الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

كيف يصل "الشعبويون" إلى سدة الحكم في العالم؟

الرئيس نيوز

ـ ممثل كوميدي يحكم أوكرانيا وصحفي يدير 10 داوننج استريت ورجل أعمال يحكم أمريكا

على الرغم من أن القرن العشرين، شهد وصول أعظم القادة السياسيين في التاريخ الحديث، إلى سدة الحكم، سواء كانوا ينتمون إلى تيار اليساري الاشتراكي أو الشيوعي، أو إلى ألوان الطيف السياسي  من اليمين الرأسمالي، واستمر ذلك حتى مطلع القرن الحالي، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت وصول شخصيات توصف بأنها "شعبوية"، لا تنتمي إلى أي تيار سياسي معروف، حيث وصل إلى الحكم بالانتخابات الديمقراطية عدد من الشخصيات الرياضية والفنية والإعلامية غمار الانتخابات السياسية بكثرة في دولا عظمى في خطوة تعتبر خارجة عن الاعتبارات والتقاليد السياسية، وفقاً لتغير مزاج الناخبين المتقلب.

لعل أبرز الأسماء التاريخية التي وصلت إلى الحكم من دون خلفية سياسية، هو الرئيس الأميركي السابق، جيرالد فورد، أحد أشهر الرياضيين ولاعبي كرة القدم الأميركية، الذين نجحوا في الدخول إلى البيت الأبيض بين عامي 1974 و 1977، كما يعد الرئيس الأميركي السابق "رونالد ريغان"، الذي كان ممثلاً ثانوياً، قبل أن يجلس على كرسي الرئاسة الأمريكية بين عامي 1981و 1989، واحداً من هؤلاء.

شعبويون في السلطة

وبعد ساعات من وصول بوريس جونسون، زعيم حزب المحافظين في بريطانيا، من دون خلفية سياسية، بعد وصول دونالد ترامب إلى مقعد الرئاسة في البيت الأبيض، بدا السؤال مطروحاً بشأن اللاعبين السياسيين على الساحة الدولية الآن، كون كثيرين منهم لا ينتمون إلى الساحة السياسية في بلادهم، لكنهم يحصدون أصوات الناخبين في الانتخابات السياسية.

بالنظر إلى القادمين من المجال الرياضي، انتخب أسطورة كرة القدم الليبيرية، جورج وايا، رئيساً لبلاده بعد فوزه على منافسه "جوزيف بواكاي" نائب الرئيس السابق ليتولى مهامه رسمياً في يناير ،2018 خلفا للرئيسة إيلين جونسون سيرليف، ليصبح الرئيس الــ 25 لجمهورية ليبيريا.

وفي السياق، كان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أحد لاعبي كرة القدم "الهواة" حيث وصف نفسه بأنه كان ظهيراً أيسراً سيئاً وغير مهاري، ولعب "ماكرون" في صفوف فريق إكول نلي الذي يشارك ضمن دوري القطاعات الفرنسية، وكان ذلك بين عامي 2004 و 2007، قبل أن يتفرغ للعمل السياسي.

بينما فنياً، استطاع الممثل الكوميدي "فلاديمير زيلينسكي" الجلوس على كرسي الرئاسة الأوكرانية، ولم يكن على دراية بأن دوره التمثيلي في المسلسل الكوميدي "خادم الشعب" سيتحقق يوماً ما تحديداً في 2019.

بدوره، استطاع الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب الفوز في سباق الانتخابات الرئاسية عام 2016، بعد عمله ممثلاً ثانوياً "كومبارس" في العديد من الأفلام، والمسلسلات حيث ظهر لبضع ثوانٍ في الفيلم الأمريكي الشهير "Home Alone"، عام 1992، ولم تأت مشاركة "ترامب" من أجل شغفه بالتمثيل إلا أنها كانت بدافع اكتساب المزيد من الشهرة والترويج لتجارته حيث حصل على جائزة أسواء ممثل عام 1989.

