الثلاثاء 23 أبريل 2024 الموافق 14 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

شيماء جلال تكتب: 30 يونيو.. مصر بين المخاوف من تشكل نظام والتحذير من أبوية الدولة

الرئيس نيوز

بعد 6 سنوات من قيام ثورة 30 يونيو، ما هو الهاجس الذي ظل يطارد المصريين بداية من أصغر شاب إلى رأس الدولة؟.. الإجابة هي "تشكل نظام".

ثورة يناير لم تكن ثورة ضد شخص مبارك، ولكن ضد مجموعات المصالح التي تشكلت على مدار 30 عاما من حكمه، مجموعات من المنتفعين خلقت طبقة جديدة معزولة عن طبقات تعاني من جموع الشعب، تدافع عن مصالحها الخاصة على حساب ملايين من العامة.

من مبارك إلى الإخوان، لم يكن إلا تغييرا في إيدولوجية النظام، واستبدال جماعات المصلحة بأخرى من أتباع الجماعة ليس إلا.

جاء الرئيس عبدالفتاح السيسي ويحمل في نفسه مخاوف من تشكل نظام حوله، سواء إعادة تجمع شتات نظام مبارك "الدولة العميقة"، أو حتى تشكل مراكز قوى جديدة.

"لا أحمل فواتيرلأحد"، هكذا قال السيسي، وكان ذلك بمثابة إعلان واضح وصريح بعدم وجود جماعات مصالح مدين لها بشخصه، أو كدولة.

على مدار 5 سنوات شرع الرئيس بالفعل فى بناء مؤسسات كل منها لها صلاحياتها، وكانت البداية أمنية بامتياز، أجهزة المخابرات والأمن الوطني، والرقابة الإدارية، التي كانت تتعرض لضربات متتالية منذ 2011، مرورا بعام أسود لجماعة عمدت لتفريغ الأجهزة الأمنية واستبدالها بأجهزة تابعة لها.

وقف السيسى بعيدا عن التدخل فى عمل المؤسسات، ترك لكل مؤسسة وجهاز كامل مساحته لإعادة بناء ما تهدم منه على المستويين ، الأول العلاقة مع الشارع، وثانيا على مستوى استعادة لياقته الوظيفية.

"استراتيجية 2030".. كانت خطوة أخرى على طريق بناء الدولة، بعيدا عن تفاصيل وأرقام ومستهدفات تلك الخطة، صلب الخطة كان وضع استراتيجية على المدى الطويل ملزمة لأي رئيس، السيسي أو غيره، استراتيجية للدولة المصرية وليست برنامجا انتخابيا لشخص.

سن السيسى قاعدة  فلا يوجد مسئول يستمر فى منصبه أكثر من عامين على الأكثر، بداية من الوزراء مرورا بالقيادات الأمنية وصولا إلى المناصب التنفيذية.

بعض الأشخاص غابوا عن المشهد فى عز أوجهم الإعلامي والمهني في تخصصات مختلفة، بسبب هذه القاعدة، لدرجة أثارت تساؤلات حول أسباب استبعادهم، هل غضب من القيادة السياسية، أم تجاوزات إدارية؟.

المطلوب أيضا عدم ارتباط المواطن بشخص، أي شخص، ربما كان سبب ما حدث مؤخرا من عدم نشر أسماء بعض الوزراء أو صورهم أو حورات معهم، هو قطع تدريجي لارتباط المواطن بالأشخاص، وربطه بالدولة، لا مجال لمجد شخصي للأفراد فى هذا التوقيت، أو حتى الهجوم عليه، فهو في النهاية ينفذ الخطة الموضوعة سلفا من قبل الدولة، مجرد شخص تنفيذي على درجة وزير.

كل ما ذكرته سابقا، أتفق معه بشكل كامل على المستوى النظري، لا أختلف مع الأهداف، ولكن هناك إشكاليات لابد من الانتباه لها ومعالجتها.

الأولى الخاصة بالجمهور العام الذي ترتبط مصالحه ارتباطا مباشرا بتلك الوزارات، ويحتاج إلى أشخاص معلومة وواضحة للرد على تساؤلاته، بل وأيضا لتوجيه غضبهم إليهم إذا استوجب الأمر، وهو شيء نفسي لا يمكن السيطرة عليه، وفاتورة يجب أن يتحملها المسئول ضمن أداء واجبه.

إن تجاهل ذلك الجمهور والاكتفاء برسالة أن "الدولة تعرف أكثر"، لن يؤدي إلى تطبيق سلس للبرامج الموضوعة، حتى لو كانت تصب في المصلحة العامة، الأمر يحتاج إلى استيعاب تلك الفئة والاستماع لهم ضمن قنوات رسمية، وتقييم تلك الملاحظات، فكل منظومة بها ثغرة لا يكشفها إلا المستخدم وليس الصانع أو الواضع لها.

والخوف من تشكيل نظام أو مراكز قوى مشروع، لكن الاتجاه نحو "أبوية الدولة" أمر لا يتناسب مع نفسية عموم المواطنين في العصر الحالي ويولد قدرا من الإحساس بالاختناق.