السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"تجاهله يا ريس وستعرف حجمه".. كواليس الحرب الخفية بين "الشاذلي والجنزوري"

الرئيس نيوز

كمال الشاذلي.. اسم كبير في عالم السياسة لأكثر من نصف قرن، منذ منتصف الستينيات إلى أن توفي في مثل هذا اليوم، 16 نوفمبر، عام 2010، وهو أقدم برلماني في العالم.

9 سنوات مرت على وفاة "رجل كل العصور" كما كان يُلقب، فهو الرجل الذي استمر نائبا برلمانيا لأكثر من 46 سنة. بدأ مشواره في عهد الرئيس جمال عبد الناصر عضوا بمجلس الأمة وأمينا للاتحاد الاشتراكي، ثم توسع نشاطه في زمن الرئيس أنور السادات ليكون من أوائل قيادات الحزب الوطني الذي تأسس في نهاية السبعينيات، ثم ظل طوال 30 سنة من حكم مبارك مدافعا عن النظام.


كان "الشاذلي" متداخلا مع كل أجهزة نظام مبارك، له كلمة وتأثير ورجال في كل مكان، يستطيع أن يقيم الدنيا على هذا أو يُقعدها لذاك، فهو زعيم الأغلبية البرلمانية الذي كان يحرك النواب من حوله في مجلس الشعب بإشارة شهيرة من حاجبه.

لذلك، كان "الشاذلي" طرفا في العديد من المعارك والصدامات الخفية داخل أروقة نظام مبارك، ومن المسئولين الذين كانت له معهم عدة مواقف الدكتور كمال الجنزوري، رئيس الوزراء الأسبق.

ويروي "الجنزوري" في مذكراته "طريقى .. سنوات الحلم .. والصدام .. والعزلة"، 2013، بعضا من هذه المواقف التي تكشف عن علاقة صدامية ولكنها مكتومة بينه وبين كمال الشاذلي.

يحكي "الجنزوري" أنه أثناء رئاسته للحكومة، فوجئ بأن النائب البرلماني آنذاك، أيمن نور، عضو مجلس الشعب، قدم استجوابا إلى رئيس الوزراء، لعدم أداء اليمين الدستوري عندما تولى منصب وزير التعاون الدولي، الذي أضيف إلى التخطيط في 17 يوليو 1997.

استجواب بسبيط يتعلق بإجراءات دستورية وقانونية لا أكثر، لكن كان وراءه رسالة فهمها "الجنزوري" في النهاية.

يضيف: "أخبرني السيد كمال الشاذلي أن هذا الاستجواب أعده الدكتور فتحي سرور مع السيد أيمن نور، في محاولة غير مفهومة؟ لخلق وقيعة بيني وبين فتحي سرور".

ويواصل رئيس الوزراء الأسبق: "بعد يوم واحد كنت مع الرئيس، وأخبرته بما قاله كمال الشائلي، وبعد ساعة طلبني، وقال: طلبت فتحي وسألته: كيف يتأتى العمل على هدم الرجل الذي يشتغل بجد ونجاح؟!".

ويعقب "الجنزوري": "لم أفهم الأمر على أنه تقدير لى، ولكن رسالة بأنه قادر على حمايتى إذا أراد أو على خلق الصعوبات والمشاكل، وهدمى دون تدخل مباشر منه، ولكن بأيدى رجاله بمجلس الشعب".

قصة أخرى بين "الجنزوري" والشاذلي" أيضا تكشف مدى سيطرة الأخير على الأمور. إذ كان رئيس الحكومة قد أصدر قرارا يمنع أعضاء الحكومة من نشر نعي بالجرائد، حفاظا على المال العام، وجرى تنفيذ القرار بشكل صارم، لكن بعد مرور سنة حدث ما خالف ذلك.

يروي: "فوجئت ... بمدير المراسم يخبرني أن شقيقة كمال الشائلي توفيت، فطلبت أن يرسل برقية عزاء، وسأتصل به عندما أعود للمكتب أواسيه، إلا أنني فوجئت في اليوم التالي بنعي في جريدة الأهرام باسمي وقد شعرت بضيق شديد جدا، ولماذا كمال الشاذلي؟!".

أحال "الجنزوري" مدير المراسم وأحد معاونيه للتحقيق. يوضح: "كان الهدف الحفاظ على المصداقية أمام الرأي العام. كيف أستمر أكثر من سنة في عدم نشر نعي لأي حالة وفاة، فإذا تمت تكون لكمال الشاذلي، فسيبدو أن له وضعا خاصا يختلف عما عداه".

ويعقب رئيس الحكومة الأسبق: "البعض تصور أنه له حق أكثر من الآخرين".

ويتابع: "تحدث كمال الشاذلي مع زكريا عزمي أو مع الرئيس، المهم طلبني الرئيس، وقال لي: لا داعي للتحقيق وخلاص النعي تم وأعتقد أنه لن يتكرر ثانية. وحتى لا أفاقم الأمر أوقفت التحقيق، وكفاني أنه أعلن أن هذا التصرف خطأ".

نأتي إلى الجانب الأهم من هذه القصة، ففي تلك المرة قال "مبارك" لرئيس حكومته بصراحة: "إنني أخاف عليك من كمال الشاذلي ويمكن أن يشكل لك الكثير من المشاكل داخل المجلس". فرد كمال الجنزوري: "لا تخف يا ريس، فأنا أعرف جيدا كمال الشاذلي".

واقترح "الجنزوري" على الرئيس الأسبق طريقة ليختبر حجم وقوة "الشاذلي"، قائلا لـ"مبارك": "أرجو أن تتوقف لمدة شهر واحد عن مخاطبته، لا تكلمه تلفونيا أو ترد على اتصالاته وسترى يا ريس من هو الشاذلي".

ويحكي: "ومرت أيام وأسبوع وأسبوعان، ولم يتم أي اتصال من الرئيس إلى كمال الشاذلي حتى جُنّ جنونه، وأخذ يتصل بي يوميا ويسألني لماذا لا يحضر أي اجتماع مع الرئيس أو يرافقه في أي زيارة ميدانية.. كيف هذا.. وهل يمكن أن يتعامل مع أعضاء المجلس، وهم يرونه بعيدا عن الرئيس؟!".

كان رد كمال الجنزوري: "لا أعلم"، فلجأ "الشاذلي" إلى زكريا عزمي، رئيس ديوان الرئيس، الذي كان يبلغ "مبارك" بتساؤلات رئيس الأغلبية في مجلس الشعب عن سبب تجاهله طوال هذه الفترة.

يختم "الجنزوري": "استمر الأمر كما هو لمدة شهر.. وعلم الرئيس الحجم الحقيقي لكمال الشاذلي ولكن لم يعلق على هذا.. حتى لا أتصور أنني كنت صائبا".