وفي السياق، وخارج الاطار، انتخب "بوريس جونسون" رئيساً لوزراء بريطانيا بعد انتصاره الساحق في انتخابات حزب المحافظين الحاكم عقب استقالة، رئيس الوزراء "تيريزا ماي".

بدأ "جونسون" حياته المهنية في مجال الصحافة من خلال كتابته في جريدة "التايمز"، ثم عمل في صحيفة "ديلي تلغراف"، قبل أن يصبح مساعداَ لرئيس تحريرها، كما عين رئيساً تحريرياً لمجلة "سبيكتاتور"  اليمينية عام 1999.

من جانبه، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة إن الظاهرة قديمة وبدأت منذ سنوات طويلة، وكان أشهرهم الرئيس الأمريكي الأسبق، رونالد ريجان، وهو من فتح المجال للآخرين.

وتابع "فهمي" في تصريحات لموقع "الرئيس نيوز": "السبب الأول في هذا التغير هو بحث الجمهور عن الشخصيات اللامعة التي اختبرها اعلامياً دون أن يكون لها ثقل سياسي، بحيث يصبح الوهج الاعلامي للشخصيات الرياضية والفنية هو الذي يدفع الجمهور للاختيار دون معايير أو ضوابط معينة.

وأضاف "فهمي": "هناك شعور عالمي أو دولي أن السياسيين الذين يحاولون اقناع الناس ببرامجهم لايحظون بمصداقة كبيرة، وهذا سبب خطير في هذا التوقيت، حيث يختار الجمهور في دول العالم المختلفة شخصيات "شعبوية" من خارج الهيكل السياسي والأحزاب وخارج النشأة السياسية وهو لا يثير الاستغراب أن يأتي "جونسون" رئيساً للحكومة وأن يأتي "ترامب" من خارج المؤسسات وهو ليس منتمنياً للحزب كما يظن البعض ولكنه كان "مُمولاً للحزب"، كما أنه لم يعش داخل الحزب إذ أنه رجل أعمال وعمل في مجال الميديا والرياضيين بهذه الصورة.

وفسّر فهمي ذلك من جهتين، الأولى وهي استغلال الاعلاميين والرياضيين  شهرتهم الاعلامية في مجالاتهم للوصول إلى منصب السلطة وهو يمنحهم استثمار ذلك وتوظيفه في مصلحتهم، كما في مصر حيث قد نجد لاعبي كرة قدم سابقين وفنانين دخلوا انتخابات مجلس نواب والشورى وفازوا بالمقاعد، موضحاً أن القضية هنا مرتبطة بـ"معادلة مصلحية" يحكمها الطرفان، 

الثاني أن الجمهور والرأي العام العالمي وليس العربي أو المصري قد "ملّ" من الوجوه السياسية، حيث أنهم يرون أن السياسة "شر" وان الشخصيات التي تربّت في مؤسسات او أحزاب أو تمت نشأتهم سياسياً لن يقدموا جديداً وسيمارسون "النصب السياسي" على الجمهور.

وعلى جانب آخر، أوضح فهمي أن الوضع مختلف بالنسبة لقارة أفريقيا، حيث أن من وصلوا للمناصب من لاعبين كرة قدم وغيرها يأتي لعدم وجود ثقافة سياسية، و"الاستسهال" في الاختيار،  ويستثمرون في نجاحه، سواء كان في مجلس النواب أو الشوري أو الرئاسة تكون على نفس النحو حيث أن الثقافة تحكم هذا الاتجاه، كما أن هناك جزءاً منه مرتبط بالاختيار من خارج القاعدة أو الاطار أو المؤسساتية التي تحكم مثل الحالات الامريكية البريطانية حالياً والبرازيل في وقت سابق، مشدداً على الفن والرياضة هي المجلات التي بها الشو الاعلامي التي يجب استثماره وتوظيفه لصالح المجالات السياسية.