السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

مصر تلعب دورا لتحريك الماء الراكد في العلاقات "السعودية- الإيرانية"

الرئيس نيوز

الأمين العام لحزب "التضامن الديمقراطي الأحوازي": الفرس يتصالحون مع الكل إلا مع العرب

يبدو أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد تطورًا في العلاقات بين السعودية وإيران، على خلفية استحسان وترحيب حكومة طهران، بالتعامل الجيد من قبل المملكة مع الحجاج الإيرانيين، فضلًا عن الموافقة على إنشاء مكتب للرعايا الإيرانيين في السفارة السويسرية بالمملكة، إلى جانب دعوة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أثناء لقائه مع ولي عهد الكويت نواف الأحمد الجابر الصباح، أمس الأحد، إلى ضرورة التعاون مع دول الخليج.

وبينما شهدت الأيام الماضية ارتفاعا لنسب التوتر، واحتمالات الصدام في بحر الخليج، إلا أن دولًا إقليمية يأتي في مقدمتها مصر دعت إلى التهدئة، ورفضت جر المنطقة إلى مزيد من التوترات.

وهناك جملة من الملفات الخلافية بين دول الخليج وتحديدًا (السعودية والإمارات العربية وممكلة البحرين) من جهة، وإيران من جهة أخرى. وتلعب طهران أدوارًا سلبية في سوريا والعراق ولبنان واليمن، تراها الدول العربية تدخلًا في الشؤون الداخلية لتلك الدول، فضلًا عن تأجيج الملف الطائفي؛ باستعماله كورقة للتمدد.

فيما تطالب إيران التحاف العربي الذي تقوده المملكة السعودية في اليمن، بالتوقف عن الحرب والدخول في مفاوضات مع الحوثيين، كما تلقي بمسؤولية تأزم الأوضاع في سوريا بسبب دعم الرياض لجماعات مسلحة في سورية؛ لإسقاط نظام الأسد.

وتشهد العلاقات بين الدولتين (إيران والسعودية) قطيعة منذ نحو ثلاث سنوات، بعدما قررت المملكة سحب سفيرها من طهران، وطرد البعثة الدبلوماسية الإيرانية من الرياض، مطلع يناير 2016؛ على خلفية اقتحام محتجين إيرانيين السفارة السعودية في طهران، احتجاجًا على قيام المملكة بإعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر.

مؤشرات إيجابية

وعلى الرُغم من وصول الاحتقان لذروته في منطقة الخليج، إلا أن الأمور بدأت تهدأ نسبيًا، في مؤشر على حلحة الأزمة وإعادة الاستقرار لبحر الخليج. ويبدو أن الكواليس التي تدور في الغرف المغلقة هي من لعبت دورًا في تلك التهدئة.

البداية كانت أمس مع زيارة ظريف لدولة الكويت، التي تلعب دورًا في التهدئة، وترغب في إنهاء أي توترات في المنطقة أو في بحر الخليج. إذ جدًد وزير الخارجية الإيراني دعوة بلاده إلى التعاون مع دول الخليج، وقال: "من الضروري تعاون دول المنطقة نظرًا للتطورات الحالية والمستقبلية. نحن وأنتم باقون في المنطقة والغرباء سيرحلون عنها". في إشارة إلى الأمريكان.

مؤشر آخر يبعث على رغبة البلدين في التهدئة، وهو ما قاله رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، مجتبى ذو النور، "إن حسن التعامل الذي أبدته السعودية مع الحجاج الإيرانيين تهدف من خلاله إلى المزيد من التعاون مع إيران".

وقال المسؤول الإيراني: "تعامل الرياض الجيد مع الحجاج رسالة من السعودية وإذا استمرت في هذا السلوك سنشهد إذابة الجليد عن العلاقات بين البلدين".

كانت السلطات السعودية تجاوبت مع طلب طهران افتتاح مكتب لرعاية المصالح الإيرانية في السفارة السويسرية لدى السعودية. وقالت وكالة الأنباء الإيرانية "إيسنا": "إن وزیر الحج السعودي محمد صالح بن طاهر بنتن، رحب باستئناف إیفاد الزوار الإيرانیین إلی العمرة وتعهد بمتابعة ملف تدشین ممثلیة إيرانية في سفارة سویسرا شخصیا.

وصرح الوزیر السعودي بأن المملكة تسعی لتوفیر أجواء أفضل وإمكانیات أکثر ترافق الحجاج، مضیفا أنه شدد على ضرورة التصرف اللائق مع الزوار الإيرانيين خلال عملیات التفقد والتفتیش التي تشملهم. ولفت إلى أن تأشیرات الدخول السعودیة ستصدر إلكترونيا للزوار الإيرانیین فقط.

إشارات ضمنية

وتبعث إشارات ضمنية يتم استخلاصها من التصريحات الرسمية عن وجود نوايا مصرية واستعدادًا للعب دور الوسيط للتهدئة بين دول الخليج وإيران، بما يصب في مصلحة الأمن القومي العربي أحد أبرز محددات السياسة الخارجية لمصر. كما أن القوة الدبلوماسية للقاهرة تؤهلها للعب هذا الدور ببراعة.

ولطالما دعت مصر إلى التهدئة في منطقة الخليج، وعدم جرها إلى مربع التوترات والعنف والعنف المضاد، خاصة أن الشرق الأوسط يعج بالقلاقل منذ ثورات الربيع العربي العام 2011 وحتى الآن. كما دعت القاهرة إلى ضرورة احترام قواعد حسن الجوار بين دول الخليج من جهة وإيران من جهة أخرى، وطالبت طهران بحل الشواغل العربية إزاء ممارساتها في المنطقة.

