السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

عماد حسين: التواصل بين الإعلام والرئيس ضروري.. وهناك خيط رفيع بين الأمن القومي وحرية الصحافة (3 -3)

الرئيس نيوز

الإعلامي ليس زعيما سياسيا

معادلة التوازن لها ثمن ونتمسك دائما بالمهني

النقد العلنى للإعلام أثر على مصداقيته عند الجمهور

 نقد القرارات الوزارية ليس ضربا فى الدولة

صحافة البيانات الرسمية تقضي على الإعلام

الشروق رائدة فى نقد الإخوان واتهامنا بالميل للجماعة غير عادل

واصل الكاتب الصحفي، عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة «الشروق»، حديثه لـ«الرئيس نيوز»، عن الفترة الصعبة التي تعيشها مهنة الصحافة في هذه الأيام، وكيف وصلت إلى هذا الحال وما خطة الخروج منها.

وفي هذه الحلقة الثالثة والأخيرة يتناول الانتقادات التي توجه لوسائل الإعلام، وكيفية تحقيق التوازن بين الأمن القومي وحرية الصحافة، كما تحدث عن رؤيته للتغيير، موجها عددا من الرسائل للرئيس عبدالفتاح السيسي.

وإلى النص:

 هناك اتهام صريح بأن الصحف الخاصة قدمت رسائل مشوشة لرسائل الدولة، والبعض الآخر تم اتهامه بأنه مال للإخوان في وقت من الأوقات، أو حتى مثل ضغطا على الدولة بأجندة مصالحه الخاصة، من بينها جريدة الشروق وهذه الاتهامات كانت جزءا أصيلا فى أزمة الصحافة الخاصة فى مصر خلال الفترة السابقة، كيف ترد على ذلك؟

قال كنت رئيس تحرير الشروق فى وقت تولى الإخوان الحكم، وهذا الاتهام يمسنى أنا شخصيا، ومن يتشكك فى مهنية الشروق عليه مراجعة الأعداد التى صدرت فى تلك الفترة، وكنا رواد فى نقد الجماعة من خلال صفحتين أسبوعيتين "المعصرة" وكانتا تتناولان الجماعة بقدر كبير من النقد المنهجى.

وانفردنا بنشر قصة عن وزير الدفاع آنذاك الفريق عبد الفتاح السيسي، وقولنا إنه رفض السفر إلى باكستان مع محمد مرسي وطالبه بالتوقف عن محاولات "اللعب فى الجيش"، وحاولت الجماعة بكل الطرق التواصل مع الجريدة لمعرفة صاحب التقرير الذى أثار جنونها.

كان عندنا كتاب فى الشروق يقولوا عنهم إخوان، هل أعدد الكتاب الإخوان الذين استكتبتهم الصحف القومية؟، من الذى استكتب مرشد الإخوان؟، من الذى حجز مقالا أسبوعيا للمتحدث الرسمى باسم الإخوان؟، وهناك أحمد منصور وغيره كانوا يكتبون فى صحف مصرية، ده واقع فبالتي إذا تم اتهام الشروق بالأخونة فى المقابل يجب توجيه الاتهام لكل هذه الصحف.

وزي ما كان فيه كاتب بيكتب مع الإخوان، فقد كان هناك فى نفس الوقت، كاتب يكتب ضدهم، ولا يجوز اتهام الشروق لأن فهمى هويدى يكتب فيها، وهناك صحيفة قومية كانت تتفاوض مع هويدى لكتابة مقال يومى فيها ولكنه تمسك بالبقاء فى الشروق

لا أحب التفتيش فى النوايا، ولا أفتش فى الضمائر، وما أنا مسئول عنه كرئيس تحرير هو المحتوى التحريري كاملا.

