الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

خبراء يحذرون من نية أردوغان تحويل ليبيا إلى أفغانستان

بشير عبدالفتاح
بشير عبدالفتاح


 

ـ بشير عبدالفتاح:  تركيا تتطلع إلى تأمين احتياجاتها المتنامية والملحة من الغاز وترويج صناعاتها العسكرية

ـ خالد فهمي: إذا هُزم الجيش الوطني الليبي ستتحول ليبيا إلى أفغانستان أخرى

ـ محمد حماد: الوجود العسكري التركي في المنطقة بالغ الخطورة والحساسية من الناحية الجيوستراتيجية

حذَّر خبراء استراتيجيون ومحللون عسكريون، من خطوة التوغل التركي في عدة بلدان عربية، بهدف تحويل ليبيا إلى أفغانستان جديدة، وشيطنة المنطقة، خصوصاً في ضوء التوغل العسكري التركي في الأراضي الليبية، لافتين إلى خطورة الأمر على أوضاع الأمن القومي المصري، في ضوء الإعلان مؤخراً عن ضبط عسكريين ومعدات تركية، تقاتل في صفوف المليشيات المسلحة، التي تعتبر ظهيراً عسكرياً لحكومة فائز السراج، لمواجهة "الجيش الوطني الليبي"،  الذي يقوده المشير خليفة حفتر، لافتين إلى ضرورة أن يدعم الجيش الوطني الليبي قبل أن تتحول ليبيا إلى أفغانستان أخرى.

وعلى الرغم من أن الميثاق الخاص برئاسة الأركان التركية، يؤكّد على مبدأ "سلام في الوطن.. سلام في العالم"، إلا أن واقع الممارسات العسكرية التركية خلال السنوات الماضية يقول عكس ذلك تماماً.

ونظرة على حجم القواعد العسكرية التركية في المنطقة العربية وأفريقيا تجعلنا نصدق مخاوف الخبراء، فقد بات لتركيا عدد من القواعد ونقاط الانتشار العسكرية الخارجية، منها قواعد عسكرية في الصومال وقطر والعراق وسوريا، الأمر الذي اعتبره مراقبون تهديداً خطيراً ومتواصلاً للأمن القومي المصري والعربي.

فقد أقام أردوغان 27 قاعدة عسكرية في شمال العراق، و8 قواعد في سوريا، وقاعدة ضخمة في الصومال ومثلها في قطر، وخطط لإنشاء أخرى في السودان، إلا أن ثورة شعبية أطاحت الرئيس السوداني السابق عمر البشير أنهت أحلامه، إضافة إلى ذلك فتركيا تحتل شمال قبرص سابقاً، إلي جانب، محاولات اردوغان المستميتة بكل الوسائل، إرسال الإرهابيين والأسلحة والتدخل العسكري المباشر للسيطرة على ليبيا وسرقة غاز المتوسط.

الخبير العسكري، اللواء جمال مظلوم، اعتبر التدخل التركي عسكرياً في ليبيا أمراً خطيرة جداً بالنسبة إلى مصر، حيث زوَّدت اسطنبول الميليشيات الإسلامية المتطرفة في ليبيا بشاحنات مدرعة وعربات وطائرات بدون طيار، وأرسلت قادة عسكريين لتدريب الميليشيات ومساعدتهم على إيقاف حملة الجيش الوطني الليبي للاستيلاء على طرابلس.

وقال مظلوم لـ"الرئيس نيوز" إن المواجهة بين تركيا والجيش الوطني الليبي أضحت الآن أكثر مباشرة، بعد اعتقال ستة مواطنين أتراك، في 30 يونيو الماضي، مشيراً إلى أن الوجود التركي في ليبيا يهدف في المقام الأول إلى إلحاق الأذى بالأمن القومي المصري، ولهذا يجب على مصر ألا تترك الجيش الليبي وحده في هذه المعركة، لأن الأمر يخص الأمن القومي المصري، وليبيا قضية أمن قومي لمصر، ولهذا السبب تبرز بشكل كبير في المحادثات بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وقادة العالم، بما في ذلك خلال قمة مجموعة العشرين الأخيرة في اليابان، حيث اجتمع الرئيس السيسي مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس".

