الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

طارق العوضي يكتب: " نعم.. نادر مات كافرا"

الرئيس نيوز

في لحظة حاسمة بالنسبة له قرر المهندس نادر أن يملي إرادته على الجميع وعلى مرأى ومسمع من العالم كله، قرر أن يلقي بنفسه من أعلى برج القاهرة، كي يشاهده جميع من قتلوه علّهم يدركوا حجم وفداحة جريمتهم وهم يشاهدون الحلم يسقط من أعلى ارتفاع إلى الأرض.

 بعض الناس وجدت في قفزته الشجاعة الكافية للإخبار بأنه ليس الفاعل الوحيد لهذه الجريمة، وأن كل من حوله كانوا سببا في هذه القفزة، وكأنها الأمل الوحيد للنجاة من واقعهم المزيف!، وآخرون انشغلوا بالإجابة عن سؤال اعتبروه "وجودي" وهو "هل مات نادر كافرا؟!".

الإجابة على هؤلاء وبكل صدق نعم هو كافر، كافر بكم, كافر بزيفكم وتلوثكم وظلمكم وتنمركم, كافر بحياتكم، كافر بجبنكم عن الاعتراف بأنه اليأس الذي أصبح يأكل شبابنا هذه الأيام.. يأس حتى من الكلام فوجد أن هذا التصرف ربما يكون فيه نجاته من كل هذه البشاعة.

نادر هو ضحية الواقع الاجتماعي الذي تأثر بالانقسام والتشويه وروح التربص، التي هي نتيجة لوجود انقسام بيننا سواء مؤيدين أو معارضين لسياسات الحياة والأحداث المحيطة .

نادر هو نتاج جريمتكم، فخوف البعض من التربص والتنمر وعدم قدرتهم على التعبير عن حياتهم وأنفسهم دفعتهم للتقوقع والدخول في شرنقة الوحدة والابتعاد عن الناس، ما يؤدي طبعا للدخول في اكتئاب حاد ومع عدم المساعدة  والوحدة سيؤدي في النهاية إلى الانتحار .

نادر الكافر بوعودكم الكاذبة وإعلامكم الكذوب وسياستكم وجنتكم الموعودة على الأرض والتي لم يجد فيها إلا عذابا وقهرا وفقرا وذلا.

أيها القابعون خلف المكاتب والمقاهي وفي الغرف المغلقة وخلف "أزرار الكيبوردات" اعترفوا بجريمتكم وتحملوا مسؤولية قتل نادر بشجاعة ولو لمرة واحدة، فحولكم ألف ألف نادر.

 كفوا عن إلحاق الأذى بمن حولكم ظنا منكم أن هذه مجرد مزحة، كفوا عن الكذب، كفوا عن وعودكم الكاذبة، دعوا الزهور تتفتح .

لا تستهينوا بالكلمة فالكلمة يمكن أن تحيي أملا ويمكن أن تميت حلما، دعوا لأرواح الناس متنفسها واسبقوا الموت بإخراج كل ما هو جميل داخلكم .

نادر هو نتاج جريمتكم، وابن شرعي لتخاذلكم، وها هو قد مات كافرا بكم فانعموا بإيمانكم.