السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

عندما قال مبارك لفتحي رضوان:"أنا بمسح جزمتي بنفسي"

الرئيس نيوز


 


يوافق اليوم، 2 أكتوبر، ذكرى وفاة السياسي المخضرم فتحي رضوان، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 1988، بعد مسيرة طويلة في العمل في الصحافة والسياسة والمحاماة، منذ منتصف ثلاثينيات القرن الماضي.

وُلد "رضوان" في 14 مايو 1911 في محافظة المنيا، والتحق بكلية الحقوق عام 1929، وبعد أن تخرج فيها عمل بالمحاماة منذ عام 1933، وعندما توفي دُفن بجوار الزعيمين مصطفى كامل ومحمد فريد.

كان فتحي رضوان من مؤسسي حزب "مصر الفتاة"، وتركه في 1937 بعد اختلافه مع صديقه أحمد حسين، لينضم إلى الحزب الوطني، لكنه سرعان ما خرج منه ليؤسس "الحزب الوطني الجديد" وأصدر جريدة "اللواء الجديد" عام 1944 على مبادئ الزعيم مصطفى كامل.

بسبب نشاطه السياسي ضد الإنجليز والملك، تعرض "رضوان" للاعتقال، وعندما قامت ثورة 23 يوليو 1952 كان في سجن "الهايكستب"، وسرعان ما استعان به ضباط يوليو لخبرته السياسية والقانونية الكبيرة.

كان بمثابة المستشار السياسي للزعيم الراحل جمال عبد الناصر في السنوات الأولى للثورة، إذ كان "ناصر" يقدره كثيرا، كما اعترف له ضباط الثورة بأنهم تربوا على مقالاته السياسية.

شغل فتحي رضوان منصب وزير الدولة في وزارة محمد نجيب ثم وزارة الإرشاد القومي التي أسسها، وخرج منها عام 1958، بسبب خلاف مع عبد الناصر، لكنه ظل مهتما وفاعلا في الشأن العام حتى وفاته في أواخر الثمانينيات.

واختلفت علاقة فتحي رضوان بالنظم السياسية منذ ثورة 1952، إذ كان قريبا من "عبد الناصر" ثم حدث خلاف بينهما، وفي عهد "السادات" كان من المعارضين لسياساته، وكان ممن وضعوا في السجون في اعتقالات سبتمبر 1981 مع العديد من السياسيين والمفكرين.

وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ظل فتحي رضوان يكتب المقالات المنتقدة لسياسات الحكومة، لكن ثمة قصة حدثت بين الرجلين، رواها الراحل محمد حسنين هيكل في كتابه "مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان".

تقول القصة إن رئاسة الجمهورية اتصلت بـ"رضوان"، لتبلغه أن "مبارك" يريد أن يلتقيه ويتعرف عليه، وأنه حدد له موعدا للمقابلة في استراحة "الدخيلة".

يضيف "هيكل" أن فتحي رضوان تحمس للغاية للمقابلة، إذ كان "لديه كثير يريد أن يقوله، وقد كتب بالفعل نقطا استغرقت خمس ورقات بخطه"، ليقولها أو يناقش الرئيس فيها.

جاءت سيارة من رئاسة الجمهورية لتقل فتحي رضوان إلى مطار ألماظة، ومنه إلى الدخيلة، وفي الاستراحة فوجئ بأن ميعاده مع "مبارك" تأخر لساعتين لأن لديه ضيفا إفريقيا كان في زيارة لمصر آنذاك.

لكن التأخير استمر لخمس ساعات، ليأتي أحد أمناء الرئاسة ليخبره أن "مبارك" سيستقل طائرته الرئاسية الآن مع الضيف الإفريقي عائداً إلى القاهرة، وأنه سيجلس مع "رضوان" في الطائرة لمدة ساعة على الأقل.

بعد ربع ساعة من إقلاع الطائرة، ترك "مبارك" ضيفه الإفريقي في المقاعد الأمامية للطائرة وذهب إلى فتحي رضوان في الخلف، معتذرا له عما حدث، "لأنه لم يتذكر موعده مع الرئيس الأفريقى، كما أن مكتبه لم يعرف كيف ينسق ما بين موعدين".

يقول "هيكل" إن حسني مبارك "أراد في دفع مظنة الإهمال أن يقول لفتحي رضوان إنه مازال نفس الرجل لم يغيره منصب الرئاسة".

لكن اللافت ما قاله "مبارك" لـ"رضوان" لينفي عنه شبهة "التغير"، إذ أقسم له قائلا: "تصدَّق بالله يا فتحى بيه أنا لا أزال وأنا رئيس الجمهورية أمسح حذائي صباح كل يوم بنفسي، أجلس على الأرض، وأمسح الحذاء بالورنيش، ثم الفرشة، وبعدها قطيفة ألمعه بيها".

بدا الكلام غريباً على أذني فتحي رضوان، الذي امتهن العمل السياسي منذ أكثر من نصف قرن، إذ أخذ يشرح للرئيس مبارك "أن رئيس الدولة لا يصح له تضييع وقته فى مسح حذائه".

رد الرئيس مبارك: "هذه من عوائدي كل يوم، حتى وأنا تلميذ في ابتدائي، وحتى أصبحت قائداً للطيران، ونائبا لرئيس الجمهورية، والآن رئيسا لمصر".

لم يستطع "رضوان" أن يكمل وجهة نظره لـ"مبارك" في موضوع الحذاء، أو حتى يناقشه في موضوعات أخرى، إذ جاء من يخبر الرئيس أن الطائرة على وشك الهبوط، ليصطحب ضيفه الإفريقي.

قبل أن يغادر "مبارك" مقعده بجوار فتحي رضوان، أخبره أن سيارة ستوصله من المطار إلى منزل الرئيس ليتحدثا باستفاضة لتكون  الجلسة الحقيقية بين الرجلين".

لكن السيارة التي كانت تنتظر "رضوان" حملته إلى منزله هو وليس إلى منزل الرئيس، وفيما بعد أخبر "هيكل": "هل يُعقل أن أضيع يوماً كاملاً في السفر ذهابا وعودة نفس اليوم، ثم يكون لقائى معه خمس دقائق لم أستفد منها إلا أنني علمت أنه يمسح جزمته بنفسه!!".