الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

هاني نسيرة يكشف: كيف تجمَّد الإخوان تسعين عاماً في "أخطاء حسن البنا"

الرئيس نيوز


 

الإرهابي المؤسس لم يكن مفكرًا أو مجتهدًا لكنه حركي يُجيد إثارة المشاعر والتلاعب بالنصوص

حاول الباحث المُتخصص في شؤون الحركات الأصولية، هاني نسيرة، الإجابة عن جملة تساؤلات طرحها في مقالته "هل كان حسن البنا مفكراً ومجدداً بحق؟!"، تساءل فيها هل كان حسن البنا، مفكرًا ومجددًا كما تصفه جماعته وأنصاره؟ وهل يمكن مراجعة تراث الرجل بعيداً عن التحزب له أو التعصب ضده؟.

حرص نسيرة على أن تكون الإجابات منطقية، ترتكز على قرائن تثبت صحة حديثه، وقال إنه على الرُغم من أن البنا لا يزال حاضراً في مختلف أطروحات وخطابات جماعات الإسلام السياسي والعنيف، إلا أن "الإخوان" لا يزالون مخلصين ومتجمدين عندما طرحه وصاغه لهم من مبادئ وشعارات وأفكار وممارسات في رسائله وخطبه.

لفت خبير الحركات الأصولية، إلى أن مؤتمر الجماعة الأخير الذي عُقد في تركيا (14ـ 15 سبتمبر 2019) أكد نزعة الجمود ذاتها، وكتب قائلًا: "تلك النزعة موجودة بداية من شعار المؤتمر الأساسي (أصالة الفكرة واستمرارية المشروع) وانتهاء ببيانه الختامي الذي أكد في أكثر من موضعٍ على الإخلاص لفكر البنا دون أي إشارة للحاجة لتجاوزه للتعاطي مع الأزمات الراهنة التي تواجهها الجماعة في غير بلد من بلدان العالم".

أوضح نسيرة أن الدافع وراء ذلك الجمود الفكري، وعدم الرغبة في تقديم أي قراءات نقدية لفكر البنا من قبل "الإخوان"، هو تقديس وأيقنة "تحويلها إلى أيقونة" مقولاته وأفكاره، وتنزيهها عن الخطأ أو الزلل، رغم ما به أحياناً من تلفيق أو تناقض. بحسب تعبيره.

انتقد نسيرة الجمود النظري للإخوان، وقال إن الجماعة تتجمد عند ما كتبه مؤسسها الأول منذ حوالى تسعة عقود، وترفض المراجعة والتصحيح الشجاع لأفكارها، موضحًا أن محاولات التجديد والنقد الإصلاحي لأفكار الجماعة دائمًا ما تقابل بالرفض، حتى وإن جاءت من داخلها على لسان بعض قادتها، يكون مصيرهم الطرد أو العنف المعنوي تجاههم ومحاصرة مراجعاتهم حتى يضطروا إلى إعلان انشقاقهم.

أشار نسيرة إلى أن البنا تولدت لديه فكرة الدعوة وتأسيس الجماعة منذ أن كان صبياً يُرتل أوراد الطريقة الحصافية؛ فقام وهو في سن صغير بتأسيس جماعة بين طلابه، ثم انضم للطريقة قبل أن يستعجل الخروج ويؤسس جماعة "الإخوان" العام 1928، مستغلًا الحالة الشعبوية التي صاحبت سقوط الخلافة عام 1924، رغم أن مصر لم تكن تتبعها عند هذا السقوط، بل كانت تحت الحماية البريطانية منذ عام 1882.

عن سمات البناء كقائد حركي، يقول خبير الحركات الأصولية، كان يجيد إثارة المشاعر أكثر مما يخاطب العقول، لذلك كان خطابياً ومتناقضاً وتوفيقياً في كثير مما طرح أو مارس، فتجد المقولة وضدها، والعلاقة وعكسها. يتكلم بشكل عاطفي عام دون تفاصيل، فتمتزج عنده الدولة بالمرجعية، كما تتعدد معاني المرجعية عنده دون أدنى شعور بالتناقض في الخطاب.

ذكرت المقالة كيف أن البنا هو من أسس "التنظيم السري الخاص"، ولم يقر بوجوده إلا بعد عشر سنوات، كما تراوح موقفه بين النفي والإنكار ثم التملص منه، بعد مقتل الخازندار سنة 1947 ومقتل النقراشي باشا (رئيس وزراء مصر آنذاك) سنة 1948، ليصف أتباعه المتورطين في عملية القتل بأنهم "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين!".

 حينما دعاه أحمد حسين مؤسس حزب "مصر الفتاة"، لمراجعة أفكاره كان رده: "معك حق ولكن ورائي حمل ثقيل (يقصد التنظيم) سيقع بي وأقع به ولكن حزبك أو جماعتك يمكنها تقبل ذلك وسهل عليها!".

استشهد نسيرة بحديث جمال البنا الشقيق الأصغر لحسن البنا، في كتابه عن "رواد الإصلاح"، حين وصف شقيقه بأنه كان موهوباً حركياً ولم يكن موهوباً فكرياً.

تابع نسيرة: "كان يتعمد إثارة أنصاره ويحركهم ويجمعهم حوله بالخطب الرنانة وفقط، شأنه في ذلك شأن كل قائد أو زعيم لحركة.. فهو لم يكن فقيها أو مفكراً أصيلاً أنتج من بنات عقله أفكاراً متميزة جديدة يمكن أن تنسب إليه.. بل دأب على النقل في كتاباته، كالخطيب الذي لا يذكر مصادره في شفاهته، فنسبت لفضله الأفكار وهو ينقلها بعيداً عن سياقاتها، ولا ينسبها لأصحابها، بل ويخطئ في فهم ما ينقل أحياناً".