رغم تلك الاتهامات نجح عماد حسين فى الحفاظ على وجود الجريدة واستمرارها بحالة من الرضا عن محتواها التحريري وعن شخصه كرئيس تحرير، وهي صيغة لم ينجح آخرون فى صناعتها، سألته كيف نجحت فى التوازن فى الوقت الصعب؟

قال تلك المعادلة التى تتحدثين عنها لم أكن عنصرا وحيدا فيها، ولكن ساعدني فى ذلك طاقم تحريرى متميز ومهني، فقد توليت رئاسة تحرير الشروق فى 2012، وتأسيس الشروق كان قائما على فرز مهنى حقيقى، الناس العاملين فى الشروق عند تأسيسها ضم جميع الألوان والمدارس الصحفية، ناصريين وماركسين وقوميين وكانت فكرة تأسيس الشروق نفسها قائمة على كونها جريدة تضم كافة الاتجاهات ما يجعلنا نمنحها صفة "الجريدة القومية الخاصة"، صورة من الإعلام قوميمستقل، انعكاس لصورة الدولة التى تضم كل الأصوات

مضيفا فيما يتعلق بشخصى فيه ناس كتير تقول "انت ماسك العصاية من النص"، والحقيقة أنا لا أؤمن بسياسة إني أزعق طول الوقت، لما تعمل الدولة مشروع تكافل وكرامة، لما تعمل طرق، لما تعمل أنفاق، لما تعمل قناة السويس، أشيد بده وأذكر محاسنه علشان لما أجى أقول إن الدولة أخطأت فى بعض الأولويات الاقتصادية  يكون كلامى مقبولا ومقدرا.

ولقد عبرت عن رأيي فى كل القضايا الرئيسية بشكل صريح، كان رأى فى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، أنه كان لابد أن تختلف الأولويات لصالح التصنيع وحل المشاكل الملحة فى بعض القطاعات، هذه الطريقة تجعل الناس تتقبل الآراء بطريقة جيدة، وأقل حدة، ولم أتلق أبدا أي ملاحظة من أى نوع على ما أقول أو أى نقد.

هل معادلة التوازن لها ثمن؟

بالطبع فى لحظات الاستقطاب كل طرف يريدك معه، وفى حالة التمسك بالحيادية والمهنية فإن ذلك يعرضك للهجوم من كل الأطراف.

ويجب قراءة المشهد بشكل جيد، كنا نسير على الأشواك، ولكن فى أوقات الإرهاب الموقف محسوم، هناك ثوابت لا يمكن الاختلاف عليها، ولكن فى غير ذلك فننتقد العيوب، فعلى سبيل المثال عندما يكون هناك خطأ فى بطاقات التموين فهل يصبح النقد خطيئة!.

 قلت تحمل الإعلام فاتورته من النقد الرسمى خلال الفترة الماضية، اتهامات بعدم إدراك لحجم المسئوليات والتحديات، حالة من عدم الرضى عن الأداء بشكل عام.

قال التعنيف أفهمه بزاوية مختلفة، فالإعلام فى وقت من الأوقات كان مؤثرا بشكل كبير وعلى ذلك تحمل جزء من النقد العام، فالحياة السياسية  فى مصر ضعيفة، وكان ينبغى أن القوى السياسية تأخد دورها،  لكنها انسحبت لأسباب مختلفة، فدخل الإعلاميون ليكونوا قادة الرأى، بعض مقدمى البرامج والإعلاميين صاروا نجوما، بيمشوا والناس بتتصور معاهم، وهم الأكثر تأثيرا فى الشارع، ولا أحد يعرف غالبية إن لم يكن الكل رؤساء الأحزاب.

متابعا: هذا وضع شاذ وغريب، لأنه الطبيعى أن الإعلامى يعبر عن واقع سياسى موجود وليس العكس، هو ليس نجم سياسة. هو ناقل، مش زعماء سياسين ولا ناشطين، ولكن الوضع انقلب فى مصر، من يوم تحولت الحياة السياسية إلى ديكور.