وفي أعقاب الإنسحاب الأحادي لأمريكا من الاتفاق النووي الموقع مع إيران، شددت القاهرة على ضرورة إشراك دول الخليج في أي نقاشات حول الأمر ذاته إذا ما تم فتح مجال للنقاش فيه مجددًا.

وفي أكتوبر 2017، نفى الرئيس عبد الفتاح السيسي، في حوار مع قناة "فرانس 24"، وجود علاقة مع إيران في الكواليس. وقال إن العلاقة مقطوعة منذ قرابة أربعين عاما، قبل أن يستدرك: "لكن نسعى لتخفيف التوتر الموجود وضمان أمن أشقائنا في الخليج".

وفي نوفمبر 2017، قال السيسي، في تصريحات متلفزة، إنه يعارض توجيه ضربات عسكرية لإيران أو حزب الله" اللبناني؛ منعا لزيادة الاضطرابات في المنطقة.

من جانبها، قالت المحاضرة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، نهى بكر، في تصريحات لموقع "الرئيس نيوز": "مصر تمتلك دبلوماسية عريقة، وهي بالفعل أدارت العديد من ملفات الوساطة الناجحة". لكنها تابعت قائلة: "التحركات المصرية كانت مرهونة وقت ذاك برغبة الطرفين. ولا أظن أن هذه الرغبة متوفرة حاليًا، فلا يزال الاحتقان هو سيد الموقف بين الطرفين". وأكدت أن مصر ترى في التهدئة مصلحة للأمن القومي العربي والخليجي. 

ولفتت خبيرة العلاقات الدولية، إلى أن التصريحات الإعلامية التي تصدر من الجانبين سواء الإيرانية أو السعودية، لا تعكس الموقف الحقيقي بين البلدين، وتابعت قائلة: "دعوات طهران للحوار لا يمكن قبولها إلا في سياق دولة تتدعي الانفتاح على الجميع فضلًا عن ادعاءات المظلومية".

وأشارت بكر إلى أن الأمور في مياه الخليج هدأت قليلًا ولم تعد متأججة كما كانت عليه خلال الفترة الماضية، وقالت: "أمريكا تراجعت عن الصدام وتخطط للانسحاب التدريجي من هناك".

من جانبه، قال جليل عزيز الشهراني، الأمين العام لحزب التضامن الأحوازي الديمقراطي المعارض لإيران، إن دول الخليج أكدت منذ بداية الأزمة مع إيران أنها لا تريد الدخول في مواجهة عسكرية مع إيران كما أن هذه الدول تشعر بأن إيران بلغت نقطة ليس عندها شيء حتى تخسره.

وأضاف "الشهراني" قائلاً: "إيران هي التي تبحث عن من يواجهها الآن حتى تخلق فوضى أمنية في المنطقة والخليج لا يريد ذلك، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تستغل تهديدات إيران لفائدة مصلحتها ولا تأخذ بعين الاعتبار مصالح حلفاءها في الخليج وهو أمر قد جعل الخليج يعيد النظر في أسلوب التصدي لطهران".

واعتبر "الشهراني" أنه "قد تكون هناك قناعة لدى الطرفين إنهاء التوتر وذلك لأنه في حال نشبت حرب ستضرر بلدانهم بشكل لا يمكن اصلاح ما ستخلفه لعشرات السنين، لاسيما الدول الخليجية مثل الإمارات التي بنت اقتصادها على الاستثمار الأجنبي، وأن الحرب ستذهب بهذه الاستثمارات إلى دول من خارج المنطقة مثل تركيا أو عمان أو حتى قطر".

وأضاف أن "الدول العربية قد تكون أدركت أن الولايات المتحدة لم تواجه أزمة حرب الناقلات بالشكل المطلوب، ولم تدافع عن الاعتداءات لا في حادثة الفجيرة ولا حادثة احتجاز الناقلة البريطانية حيث التزمت الصمت، وهو ما أثار قلق الدول الخليجية."

وفيما يخص زيارة جواد ظريف إلى الكويت، قال "الشهراني": "من المرجح أن تلعب الكويت دور الوساطة بين إيران من جهة ودولتي الامارات والسعودية من جهة أخرى، خاصةً وأن الرياض وأبوظبي تثقان بالكويت أكثر من أي دولة خليجية أخرى، كما وجدت إيران هذه الزيارة فرصة لطرح قضية معاهدة عدم الاعتداء مرة أخرى"، مشيراً في الوقت نفسه الى تعليق الصحافة الإيرانية آمالا عريضة على زيارة "ظريف" معتبرة ذلك باباً أقرب للوصول إلى التفاوض مع السعودية والإمارات.

الأمين العام لحزب التضامن الديمقراطي الأحوازي المعارض لإيران، يرى أن "تعامل السعودية بترحيب مع الحجاج الإيرانيين أمر طبيعي حيث تم استقبالهم العام الماضي بالورود أيضاً، محذراً الدول العربية  من التراجع عن الضغط  على ايران حيث أنها الآن أضعف من كل يوم والتفكيك في البنى الداخلية في ايران يتزايد كل يوم.

وتابع "الشهراني": "الاختلافات بين المسؤولين الإيرانيين حالياً أكثر بكثير من أي وقت مضى، وأصبحت  واضحة، والتراجع أمام ايران يعني قبول الأزمات، وقبول مشروع إيران لتفكيك المنطقة والمستهدف الأول هي المملكة العربية السعودية".

وختم "الشهراني" قائلا "أن الفرس يتصالحون مع الكل إلا مع العرب، وهذا ناتج من حقدهم القديم على العرب"، حسب قوله.