السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"نريد هذا الشخص".. قصة أول طلب للقذافي من مصر بعد ثورة 1 سبتمبر

الرئيس نيوز

في مثل هذا اليوم، 1 سبتمبر، قبل 50 سنة بالضبط، قام ضابط شاب في الجيش الليبي، عمره 27 سنة فقط، بانقلاب عسكري أبيض، أطاح بحكم الملك محمد إدريس السنوسي، خلال ساعات قليلة.

"ثورة الفاتح من سبتمبر".. هكذا عُرفت لاحقًا كما سمَاها قائدها العقيد معمر القذافي الذي بدأ ثائرًا شابًا وانتهى حاكمًا مُعمّرا في السلطة، فحكم البلاد لنحو 42 سنة كاملة، إلى أن انتهت حياته بشكل درامي على يد الميليشيات التي انتشرت في البلاد مدعومة من حلف "الناتو"، في 20 أكتوبر 2011.

بعد 1 سبتمبر 1969 أصبح القذافي رئيسًا لمجلس قيادة الثورة حتى عام 1977، ثم استقال من المنصب وتفرغ لـ"قيادة الثورة".

كما أنه ألغى الدستور الذي وضع مع بداية العهد الملكي لكنه لم يضع دستورًا آخر للبلاد، إذ ظل يحكم وفق قوانين شبه شخصية استندت إلى ما سمّاه "الكتاب الأخضر"، وهو كتاب يحوي نظريات سياسية ألفها العقيد.

إقليميا، جاءت ثورة الأول من سبتمبر في وقت مشدود عربيًا، إذ كانت مصر تحشد كل الجهود السياسية والعسكرية في حرب الاستنزاف لاستعادة سيناء التي احتلتها اسرائيل في نكسة 5 يونيو 1967.

ويروي الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، في لقاءات تليفزيونية عديدة، أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لم يكن لديه أي معلومات عن الضباط الليبيين الشباب الذي أزاحوا حكم الملك السنوسي على الحدود الغربية.

ولم تمض ساعات قليلة حتى تواصل ضباط ليبيا مع مصر، وكان من الطبيعي أن يرسل عبد الناصر مندوبا عنه على وجه السرعة لمقابلة قادتهم والحديث معهم لفهم ما يجري هناك.

لكن اللافت أن الضباط، وخصوصًا معمر القذافي، طلب لقاء شخص باسمه من مصر، كان هو "هيكل" نفسه، كي يكون هو مندوب عبد الناصر ومصر للحديث مع رجال الثورة الجدد.

يقول هيكل إن القذافي كان يقرأ مقالاته الشهيرة تحت عنوان "بصراحة" في الأهرام، وفي أغلب الأحيان كان يسمعها مقروءة عبر إذاعة "صوت العرب" التي كانت تبثها على فترات من اليوم بعد نشرها مباشرة.

بدا القذافي، الذي كان متيما بالطبع بجمال عبد الناصر، متأثرًا بهيكل، مفضلا أن يكون هو المسئول المصري الأول الذي يلتقيه من "المحروسة".

ذهب هيكل إلى ليبيا سريعًا، وفي مطار طرابلس هبطت الطائرة تحمل المبعوث الشخصي لـ"الزعيم"، وجرى اللقاء بين الكاتب الصحفي المخضرم وبين الضابط اليافع، الذي بدا "بريئًا للغاية وحالما" آنذاك، بتعبير هيكل.

عندما عاد هيكل إلى القاهرة، طلبه جمال عبد الناصر على وجه السرعة، وعندما سأله الرئيس: "ماذا رأيت؟"، رد بعبارة واحدة: "لديك مشكلة في ليبيا". كانت وجهة نظر هيكل أن القذافي ورفاقه حالمون أكثر من اللازم، تسيطر عليهم البراءة بأكثر مما تحكمهم رؤية سياسية واضحة.

بعد وفاة عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970، كان القذافي يرى في نفسه خليفة بشكل ما للزعيم الراحل، لذلك فإنه لم يقتنع بكفاءة السادات لكي يجلس على كرسي قائد ثورة 23 يوليو، وظلت العلاقة بين الرجلين متوترة، وشهدت خلافات تطورت إلى شتائم علنية ومحاولات اغتيال.

"علاقة غرام خائب".. هكذا يلخص هيكل بتعبير موجز قصة معمر القذافي مع مصر، موضحًا: "حاول أن يقدم لها كل ما يستطيع لكنها أبدا لم تكن تفهمه".