أصبحت الدولة تركز عليه لأنه الأكثر تأثيرا سلبا أو إيجابا، لكن فى نفس الوقت لابد ان يكون هناك جزء من العدالة، فيجب أن يكون هناك تقييما عند مهاجمة الإعلام، هل هناك بيئة سياسية صالحة والإعلام ماشتغلش دوره الصحيح.

هل هناك حالة عدم وعى أو إلمام بالثقافة العامة لدى قطاع من الصحفيين؟ 

الاتهام بعدم الإعداد الجيد أو الثقافة العامة للصحفى، فالمحرر الصحفى يأتي من التاسعة صباحا حتى الرابعة عصرا، ثم ينصرف إلى موقع آخر يعمل فيه، وفى المساء يعمل فى إحدى الفضائيات ليعود إلى منزله فى الثانية عشر صباحا، وهكذا دواليك.

هذا الشاب الذى يعمل كل هذا الوقت متى يرى فيلما أو يقرأ رواية أو يثقف نفسه؟، الترس الرئيسى فى المسألة يعانى لتوفير متطلباته الحياتية، فعلى الطرف الذى يوجه النقد لابد أن ينظر إلى الصورة ككل، وقبل لوم الإعلام ننظر إلى الجهات الأخرى  هل تقوم بدورها؟.

كنت حاضرة اللوم الذى وجهه الرئيس للإعلام فى إثارة أزمات مع بعض الدول من بينها الاتهام بان ما نشر فى وسائل الإعلام كان السبب فى وقف تصدير الفاكهة المصرية إلى السودان، وأيضا تحمل الإعلام جزء من الاتهام فى أزمة المفاوضات مع أثيوبيا فى سد النهضة، ألقيت بما لدى لضيفي.

قال توجيه النقد للإعلام المصرى واتهامه بانه أحد أسباب مشكلات دولية، مع السودان وأثيوبيا، غير عادل أيضا، فالصحافة السودانية فيها تنوع كثير وهناك من يكتب مع مصر وضدها، والصحافة الأثيوبية لا تتوقف عن نقد الجانب المصرى.

وإذا افترضنا جدلا صحة ذلك الاتهام ماهى خطة الدولة لتصحيح الوضع؟ هل وفرت للإعلام أدواته ووسائله للعمل بشكل صحيح؟

هل النقد العلنى للإعلام أثر على مصداقيته عند الجمهور، أو انعكس على علاقة الصحفى بالمصدر؟

بالطبع أثر ذلك على وضع الإعلام على الأرض، عندما اقتحمت الداخلية نقابة الصحفيين قلت إن هذا كمين وقع الجميع فيه وهذا خطأ.

وهناك مفهوم خاطئ عن أن الإعلام على راسه ريشة، والناس فاهمينها غلط، عندما نتحدث فى عدم الحبس فى قضايا النشر، الصحفى الذى يرتكب أى جريمة يحاسب كأي فرد عادى فى المجتمع.

القصة التى نتكلم عليها، هى تأمين الحماية القانونية للصحفى فيما يتعلق بالنشر، ميتحبسش ولكن يتغرم حتى لا يفترى على الناس

تدرجت العلاقة بين الإعلام وبين نظام 30 يونيو حتى وصلنا إلى مرحلة أطلق أنا عليها "غلق الباب" بين الطرفين، حتى أصبح الطريقة الوحيدة للتواصل مع النظام ومشكلات الإعلام هى الكتابات الصحفية، هل نجحت تلك الكتابات فى إيصال ملامح أزمة الإعلام فى مصر؟

قال كتبت كثيرا جدا عن ضرورة تدريب الإعلاميين والتحلى بالموضوعية، فأنا لا أستطيع أن ألوم النظام بالانغلاق ونحن أيضا فى المقابل منغلقين.

فى مصر هناك مشكلة كبيرة  هي "الاستقطاب" بنكتب بطريقة الأهلى والزمالك، مينفعش إسماعيلى ولا اتحاد ولا ترسانة، وعندما تيجى تشتغل بالمنطق المحايد يتهمك بأنك ممسك بالعصا من النص، هناك أشياء مينفعش تبقى مؤيد طول الوقت أو معارض طول الوقت. 

