الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"الرئيس نيوز" يكشف: الاتفاقات السرية بين أطراف النزاع شمال سوريا

الرئيس نيوز

تسود حالة من الارتباك والضبابية، بشأن التطورات المتلاحقة التي تشهدها مناطق شمال وشرق وشمال شرق سوريا، فتلك المنطقة تحوي مكونات مختلفة، لكل منها داعميها الدوليين والإقليميين، وزاد الطين بلة، القرار التركي باجتياح شرق الفرات، بعد الحصول على ضوء أخر أمريكي، تمثل في قرار مفاجئ للرئيس دونالد ترامب بسحب قواته من سوريا، ما شجع أنقرة على تعجيل قرار الغزو، ليبدأ في 9 أكتوبر الجاري.

في أعقاب الغزو التركي سادت حالة من التنديد الدولي بالعملية العسكرية. ومنذ القرار التركي، أبرمت قوات "سوريا الديمقراطية" المعروفة بـ"قسد" اتفاقين أحدهما مع دمشق، ويقضي بمساعدة الجيش في الانتشار على طول الشريط الحدودي مع تركيا؛ لصد العدوان، بينما  الاتفاق الثان كان مع (أمريكا وتركيا).

يقضى الاتفاق الأخير بوقف إطلاق النار مدة 5 أيام لحين سحب "قسد" قواتها، بطول 32 كيلومترًا، تمهيدًا لإقامة حلم أردوغان بتأسيس منطقة يطلق عليها "آمنة"، وهنا كانت المفاجأة، إذ لماذا تعاونت "قسد" مع دمشق لصد العدوان، بحسب اتفاقها مع الأسد؟ ثم تتفق مجددًا مع "أمريكا وتركيا" على الانسحاب؛ لإقامة "المنطقة المزعومة!   

يكشف عضو المكتب التنفيذي لحركة "الإصلاح الكردي- سوريا"، ورئيس "المجلس الوطني الكردي في كوباني"، ياشار حاج علي، عن أن قوات "سوريا الديمقراطية" لم تجلس للاتفاق مباشرة مع النظام السوري، ولكن الاتفاق الذي تضمن تسليم قوات "قسد" لأماكن سيطرتهم للجيش السوري، كان عبر الوسيط الروسي وليس نظام بشار الأسد، وأكد في تصريحات لـ"الرئيس نيوز" أن الاتفاق لم يكن بمعزل عن الأمريكان أو أن موسكو أخبرت نظيرتها في واشنطن بتفاصيله.

أوضح ياشار أن هناك اتفاقا "أمريكيا - روسيا" على إدخال الأخيرة في شمال وشمال شرق سوريا، مقابل منع موسكو من استخدام حق الفيتو في إجهاض مشروع ما يسمى بـ"المنطقة الآمنة". ولفت إلى أن الاتفاق "الأمريكي التركي" يقضي بانسحاب قوات "قسد" من المناطق المتاخمة للحدود التركية، بعمق 32 كيلومترًا، على أن يتم تأسيس ما يسم "المنطقة الآمنة" والتي ستكون برعاية دولية وتحديدًا (أوروبية روسية).

تابع القيادي الكردي: "بحسب الاتفاق الأمريكي التركي فإن تلك المنطقة لن يكون فيها قوات (قسد) ولا جيش الاحتلال التركي ولا المرتزقة الموالين لأنقرة، لكن سيكون فيها قوات دولية لحفظ السلام وقوات روسية وقوات من الجيش السوري"، مبينًا أن الاتفاق الأمريكي التركي يقتصر على سحب قوات قسد من "رأس العين حتى تل أبيض" فقط.

وشدد ياشار، على أن جميع الأطراف متفقة على وحدة الأراضي السورية، كما أن المزاج الدولي لا يرغب في تقسيم جديد للمنطقة.

وعن مصير قوات "قسد" بعد انسحابها بعمق 32 كيلومترًا، قال ياشار: "قوات سوريا الديمقراطية ستتواجد في الرقة، وريف الحسكة ودير الزور"،  واختتم حديثه بالقول إن قوات "قسد" لم تسلم حتى الآن أي من أسلحتها للجيش السوري، الذي دخل شرق البلاد بأدنى مستويات تسليح؛ لكون دخوله إلى تلك المنطقة بضمانة روسية. مشيرًا إلى أن الإمكانيات التي يتسلح بها الجيش حاليًا لا تمكنه بأي شكل من الأشكال من مجابهة الأتراك أو مرتزقتها.

بدوره، أكد القيادي الكردي، المتحدث باسم دائرة العلاقات الخارجية، بالمجلس السوري الديمقراطي، كمال عاكف، أن التفاهمات التي تمت بين قوات "سوريا الديمقراطية" (قسد) والنظام السوري، تفاهمات عسكرية بحتة، وأنها تمت بشكل مباشر مع روسيا، وأنها كانت تستهدف في المقام الأول، صد العدوان التركي.