وأضاف مظلوم: "من خلال مشاركتها في ليبيا، دخلت تركيا مرة أخرى إلى المنطقة المجاورة لمصر، وهو تطور مثير للقلق بالنسبة للقاهرة، لأن المعروف أن القاهرة واسطنبول على طرفي نقيض الطيف الايديولوجي، ولهذا السبب تدعم تركيا الميليشيات الإسلامية التي تسيطر على طرابلس ومستعدة لمحاربة الجيش الوطني الليبي".

من جانبه، حذَّر أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، قال طارق فهمي، من أن تركيا تعمل جاهدة للحفاظ على مكانة لنفسها، ضمن التوازن السياسي الإقليمي، وهي تريد استخدام ليبيا نقطة انطلاق لزعزعة استقرار مصر، وقطر لتهديد دول الخليج العربي، وشمال العراق وسوريا للضغط على الدولتين، ومن خلفهما باقي الدول العربية.

وأضاف فهمي: "حاولت تركيا في السنوات الأخيرة كبح جماح مصر ومعاقبتها لأنها تسببت في انهيار الهيمنة الإقليمية للإخوان المسلمين، عندما أطاحت انتفاضة شعبية في 2013 الرئيس الإسلامي الأسبق محمد مرسي".

وأشار فهمي، إلى أنه في أواخر عام 2018 وافقت تركيا مع الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير على السيطرة على جزيرة "سواكن" المطلة على البحر الأحمر، حيث تحاول تركيا إيقاف جهود مصر لإقامة تحالفات في منطقة شرق البحر المتوسط ​​استنادًا إلى احتياطيات الغاز الطبيعي.

بدوره، طالب المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية، خالد فهمي، الدول العربية المعتدلة بدعم "الجيش الوطني الليبي"، قائلاً: "إذا هُزم الجيش الوطني الليبي في هذه المعركة، فستتحول ليبيا إلى أفغانستان أخرى، الأمر الذي سيكون سيناريو يوم القيامة بالنسبة للمنطقة بأكملها".

ويرى الخبير في الشؤون التركية، بشير عبدالفتاح، أن تركيا تتطلع إلى تأمين احتياجاتها المتنامية والملحة من الغاز القطري، وإيجاد أسواق جديدة لمنتجاتها مِن الصناعات العسكرية الآخذة في التطور، كما أنها تهدف إلى بسط نفوذها في الربوع ذات القيمة الاستراتيجية من العالم العربي، بشقيه الآسيوي والأفريقي، بدءاً مِن سورية، مروراً بالعراق، وصولاً إلى الصومال والقرن الأفريقي وخليج عدن، بما يساعد على ترسيخ دعائم التموضع الجيواستراتيجي التركي في شرق أفريقيا، ليكون منصة للانطلاق نحو عمق القارة الافريقية الواعدة بأسواقها الهائلة واستثماراتها الوفيرة والمواد الخام الحيوية.

الخبير في الشؤون التركية، محمد حماد أكد لـ"الرئيس نيوز" أن الغرض من هذه القواعد هو أن تظهر تركيا قوية في منطقة الشرق الأوسط، وأن تكون لها كلمة مسموعة فيها، بالإضافة إلى الإضرار بكل من مصر والسعودية والإمارات بصفة مباشرة، وهي محاولة للتأثير علي الأمن القومي العربي بشكل عام. وأضاف حماد، القواعد العسكرية التركية تظهر بكل وضوح الأطماع التركية في المنطقة العربية التي في ظاهرها المساعدة وباطنها الاحتلال، وفرض الوصاية حيث تتجاوز السيطرة علي الثروات النفطية العربية ومصادر المياه إلى كونها استعمار من النوع التقليدي، لتكون حديقة خلفية للسلطنة العثمانية التي يسعي أردوغان لإعادة إحيائها.

وتابع حماد: "الوجود العسكري التركي في سوريا والعراق وقطر وشمال قبرص والقرن الافريقي وباب المندب بالغ الخطورة والحساسية من الناحية الجيوستراتيجية لتطويق العواصم العربية والسيطرة على قرارها من ناحية، وحصار النفوذ المصري في المنطقة والقارة بأكملها باعتبار القاهرة رمانة ميزان للأمن القومي العربي وركيزة للسلم والأمن في القارة الافريقية".