الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"البوليس الحربي المصري".. قصة المفترق الذي اُستشهد عنده محمد الدرة

الرئيس نيوز

في حماية برميل من الأسمنت، التصق الصبي صاحب الـ12 سنة بأبيه. طلقات الرصاص تدوي، ترتفع يد الأب بأن يتوقف هذا الرعب بينما الصغير يصرخ. تمر ثوان قليلة ثم يهدأ جسد الصبي تماما، وينام على ساق والده، شهيدًا.

في مثل هذا اليوم، 30 سبتمبر، من عام 2000، اُستشهد الصبي الفلسطيني محمد الدرة، في واحد من المشاهد المحفورة في الذاكرة الفلسطينية والعربية، بعد ساعات من اندلاع انتفاضة الأقصى آنذاك، على إثر اقتحام رئيس وزراء دولة الاحتلال آرييل شارون باحة المسجد الأقصى قبل يومين من ذلك التاريخ.

كان الأب جمال الدرة مصطحبا ابنه في ذلك اليوم، 30 سبتمبر، لشراء سيارة لكنهما لم يوفقا في اختيار واحدة. وفي طريق العودة، داهمتهما الأعيرة النارية لقوات الاحتلال الإسرائيلي التي كانت تطلقها على الشباب والأطفال الفسطينين الذين أشعلوا انتفاضتهم الكبرى.

في شارع صلاح الدين وجد "جمال" و"محمد" نفسيهما محاصرين بالطلقات، فأخذ الأب طريقا آخر حتى وصل إلى تلك المنطقة التي سيودع فيها ابنه الحياة. أسرع جمال الدرة وفي يده "محمد" للاحتماء ببرميل أسمنتي بجوار حائط على ناصية الشارع.

بحسب خريطة الحواجز والنقاط العسكرية في قطاع غزة، فإن المنطقة التي استشهد فيها محمد الدرة هي نقطة تلاقي شارع "صلاح الدين" مع "شارع 4"، ليتشكل مفترق جديد أخذ عدة أسماء تاريخيًا، بدأها بـ"مفترق البوليس الحربي" ومفترق "نتساريم" نسبة إلى المستوطنة اليهودية التي بناها الاحتلال على بحر غزة، وأخيرا "مفترق الشهداء" نسبة إلى استشهدوا عنده من الفسطينيين.

وفي لقاء تلفزيوني في برنامج "مساء dmc"، في نوفمبر الماضي، قال جمال الدرة، والد الشهيد "محمد" إن المفترق كان اسمه في البداية "مفترق البوليس الحربي المصري"، مشيرا إلى أنه حمل تلك التسمية في فترة الوجود المصري في فلسطين.

تاريخيا، قررت مصر المشاركة في حرب 1948 في 15 مايو من ذلك العام، نصرة للشعب الفلسطيني أمام العصابات الصهيونية المسلحة، ودخل الجيش المصري فلسطين على ثلاثة محاور رئيسية، أحدها كان على الطريق الساحلي من خان يونس إلى مكان مستعمرة نتساريم، شمال قطاع غزة.

وما يرجح نسبة التسمية القديم لمفترق الشهداء إلى البوليس الحربي المصري، أن معارك كثيرة للجيش المصري في حرب 1948 تركزت في غزة، لتحريرها وتأمين الطرق الحيوية التي تربطها بالمدن الفسطينية الأخرى.

وتوضح المعلومات العسكرية المنشورة عن دور الجيش المصري في الحرب، أن الكتائب المصرية بدأت عملياتها بالتقدم في اتجاه غزة ويافا من جهة بئر السبع والخيل، بهدف عزل مستعمرات اليهود من الجنوب.

وتشير المعلومات إلى أن القوات المصرية دخلت القطاع في 17 مايو، ثم تقدمت شمالاً للسيطرة على وتأمين طريق "غزة- يافا". وبعد شهرين بالضبط، في 17 يوليو، استولى الجيش المصري على مستعمرة "كفار داروم" والتي كانت تشرف على طريق رفح، وذلك بهدف تأمين طريق "رفح- غزة".

وبحسب قائمة نشرتها وكالة "وفا" الفلسطينية الرسمية، لشهداء مصريين سقطوا في حرب فلسطين عام 1948، نلحظ وجود عدد من أفراد في البوليس الحربي، بين عسكري وأومباشي وشاويش، ما يعزز أيضا وجود نقطة تاريخية للبوليس الحربي المصري في غزة.