الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

سعد الحريري.. الطعم المُرّ للاستقالة من بيروت

الرئيس نيوز

استقالة جديدة في مسيرة سعد الحريري السياسية، لكنها هذه المرة جاءت "من الداخل"، كرد فعل اضطراري على الشارع اللبناني الذي ملأ الساحات بالاحتجاج منذ نحو أسبوعين.

اليوم، وبعد 13 يوما من حراك جماهيري ضد الفساد، قدم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته إلى رئيس الجمهورية ميشال عون.

في قصر بعبدا الرئاسي سلم "الحريري" ورقة واحدة إلى "عون" حملت تنحيه عن المسئولية السياسية في لبنان، في لقاء قصير خرج منه رئيس الحكومة المستقبل دون كلام، وكأنه لا شيء يقال في هذا الموقف المتأزم.

قبل ذهابه إلى القصر الرئاسي، كان سعد الحريري خرج في كلمة تلفزيونية قصيرة إلى اللبنانيين، من مقر الحكومة في بيروت، معترفًا بأن الوضع "متدهور"، وأنه حاول إيجاد مخرج سياسي يمكن من خلاله السماع لأصوات الناس، لكنه فشل.

"طريق مسدود" وصل إليه سعد الحريري الذي ورث التركة السياسية لأبيه صاحب الشعبية الجارفة رفيق الحريري، معتبرًا أن أسلوب "الصدمة" بدا أنه الحل لمواجهة الأزمة.

وليست هذه الاستقالة الأولى لسعد الحريري، إذ سبقها اثتنان، واحدة منهما كانت بشكل درامي وحّد اللبنانيين حوله قبل عامين، لكن المشهد تغير باحتجاجات ضده حاليا.

فقبل 10 سنوات، في نوفمبر 2009، شكّل "الحريري" الحكومة بتكليف من الرئيس ميشال سليمان، لكنه واجه أزمة سياسية محتدمة على خلفية قضية اغتيال والده رفيق الحريري في فبراير 2005، إذ ضربتها الاستقالات المتتالية بعدد 11 وزيرا، ما أفقد الحكومة شرعيتها الدستورية فأصبحت ساقطة.

بعد سنوات من التواصل لصيغة توافقية سياسية في لبنان، في العام 2016، كلف الرئيس ميشال عون "الحريري" بتشكيل الحكومة، وبدت الأمور هادئة ومبشرة بفترة سياسية مستقرة، حتى جاءت لحظة الاستقالة الدرامية من خارج البلاد.

وفي 4 نوفمبر 2017، خاطب "الحريري" الشعب اللبناني في كلمة تلفزيونية من السعودية التي سافر إليها بشكل مفاجئ، ليعلن لهم استقالة حكومته، في خطاب شهد هجوما شديدا على حزب الله ولبنان، الأمر الذي أغرى محللون باعتبار الاستقالة "إجبارية" من المملكة السعودية التي تعادي طهران.

بعد الاستقالة الصادمة، بدا سعد الحريري بالنسبة للبنانيين رمزًا لبلدهم، إذ رأوا أن الشكل والمكان الذي أعلن به ومنه الاستقالة، يعد اعتداءً على الاستقلال الوطني، متهمين المملكة السعودية باحتجار رئيس حكومتهم.

"نعتبره محتجزًا وموقوفًا وحريته محددة في مقر إحتجازه"، هكذا رد الرئيس اللبناني وقتها على تساؤلات عن موقفه من استقالة "الحريري".

كان الجميع يرفض البت في "الاستقالة الغامضة"، ويشدد على ضرورة عودة الحريري إلى لبنان أولا، وبعد 18 يوما عاد بالفعل بعد حديث عن وساطة فرنسية مصرية.

بعد العودة، أعلن "الحريري" أنه سيستجيب لدعوات التريث في الاستقالة، لكنه اشترط وجود "شراكة حقيقية بين القوى السياسية في تقديم مصلحة لبنان على أي مصالح أخرى"، مطالبا الجميع "الالتزام بسياسة النأي بالنفس عن النزاعات الإقليمية وكل ما يسيء إلى العلاقات الاخوية مع الأشقاء العرب".

بدت تلك الأزمة "إقليمية" بالدرجة الأولى، مرتبطة باستخدام لبنان في الصراعات الكبرى بين إيران والسعودية، وكانت انتفاضة اللبنانيين مفعمة بالمرارة والغضب على شبهات تدخل خارجي في شئونهم تصل لدرجة إجبار رئيس حكومتهم على ترك منصبه، لكن "الحريري" لم يبد أنه يشعر بتلك المرارة آنذاك.

الأمر انعكس هذه المرة، ففي 16 أكتوبر الجاري، خرج آلاف اللبنانيين في الشوارع احتجاجا على فرض ضرائب جديدة، ومطالبين بإسقاط النظام وتطهير لبنان من الفساد.

بدا الحراك اللبناني قافزا فوق الطائفية والإقليمية والحسابات السياسية المعقدة هناك، ولم تعسف "الحريري" 13 يوما لإيجاد حل لتهدئة المتظاهرين، فقدم لهم ما طلبوه هم هذه المرة؛ الاسقالة، وهي خطوة يسميها وهو يتحدث بمرارة "صدمة إيجابية"، لكن المتظاهرين ربما يختارون من تعبيره الكلمة الثانية فقط.. "إيجابية".