واصفًا خلال حديثه مع "الرئيس نيوز"، العدوان التركي بـ"البربري"، الذي له تداعيات خطيرة على الأرض، وذو التأثير السلبي على ما يعتبره (تجربه ديمقراطية بين مكونات شمال وشرق سوريا)، فضلًا عن مخاطره على وحدة الأراضي السورية، وعلى الحل السياسي، وكذلك على محاربة تنظيم "داعش"، لذلك قررنا الدخول في هذه المفاوضات.

وذكر عاكف أن الاتفاق بين "قسد" والنظام، يقضي بنشر الجيش السوري، لقواته على طول الشريط الممتد من أقصى شمال وشرق سوريا، أي من نهر دجلة حتى مدينة منبج، وتابع: "للأسف المناطق التي تشهد هجمات تركية، هي المناطق الممتدة من رأس العين حتى تل أبيض، والنظام حتى الآن لم يناقش معنا أو عبر الوسيط الروسي وضع هذه المناطق".

وأضاف عاكف: "اتفاقنا لم يكن على تسليم مناطق سيطرتنا كما يروج البعض بل معاونة الجيش على الانتشار حدوديًا مع تركيا؛ لصد العدوان الهجمي". موضحًا أن انتشار الجيش على الحدود لم يصل إلى مرحلته العملية كما نطمح؛ فالجيش انتشر في مناطق نعتبرها درجة ثانية من حيث المواجهة مع تركيا، وحتى اللحظة نطالب بتدخل سوري روسي للوصول إلى الشريط الحدودي لمنع تركيا من تنفيذ مزيد من التوغل في الأراضي السورية.

وفيما يخص الأوضاع في بلدة رأس العين الحدودية مع تركيا التي حصل بشأنها الاتفاق (التركي الأمريكي بمشاورة قوات قسد)، قال عاكف: "لما تأخر الجيش في دخول تلك المنطقة، ومن باب الحرص على عدم تحول المنطقة لساحة صراع، ولمنع المجازر التركية، وافقت "قسد" على الاتفاق، وقررت الانسحاب من خطواط التماس مع تركيا، وليس كما تزعم أنقرة انسحاب بعمق 32 كيلومتر، فبحسب الاتفاق، هذه الخطوة يقابلها إلتزام تركي بسحب جيشه ومرتزقته من تلك المدينة".

وشدد القيادي الكردي على أن قسد لن تسمح بالتواجد التركي أو مرتزقته في تلك المنطقة، وانها لن تنسحب بعمق 32 كيلوامتر، ونحن ننتظر دخول قوات أممية لتلك المنطقة لمنع تجدد الاشتباكات.

وتابع: "التفاهم مع دمشق مستمر، ونعتبره جزءا من الحل. ونحن نعمل سويًا على درء الهجوم التركي ودفعه، وبعد الانتهاء من مواجهة العدوان، سيكون ذلك بمثابة نواه لفتح نقاشات بين دمشق والإدارة الذاتية في شمال وشمال شرق سوريا، حول العملية السلمية، التي ستفتح بدورها أفق للحل النهائي للأزمة".

وأشار عاكف، إلى أن دعوة قوات "سوريا الديمقراطية" للجيش السوري للانتشار على الحدود، يقطع الطريق أمام الاتهامات الموجهة لـ"قسد" بسعيها للانفصال بشمال وشرق سوريا، مضيفًا: "دعونا أكثر من مرة الحكومة السورية للمجيء إلى الحدود لتأمينها، لكن كان هناك تردد، وشاءت الظروف أن حصل هذا التفاهم بشكل مبدائي وعملي بعد الهجوم التركي"، موضحًا أنهم طالبوا دمشق بالاضطلاع بمهامها إبان الغزو التركي لشمال سوريا واحتلال مدينة عفرين، لكن الجيش السوري لم يقدم أي شيء لتلك المدينة المحتلة الآن من قبل أردوغان ومرتزقته، والذين يمارسون فيها حاليًا تغييرًا ديموغرافيًا وطمسَا لهويتها أمام صمت دولي على تلك الجريمة".

واختتم عاكف حديثه بالقول إن قوات "سوريا الديمقراطية"، هي قوات "نخبة"، تعترف الدول كافة بدورها في فرض الأمن في شمال وشرق سوريا، عندما انهارت جميع مؤسسات الدولة، فضلًا عن دورها الرئيس في القضاء على تنظيم "الدولة"، مشددًا على أنها قوات تمثل جميع المكونات في الشمال والشرق السوري.