلية).

خلال "أزمة النفايات" واحتجاجات عام 2015، أو ما عُرف باسم مظاهرات "طلعت ريحتكم"، نجحت جهود الخارجية المصرية في منع استقالة رئيس الوزراء تمام سلام، خصوصاً أن هذه الاستقالة كانت ستمثل تهديداً شديداً لاستقرار لبنان في ظل فترة الشغور الرئاسي. وخلال الأزمات السابقة الخاصة بالرئيس سعد الحريري، مصر دعمته وساعدته في الخروج من هذه الأزمات.

وأيضاً في عام 2006 بعد العدوان الإسرائيلي على بيروت، وغرق بيروت في الظلام، أرسلت مصر فريقاً من الفنيين والخبراء لإصلاح محطة الكهرباء في أسرع وقت، وغيرها من المساعدات الطبية والإنسانية العاجلة، وهناك نماذج عديدة للدور المصري في الشأن اللبناني وكيفية مساعدة لبنان على تخطي هذه الصعوبات".

يقول السفير محمد بدر الدين زايد، مساعد وزير الخارجية وسفير مصر الأسبق في لبنان، في تصريحات صحفية لموقع "إندبندنت بالعربية"، إن مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تربطها بكل الطوائف اللبنانية علاقة وثيقة، ولا تقتصر علاقتها على سنة لبنان، ولكن ترتبط بمسيحييه والشيعة والدروز، وتكاد تكون البلد الوحيد التي تجمعها علاقات فريدة بجميع مكونات لبنان، ومن خلال هذه العلاقات الودية واحتضان مصر كل الطوائف اللبنانية، جاءت قدرة مصر على التأثير ودعم استقرار لبنان في مختلف الأزمات.

أوضح الدبلوماسي السابق أن مصر تحرص على دعم لبنان ومساعدته، وتجري اتصالات مُكثفة؛ في محاولة للتوصل إلى توافق حول مخرج للوزارة اللبنانية، وإن هناك حاجة إلى (حكومة تكنوسياسية)، تربط بين البعدين، (تكنوقراط وحزبية)، مشيرًا إلى أنه عندما طرح اسم الحريري كان هذا الطرح مقروناً بجهود مصرية خاصة للوصول إلى هذا المخرج للوضع اللبناني.

اعتبر زايد أن الموازنات الطائفية أدت إلى بروز حالات إخفاق وعدم قدرة للحكومة على معالجة الأزمات الاقتصادية وحالات الفساد، وكل هذا أدى إلى اختناق الوضع الاقتصادي، مع وصول شريحة مهمة من الشارع اللبناني وبخاصة الشباب والأجيال الأصغر سناً إلى رفض شديد للنظام الطائفي، ومشكلة لبنان أنه لا يستطيع الخلاص من الوضع الطائفي ببساطة، لأن لا بد من إحداث هذا التغيير من خلال منظومة المجتمع اللبناني ذاته.

 

الجيش المصري نموذجًا

 

وقال وزير الدفاع اللبناني، إلياس بوصعب، خلال فعاليات منتدى شباب العالم المنعقد في مدينة شرم الشيخ، إنه "يجب أن تتعلم لبنان والدول العربية من مصر، إذ إنها خرجت من أزمتها بحكمة المؤسسة العسكرية وهو ما جعل الدولة مستقرة".

مُعضلة الرئيس الحريري الرئيسيّة تتمثّل في عدم قُدرته على تشكيل حُكومة بدون "حزب الله" ومُشاركته، فيما لا يمانع الأخير من استمرار الحريري في رئاسة الحكومة، فيما يشترط الأخير لتشكيل حُكومة "تكنوقراط" من غير السياسيين والحِزبيين، والثّاني، الحُصول على صلاحيّات استثنائيّة كاملة في إدارتها في مُحاولةٍ للالتِفاف على هذه المُشاركة.

بحسب عبد الباري عطوان: "الأزَمة السياسيّة تتفاقم، وتجُر البِلاد إلى حالةٍ من الفوضى، والشّعب اللبنانيّ يقِف على حافّة المجاعة، إن لم يكُن قد غَرِق فيها، وجاء الفساد والحِصارات هُما البداية للوصول إلى هذا الهدف، فاللّبناني بات يقِف في طوابير طويلة لساعات أمام البُنوك للحُصول على مئة دولار من رصيده لإطعام أطفاله، والارتفاع في أسعار الغذاء والدواء وصل مُستويات جُنونيّة، ومُعاناة الطّبقة الفقيرة المَسحوقة فاقت كُل مُستويات الذّروة، وبشَكلٍ غير مسبوق".

 

المؤامرة على الغاز اللبناني

 

يزعم الكاتب المخضرم عبد الباري عطوان أن: "الأمريكان الذين استولوا على النّفط السوري، يُريدون السّيطرة عبر شركاتهم على الغاز اللّبناني، واقتِطاع جُزء كبير من احتِياطاته لتسليمها إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولهذا يُريدون لبنان ضَعيفًا يتزعّمه رئيس وزراء سنّي من رِجالهم يَبصُم على جميع مطالبهم، ويرضَخ للشّروط الإسرائيليّة كاملةً المُتعلّقة بترسيم الحُدود البحَريّة".

بحسب الكاتب الصحفي فإن "المبعوث الأمريكيّ ديفيد هيل سيَصِل إلى لبنان الخميس، أيّ يوم بِدء الاستشارات النيابيّة، ولا بُد أنّه يحمل التعليمات، وتوزيع الأدوار لرِجالات أمريكا وأحزابها، تَطبيقًا لمقولة رئيسه مايك بومبيو، وزير الخارجيّة، وقبله جيفري فيلتمان، السّفير السّابق في بيروت، بأنّه لا استِقرار في لبنان في ظِل وجود "حزب الله" وسِلاحه".

ووسط رفض المتظاهرين إعادة تكليف رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، كشفت مصادر دبلوماسية في القاهرة أن مصر تسعى إلى دعم جهود الإسراع بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وتقديم العون العاجل إلى لبنان خلال هذه المرحلة، من خلال مشاورات مكثفة يجريها السفير المصري الجديد لدى بيروت ياسر علوي، الذي التقى فور وصوله إلى البلاد، مختلف القيادات اللبنانية على مدار الأسابيع الماضية.

أكدت المصادر الدبلوماسية أن مصر تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية اللبنانية، وتحتفظ بعلاقات وثيقة مع الجميع، وتعتبر أن الإسراع في تشكيل الحكومة اللبنانية التي تلقى دعم وتوافق اللبنانيين سيسهم في تخفيف حدة التوتر في المشهد الراهن، بما يمثل دفعة أساسية نحو التعامل مع التحديات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد حالياً، وسيوفر فرصة لحشد دعم المجتمع الدولي لمساعدة لبنان اقتصادياً.