الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

تقرير: الحكومة البريطانية أساءت استخدام سلطتها وخصعت للتأثير الروسي

الرئيس نيوز

 


أثار تصرف الحكومة البريطانية ومطالبتها بحجب أسماء محددة من تقرير حول التأثير الروسي على السياسة البريطانية، الذي تعده لجنة الاستخبارات والأمن البرلمانية، وفقًا لمصادر مقربة من اللجنة، موجةً عاصفةً من الانتقادات لـ10 داوننج ستريت، وقالت شبكة "أوبن ديمكراسي" الإخبارية، إنه من المفهوم أن عمليات الحجب التي طالبت بها الحكومة البريطانية تهدف إلى حماية قلة من الروس يتخذون من لندن مقراً لهم، وطالت مانحين لحزب المحافظين أو الأفراد الذين يعتبرون أصدقاء لرئيس الوزراء، بوريس جونسون.

وفقًا لمصادر "وايتهول" المقربة من لجنة الاستخبارات والأمن البرلمانية، ولديها معرفة تفصيلية بآلية عملها، لا يمكن للحكومة أو كبار الوزراء طلب حجب أسماء إلا إذا اعتبر نشرها مسألة تتعلق بالأمن القومي.

وقال أحد المصادر: "إذا كان الأمر غير مريح أو محرج سياسياً بالنسبة للحكومة أو حزب المحافظين، فهذا لا يمكن أن يكون سببًا رسميًا لإصدار أمر بحجب أي أسماء". ومع ذلك، إذا اعتقدت الحكومة حقًا أن نشر هذه الأسماء يمثل خطرًا أمنيًا، فإن أهمية هذا التقرير والحاجة إلى نشره على الفور قد ازدادت دونما إبطاء أو تأخير". وأضاف المصدر أن حكومة جونسون تصرفت "خارج نطاق صلاحياتها وسلطتها".

الأموال الروسية والأحزاب الفخمة

وكشفت منصة أوبن ديمكراسي الأسبوع الماضي، إلى أن حزب المحافظين استفاد من تمويلات قدمها المانحون الروس وشركاؤهم، وجاءت تلك الأموال، التي عززت الوضع المالي لحزب المحافظين قبيل الانتخابات العامة، ومصدرها شركات روسية مرتبطة جيدًا تعمل في تعزيز الضغط والحشد من أجل حماية المصالح التجارية الروسية.

من بين قائمة المانحين "لوبوف تشيرنوخين"، زوجة نائب وزير المالية الروسي السابق، التي تبرعت بأكثر من 450 ألف جنيه إسترليني لحزب المحافظين في العام الماضي. و"ألكساندر تيميركو"، رجل الأعمال السابق في مبيعات الأسلحة، هو متبرع روسي آخر قدم أموالًا لحزب جونسون في الأشهر الاثني عشر الماضية.

لقد وصف تيميركو علناً رئيس الوزراء بأنه "صديقه"، ووعدت حكومة تيريزا ماي بإبعاد حزبها عن الأموال الروسية بعد حادث تسمم الجاسوس الروسي السابق سيرجى سكريبال وابنته يوليا، بسبب غاز الأعصاب نوفيتشوك، واحتمالات تسمم 11 موقعًا آخر بآثار الغاز في عام 2018.

وهناك صديق آخر لرئيس الوزراء بوريس جونسون - رغم أنه ليس من المتبرعين لحزب المحافظين المعروفين - وهو "إيفجيني ليبيديف" صاحب المجموعة الإعلامية التي تنشر صحيفة London Evening Standard and Independent، وهو نجل عميل الكيه جي بي السابق ألكسندر ليبيديف ومقره موسكو، وقد استضاف جونسون عدة مرات في منازله المختلفة في لندن، وفي ريتشموند وفي فيلته في إيطاليا.

تفاصيل زيارات جونسون لفيلا ليبيديف بالقرب من بيروجيا – والحفلات الباهظة التي حضرها هناك - تم الكشف عنها لأول مرة من قبل شبكة أوبن ديمكراسي في وقت سابق من العام الجاري. ولم يتم تأكيد ما إذا كانت تشيرنوخين أو تيميركو أو ليبيديف من بين المذكورين في تقرير لجنة الاستخبارات والأمن البرلمانية.

يعد طلب إعادة صياغة تقرير روسيا المثير للجدل الصادر عن اللجنة البرلمانية هو الأحدث في سلسلة من محاولات حكومة جونسون لمنع أي نقاش قائم على الأدلة بشأن التأثير السري المزعوم لروسيا على السياسة البريطانية ومحاولات تأجيل هذا الملف إلى ما بعد انتهاء الانتخابات العامة الشهر المقبل.

في الأسبوع الماضي أعلنت الحكومة البريطانية بشكل غير متوقع تأجيل نشر التقرير. ووصف دومينيك جريف، رئيس اللجنة البرلمانية المعنية، القرار بأنه "ضربة في الوجه"، قائلاً إن الحكومة لم تقدم أي سبب وجيه.

من المفهوم أن أجهزة الأمن قد وافقت على الإصدار النهائي لتقرير اللجنة البرلمانية مع بدء عملية تحقيق مطولة استمرت منذ حوالي سبعة أشهر.

تم تسليم المسودة النهائية للتقرير إلى الحكومة في بداية الشهر الماضي. وفي هذه المرحلة تم إصدار أوامر بتنقيحات وعمليات حجب واسعة النطاق ولم يتضح بعد ما إذا كان الطلب قد تم تقديمه مباشرةً من جونسون أو من خلال فريق كبير من المستشارين المقربين منه.

وقد أصرت شخصيات حكومية رفيعة على أن تأخير صدور التقرير لأسباب روتينية. وقال المستشار ساجيد جافيد إن الجدول الزمني لنشر تقرير اللجنة البرلمانية "طبيعي تمامًا".  وقال مايكل جوف إن التقرير يتم التعامل معه بطريقة "مناسبة"، حيث أشار وزير النقل جرانت شابس إلى أن "آلية الحكومة" مسؤولة عن التأخير.

ويدرس التقرير المكون من خمسين صفحة - وهو نتيجة لما يزيد عن عام من عمل لجنة الاستخبارات والأمن البرلمانية - التأثير والنشاط والتدخل الروسي المشتبه في أنهما يؤثران على السياسة البريطانية والمؤسسات الحليفة، وجمعت اللجنة أدلة من محللين استخباراتيين بارزين بالإضافة إلى تلقي بيانات من الفروع الثلاثة لشبكة المخابرات البريطانية، MI5، MI6 و GCHQ.

وبحث التقرير الروابط المحتملة للكرملين والمخابرات الروسية، وتأثير الأموال الروسية في المملكة المتحدة، والعلاقات التي يتمتع بها المنفيون الروس في لندن على أعلى مستوى بالنخبة السياسية في المملكة المتحدة، وهي أمور نوقشت جميعًا في التقرير.

ووصفت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، أمس الاثنين، منع نشر التقرير بشأن التسلل الروسي المحتمل للسياسة البريطانية بأنه "مدمّر، ولا يمكن تفسيره ومخزي".