الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"هل سمعت أن الأسد يخضع للذئب؟".. تفاصيل اللقاء الحقيقي بين طومان باي وسليم الأول

خالد النبوي (طومان
خالد النبوي (طومان باي)- محمود نصر (سليم الأول) في مسلسل "مم


الرضوخ أم الاستسلام؟ الحياة الذليلة أم الموت الكريم؟ أسئلة تطرح نفسها دائما على الأبطال في تلك اللحظات التي يتعرض لها أوطانهم للغزو والاحتلال. ولأنهم أبطال حقيقيين تكون الإجابة عندهم محسومة من البداية.

وعلى هامش الحلقة الأخيرة من مسلسل "ممالك النار"، التي ستعرض اليوم، نستعرض هنا ما حدث تاريخيا في اللقاء الأول والأخير بين سلطان مصر طومان باي وبين السلطان العثماني الغازي سليم الأول، بعد أن احتلت قوات الأتراك القاهرة عام 1517.

حاول طومان باي بقدر ما استطاع صد زحف الأتراك في اتجاه المحروسة، وعندما هُزم قرر المقاومة، ثم لما تمكن منه سليم وأُلقي القبض عليه اختار الإجابة التي تليق به، وهي ألا يستسلم إلى النهاية.

كان أمام طومان أن يسلم بالطاعة لسليم مقابل أن يبقيه الأخير على كرسي السلطنة تابعًا له، لكن الحاكم المملوكي الذي أصبح مصريا أصيلا، أبى ذلك، وبعد جولات من المقاومة ألقت قوات سليم الأول القبض على طومان باي يوم 30 مارس 1517.

في كتابه "الفتح العثماني للشام ومصر.. ومقدماته من واقع الوثائق والمصادر التركية والعربية المعاصرة له"، يرصد الدكتور أحمد فؤاد متولي، تفاصيل تلك المقابلة بين آخر سلاطين الممالك وبين تاسع سلاطين العثمانين الغزاة.

يقول المؤلف إن طومان مَثُل أمام سليم في اليوم التالي على إلقاء القبض عليه "فقام له السلطان وأخذ يتأمله معجبا بشجاعته وجسارته، وأجلسه على العرش الذي أعده له بجواره".

كان غرض سليم الأول، الذي أخذ يتحدث مع طومان باي بأسلوب رقيق، أن يستفيد من ضمه في العمل مع العثمانيين، نظرا لما شهد منه من صلابة في المواجهات العسكرية.

لكن طومان ببطولته التي خلدته في ذاكرة المصريين، خيب الظن السيء لسليم، ودارت بينهما محادثة طويلة، "أظهر فيه طومان باي رباطة جأش وشجاعة مدافعا عن شرفه وشرف بلاده".

 

في البداية تحدث طومان، قائلا إن ما حدث من سقوط القاهرة إنما هو من ترتيب المقادير.

-              لولا أن دولاتنا زالت وأدبرت ودولتكم جاءت وأقبلت.. ما قدرت أنت ولا غيرك على أخذ بلادنا، فإنه لو كان بالقوة والشجاعة ما كنتَ أقوى منا ولا أشجع، وها أنتم رأيتم كيف فعلنا مع عسكركم وكسرتهم كذا وكذا مرة.

اهتم سليم بكلام طومان باي وأبدى إعجابا بالغا بحديثه، وقال له:

-              والله ما كان قصدي أذيتك، ونويت الرجوع من حلب. ولو أطعتني من الأول وجعلت السكة (العُملة) والخطبة باسمي ما جئت لك وما دست أرضك.

رد طومان باي قائلاً:

-              الأنفس التي تربت في العز لا تقبل الذل. هل لو أرسلت لك أنا وأمرتك أن تكون تحت أمري، هل كنت ترضى؟ وهل سمعت أن الأسد يخضع للذئب؟ لا أنتم أفرس منا ولا أشجع منا، وليس في عسكرك من يقايسني في حومة الميدان.. ولكن أنا أعرف أن ما عليك أضر من هذين الشيطانين – وأشار إلى خاير بك والغزالي – فإنهما لو كان فيهما خير لكان لنا.

امتلأ سليم إعجابا بكلام غريمه وشجاعته، وقال:

-              والله مثل هذا الرجل لا يقتل، ولكن أخروه في الترسيم حتى ننظر في أمره.

انتهى الحوار الذي دار بين الغازي والحاكم الشجاع، بأن أمهل سليم الأول نفسه بعض الوقت لينظر في أمر طومان باي. وبحسب المؤلف فإن الغازي العثماني أقام في الأيام التالية على ذلك حفلات فاخرة لطومان باي، أملا في استمالته، إذ لم يكن يرغب في قتله لكن الأمور تغيرت فيما بعد بفعل نفس الخونة الذي باعوا البلد للمحتلين، وأيضا لأن شخصية مثل طومان لم تكن تقبل أن تعيش تلك الحياة الذليلة.