الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"أنا استريحت يا صاوي".. تفاصيل الدقائق الأخيرة في حياة عبد الناصر

الرئيس نيوز

"حضر الأطباء على الفور، ووجدوا عند سيادته أزمة قلبية شديدة نتيجة انسداد للشريان التاجى للقلب، وقد أجريت لسيادته جميع الإسعافات المطلوبة اللازمة بما فى ذلك استعمال أجهزة تنظيم ضربات القلب، ولكن مشيئة الله قد نفذت، وتوفى إلى رحمة الله فى الساعة السادسة والربع أثناء إجراء هذه الإسعافات".

هذا نص التقرير الطبي المبدئي لوفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، في مثل هذا اليوم عام 1970، والذي كتبه ووقّع عليه أطباؤه، موضحين أن "عبد الناصر" أثناء توديع أمير الكويت بالمطار فى الساعة الثالثة والنصف مساء يوم ٢٨/ ٩/ ١٩٧٠ الموافق ٢٧ رجب ١٣٩٠ هجرية، شعر بدوخة مفاجئة مع عرق شديد وشعور بالهبوط.

لحظات درامية مفعمة بالحزن والصدمة شهدتها الدقائق الأخيرة في حياة "عبد الناصر"، الذي رحل في سن صغير نسبيا عن 52 سنة. هذه التفاصيل رواها الدكتور الصاوي حبيب أحد الفريق الطبي المعالج للرئيس الراحل، في كتابه "مذكرات طبيب عبد الناصر".

يحكي الصاوي حبيب: "كنت على موعد مع الرئيس في الساعة الحادية عشرة صباحا يوم 28 سبتمبر، وكان قد انتقل في اليوم السابق من فندق هيلتون النيل إلى بيته. وكانت قد انتهت وقائع مؤتمر القمة ولم يبق إلا توديع أمير الكويت في المطار في الساعة الثالثة بعد الظهر. وعند فحص الرئيس لم ألاحظ شيئا غير عادي ولكنه ذكر أنه سيحصل على إجازة بضعة أيام عقب توديع أمير الكويت".

في نفس اليوم، عند الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر، وصلت رسالة تليفونية إلى "حبيب" من السكرتير الخاص لجمال عبد الناصر والذي كان مرافقًا له في المطار، بأن الرئيس يطلب منه التوجه إلى منزله في منشية البكري لمقابلته هناك.

يستكمل طبيب "عبد الناصر": "توجهت على الفور خارج حجرة النوم، وأخبرتني أنه عاد من المطار وهو يشعر بالتعب، وأنها أحضرت له كوب عصير برتقال شربه منذ قليل. وتوجهت إلى حجرة النوم وكان الرئيس مستلقيا على السرير مرتديا بيجامته ورأسه مرتفع قليلا، وقال لي أنه شعر بتعب أثناء توديعه أمير الكويت في المطار وأحس أن قدميه تكادات لا تقويان على حمله".

بدأ الصاوي حبيب فحص الرئيس، يقول: "لاحظت وجود عرق بارد على جبهته كما كان وجهه شاحبا بعض الشيء، وكان النبض سريعا خيطيا يكاد ألا يكون محسوسا، كما كان ضغط الدم بالغ الانخفاض وكانت أطرافه باردة، وأحسست في الحال بخطورة الموقف".

توجه "حبيب" إلى حجرة مكتب جمال عبد الناصر الملحقة بغرفة النوم، وطلب من سكرتارية الرئيس استدعاء عضوي الفريق المعالج، الدكتور منصور فايز والدكتور زكي الرملي على الفور.

كان "عبد الناصر" لا يزال في وعيه. يحكي "حبيب" بعد أن عاد إلى الرئيس على سريره: "وجدته يعتدل قليلا ليفتح الراديو الموجود على الكومودينو بجوار السرير وقال إنه يرغب في سماع خبر في نشرة أخبار الخامسة التي كانت قد بدأت منذ قليل، ولم يذكر هذا الخبر ولم يعرفه أحد حتى الآن، وظل يصغي إلى نشرة الأخبار حتى انتهت".

ويضيف: "طلبت منه ألا يتحرك وأن يستريح وكان قد أغلق جهاز الراديو، ورد قائلا "أنا استريحت يا صاوي".

مال رأس "عبد الناصر" فجأة إلى الجانب، فتحسس الطبيب نبضه فوجده توقف، فأخذ "حبيب" في القيام بعملية تنفس صناعي، في وجود زميليه زكي الرملي ومنصور فايز، اللذين كانا قد فحصا الرئيس بدوريهما.

يواصل الصاوي حبيب: "استمرت هذه المحاولات حوالي ثلث ساعة دون جدوى.. ولم أجد فائدة من الاستمرار. لقد توفي الرئيس عبد الناصر بالصدمة القلبية، وهي من أخطر مضاعفات انسداد الشريان التاجي واستراح جمال عبد الناصر كما جاء في آخر عبارة قالها".

بعد ذلك، خرج "حبيب" من غرفة الرئيس وفي داخله شعور بالحزن والمرارة. يختم: "وعلى السلم الداخلي وجدتني أقول لمن وجدته في الخارج من أهل المنزل "خلاص مفيش فايدة".