الثلاثاء 23 أبريل 2024 الموافق 14 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

نظرة للتجربة الحزبية

الرئيس نيوز


الطبيعي في أي نظام سياسي، أن يقوم على التعددية الحزبية، والأصلح لمصر كدولة، والأنفع لأهلها كشعب، أن يكون لدينا تجربة حزبية قوية وحية، تتنافس فيها الأحزاب للوصول إلى السلطة، ومن أجل ذلك تقدم أفضل البدائل لصالح المواطن، وهذا ما نفهمه كداع لتأسيس الأحزاب، فهي تنظيمات سياسية، هدفها الوصول إلى السلطة، عبر تنافس ديمقراطي، تقدم أفضل البرامج، وتسعى للحصول على ثقة الناخب في صندوق الانتخابات نزيه لا يخضع لمؤثرات ترهيب وترغيب للتأثير على صوت الناخب فيه، أو ينبغي أن يكون كذلك!

 لست هنا من أنصار جَلد الأحزاب المصرية، وتصويب إليها كل سهام الخطايا، لكن المطلوب جدياً البحث في أسباب تخلف التجربة الحزبية وعلاجها، التجربة الحزبية الحالية تنقسم إلى ثلاث مدارس أساسية في رأيي، المدرسة التقليدية، وهي أحزب نشأت بقرار رسمي تقريبًا، من أول تجربة المنابر في السبعينيات، التي بدأت بداية معقولة، لكنها سرعان ما تماهت مع السلطة، وتحولت إلى مقار خاوية، وقيادات تاريخية تستمر طوال حياتها على قمة الحزب، تدعى السعي وراء تداول السلطة، لكنها استمرت سنوات طوالاً دون أي تداول داخلي أو تجديد دماء، فأصابها ما أصاب السلطة قبل 25 يناير، تصلب شرايين سياسي، فبقيت الوجوه نفسها على قمتها إلا من رحم ربى.

والنوع الثاني وهي أحزب 25 يناير، سواء التي مهدت لقيامها، أو التي ولدت بعدها ونتيجة لها، وكان يجب على هذه الأحزاب تحديداً أن تطور خطابًا مختلفًا يجذب لها الجمهور، لكن لأن أغلبها نشأ نتيجة "معارضة" نظام ما قبل 25 يناير، فلم تستطع أن تتدارك حتمية تحولها لأحزاب، كما هو الطبيعي لبناء تحول ديمقراطي، لا أن تبقى بعقلية الحركات الاحتجاجية كما اعتادت، استمرت هذه الأحزاب بعقلية الحركة الاحتجاجية، فلما انحسر العمل الاحتجاجي، سواء نتيجة لفقدان الظهير الشعبي، أو للتضييق الرسمي نتيجة لقانون التظاهر، فمن ثم تحولت أغلب هذه الأحزاب إلى إصدار البيانات الاحتجاجية تعبيرًا عن رفضها قراراً رسميا ما، أو قانونا يتم اقراره، بالتأكيد ذلك حقها السياسي، لكن أغلبها وللأسف لم يدرك أن ابتعادها عن أية معركة انتخابية، أفقدها أهم نقطة للتأثير في الجمهور التقليدي، خارج إطار النشطاء المهتمين بالعمل العام.

أخيرًا النوع الثالث الأحزاب التي يقودها رجال أمن، سواء ضباط جيش أو شرطة سابقون، طبعاً من حق أي مواطن يتمتع بحقوقه السياسية أن يؤسس حزباً، لكن هناك ظاهرة فريدة هي توجه العديد من اللواءات السابقين لتأسيس أحزاب سياسية بعد 30 يونيو، لكن بعد تقييم التجربة السريعة، لم تختلف هذه الأحزاب عن الأحزاب التقليدية، تماهت جدًا مع السلطة، وانتهت بدورها إلى مقار خاوية، وجنرالات بلا جنود!.

صحيح أن قوانين الانتخابات ليست الأفضل، صحيح أن معايير تكافؤ الفرص ليست واضحة، صحيح أن هناك خللاً في مرحلة التحول الديمقراطي، فالأصل في أي انتخابات هو حرية طرح الرأي والرأي الآخر، دون تخوين أو تكفير، لكن الحقيقة أنه في 2011 و 2012، تم تكفير كل من يخالف تيار الإسلام السياسي، وبعد 30 يونيو تم تخوين كل من يخالف الرأي الرسمي، لكن مقاومة ذلك يجب أن تتم بحرث مسار ديمقراطي، بزخم شعبي، وسحب أكبر عدد من الجمهور على أرضية الإصلاح، وذلك لن يحدث إلا بنشر خطاب معتدل للتطوير والإصلاح والديمقراطية في كل انتخابات، سواء كانت برلمانية أو محلية أو نقابية، أو حتى اتحادات الطلبة!.

والحق أنه لأول مرة في تاريخ مصر، يتولى منصب نائب المحافظ أربع شباب منتمين لأحزاب سياسية مختلفة، من أصل ٥ من شباب تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، و٩ من شباب البرنامج الرئاسي plp، فإن كان هذا التوجه الجديد يمكن البناء عليه لتحقيق أكبر استفادة ممكنة لتقوية التجربة الحزبية، هل تشهد انتخابات مجلسي النواب والشيوخ والمجالس المحلية حالة فرز قوية لكوادر سياسية حزبية قادرة على التواصل مع الجمهور وعرض أفكارها، لتكسب ثقة الناخب في هذه الاستحقاقات الانتخابية؟!