الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

محلل تركي: هذه هي مخاطر حصول تركيا على صواريخ إس 400 الروسية

الرئيس نيوز


كشف المحلل السياسي التركي، تورغوت أوغلو، عن قائمة طويلة من التداعيات السلبية لشراء أردوغان منظومة صواريخ الدفاع الجوي الروسية الصنع (إس 400)، وقال إن الصفقة لا يترتب عليها فرض عقوبات اقتصادية على تركيا فقط، بل ستصل تداعياتها إلى الدخل فضلًا عن إحداثها تغيير جذري في السياسة الخارجية للدولة؛ إذ ستجعلها أكثر تبعية لروسيا وإيران.

حذر أوغلو عبر تحليل أرسل به لـ"الرئيس نيوز"، من عواقب شراء صواريخ إس 400 الروسية. وتحدث عن التشابه بين حادث سفينة "مرمرة" الذي وقع العام 2010، حيث الأزمة الدبلوماسية الشكلية الكبيرة بين تركيا وإسرائيل، وحادث إسقاط الطائرة الروسية في سوريا.

دافع تورغوت عن طرحه بالقول، إنه على الرغم من أن حادث السفينة مرمرة تسبب في مقتل نحو 9 نشطاء أتراك، وهدد أردوغان وقتها بقطع العلاقات مع "تل أبيب"، إلا أن حجم التجارة بين البلدين كان وقتها يقدر بنحو 2 مليار دولار، ليرتفع بعدها إلى 7 مليارات دولار العام 2016 ثم تتوج العلاقات بين البلدين في ذات العام بتوقيع وثيقة التطبيع الكامل.

أما ما حدث مع الطائرة الروسية التي أسقطتها تركيا، فيزعم المحلل التركي، أن في الجيش التركي فريقًا يُوالي روسيا وإيران، وأن هذا الفريق تواطأ مع بعض مستشاري أردوغان وعمدوا إلى تفعيل خطة مرسومة سابقاً. وفي تاريخ 24 نوفمبر 2015، أُسقطت الطائرة المقاتلة الروسية عن عمد على الحدود السورية. وكان هذا حادثاً مدوياً في الرأي العالمي، أرغم تركيا على أن تنحاز إلى روسيا على المستوى الدولي وإلى إيران على المستوى الإقليمي.

أكد تورغوت أنه منذ هذه الواقعة وانفلتت الحبال من يدي أردوغان وفَقَدَ السيطرة على الأوضاع، وفي ظل هذه الأجواء، ذهب أردوغان إلى سوتشي في يونيو 2016، وخلالها صرح الكرملين أن أردوغان اعتذر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

أشار المحلل التركي أن الاعتذار كان من نوع آخر وهو شراء منظومة (إس 400) الروسية، فكانت هذه عملية بدأت بحالة حرب وانتهت بغرام زائف. وقال تروغوت: "أردوغان الذي كان معروفًا بقدرته على إدارة الملفات الخارجية لبلاده بشكل برجماتي، أصبح في زاوية ضيقة لا يملك زمام المبادرة. ولم يَسبق لحكومة حزب العدالة والتنمية أنْ وقعت في مثل هذا الموقف الصعب بين روسيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي".

بدأت التداعيات السلبية للحصول على هذه الصواريخ الدفاعية، بفرض واشنطن سلسلة من العقوبات، إذ أعلن نائب وزير الدفاع الأميركي باتريك شاناهان:

"إن حصول تركيا على منظومة (إس 400) لن يقف عند حدود تهديد أمن طائرات F-35، بل إن ذلك سيعيق إمكانيات تطوير الشعب التركي سبل ترسيخ التعاون مع الولايات المتحدة ضمن حلف شمال الأطلسي، وسيؤدي إلى مزيد من التبعية الاقتصادية والاستراتيجية لروسيا، وسيقوض الأهدافَ الطَّموحة لتركيا في مجال الصناعة الدفاعية والتنمية الاقتصادية. كما أن مواصلتكم السير في هذا الطريق، ستؤدي إلى خسائر في توظيف الأيدي العاملة ورفع مستوى الدخل القومي والتجارة الدولية".

تابع شاناهان: "إن مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى زيادة حجم التجارة الثنائية من 20 مليار دولار إلى 75 مليار دولار، ربما يتعرض لانتكاسة".

أشار تورغوت أن إعلان الولايات المتحدة  تفعيل قانون "جاتسا" أي قانون مكافحة أعداء أميركا على تركيا، هو تحذير دبلوماسي شديد اللهجة يؤكد احتمال فرض عقوبات طويلة الأجل، لن تنحصر بالمجال العسكري بل تشمل المجال المدني أيضاً.

لفت المحلل التركي أيضاً أن الحصول على الصواريخ الدفاعية الروسية، سيترتب عليه وقف تصدير الأسلحة الأوروبية لتركيا، وهي التي تمثل ما يزيد عن 80 % من التسليح التركي، ما يعني أن هذه الخطوة من شأنها أن تؤدي إلى تعطيل المنظومة الدفاعية الموجودة حالياً لدى القوات المسلحة التركية.

تابع تورغوت: "تركيا ما زالت تشتري أسلحتها ومعداتها من الولايات المتحدة منذ حوالى نصف قرن، وبالتالي فإن تعطيلها سيؤدي إلى تعطيل حوالى ألف شركة محلية كبيرة، يعمل لديها عشرات الآلاف من الموظفين. وليس من المستبعد أن تهدد هذه الخطوة مصير الاتفاقيات المبرمة مع الولايات المتحدة في مجال الطيران المدني".

حذّر المحلل التركي المقيم حاليًا في لندن، من أن شراء منظومة الصواريخ كاملة، فإنها لن تكون قابلة للاندماج بشكل كبير مع العقيدة القتالية للجيش التركي، ما يعني أنها لم تستطع أن تستخدمها بفعالية، وإن ذلك لن يجدي نفعاً، ما لم تحصل على نظام الحماية أيضاً".

من السلبيات أيضًا لتلك الصفقة، أن أنقرة ستندرج بكاملها على المستوى الدولي في المعسكر الروسي، وستقترب أكثر من إيران على المستوى الإقليمي، وهذا يعني ابتعادها عن حلف "الناتو"، مما  يخرجها من محورها ويتيح المجال لنظام أردوغان كي يتحول إلى كيان دكتاتوري بحت.

وعن خيارات أردوغان للتعامل مع الأزمة، يقول تروغوت: "أمامه ثلاثة خيارات صعبة وطرق شائكة، لكن يتوجب عليه أن يختار واحدة منها، إما أن يتراجع عن شراء تلك الصواريخ وهنا سيقع بين فكي بوتين، أو أنه يحصل عليها وهنا سيكون قد تجاوز الخط الأحمر للولايات المتحدة وحلف الناتو، ومن المحتمل أن يتعرض لعقوبات اقتصادية باهظة تليها عقوبات سياسية مجحفة على المستوى الدولي. أم الخيار الأخير هو أن تدفع تركيا ثلاث مليارات دولار مقابل الصواريخ لتهدئة بوتين، ولكن لا تُستخدم بل تُرمى جانباً حتى يطيب خاطر الولايات المتحدة والحلف الأطلسي".

ورجح تورغوت أن يكون الخيار الأخير هو أقرب الاحتمالات التي ستصطلح عليها الأطراف المعنية.