 يجب أن نكون موضوعيين فى نقدنا لأنفسنا لأن ذلك يمنحنا مصداقية، فعندما انتقد نفسى أو زملائى فى شئ مهنى القارئ هيصدقنى لما آجى اتكلم فى شئ إيجابى عن الدولة فيما بعد.

وقد كتبت مقالا تعقيبا على أحد مقالات الزملاء فى جريدة روز اليوسف اليومية، تناولت اتهامات للصحفيين والإعلاميين بفساد ذمتهم المالية، وقد هاتفت رئيس التحرير وقلت له أبلغ "رشدي أباظة" كاتب المقال أن هناك شعرة دقيقة بين التصدر لفساد بعض الصحفيين والإعلاميين وبين التعميم، مضيفا أن أى شخص متهم بشيئ يستحق تعليق الجرس فى رقبته، وليذهب إلى الجحيم.

ولو تركت الكلام على عمومه فإن ذلك ينعكس بالسلب على المنظومة الإعلامية كاملة.

هل تلمس مؤشرات لتحسن المناخ العام والمناخ الصحفى؟ 

أشعر من خلال ممارستى اليومية كرئيس تحرير أن هناك محاولة لفعل شيئ، وأن الهامش أصبح أفضل، ولست من أنصار الأوهام  المسبقة، إلا أنه هناك بوادر تغيير أتمنى أن تستمر وتزيد، وهذا فى مصلحة الحكومة والدولة والمجتمع، فقوة مصر الناعمة جزء كبير منها الإعلام "لو دبحتها فهذا خسارة كبيرة".

كان اللقاء بين الرئيس والإعلاميين بشكل شهرى على مدار عام كامل، قبل أن يتراجع إلى لقاء سنوى يضم التحرير الصحف الخاصة والقومية والإعلاميين والمراسلين الأجانب على هامش منتدى الشباب بشرم الشيخ، كان عماد حسين حاضرا معظمها، سألته لماذا توقفت تلك اللقاءات؟

أجاب لا أستطيع أن أحدد سبب توقف تلك اللقاءات الرئاسية مع رؤساء تحرير الصحف، ربما من ينظم هذه اللقاءات اكتشف وجود مشاكل ما أو اخطاء ما من الحضور، وتردد فى بعض الأوقات أن الناس لا يحضرون للقاء بشكل جيد.

ولكن فى كل الأحوال لابد أن تكون هناك صيغة للتواصل الدورى قدر الإمكان بين رئيس الجمهورية والصحفيين علشان الصورة يتم إجلاؤها بوضوح، وده كان من ضمن المحاسن فى فكرة اسأل الرئيس فى النسخة الأخيرة من مؤتمر الشباب، كان يتم فتح باب الأسئلة للصحفيين الموجودين بالقاعة.

مضيفا لن أنشغل بالبحث فى مبررات توقف اللقاءات، لكن لنرى أسباب هذا التوقف ونعالجها، لاستعادة التواصل.

لو عقد الرئيس لقاء برؤساء تحرير الصحف، ماذا ستكون رسالتك له؟

أقول يا سيادة الرئيس الإعلام المصرى القوي هو أفضل داعم للدولة المصرية والمجتمع المصرى، وهناك خيط رفيع جدا بين الأمن القومى وحرية الصحافة، وكلما كان هناك مساحة من الحرية كلما كان ذلك فى مصلحة  الوطن والمواطن وصانع القرار، ستكون الصورة كاملة أمامه من كل الجهات، الانغلاق فى الإعلام ستدفع الدولة ثمنه لاحقا.


لقراءة الحلقتين السابقتين:

عماد الدين حسين: إضعاف الصحافة ستدفع ثمنه الدولة.. والمتحدث الرسمي وظيفته إخفاء المعلومات (2-3)