السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

السبسي.. روح بورقيبة القادم من الستينيات

السبسي وزيرًا للدفاع
السبسي وزيرًا للدفاع 1969- السبسي رئيسًا 2019

من بين 92 سنة عاشها الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، عمل المحامي الذي تخرج في فرنسا طوال أكثر من نصف قرن في السياسية، من الوزارة إلى البرلمان ثم إلى الرئاسة التي بدا أنه تعامل معها بروح تعود إلى زمن قديم يجمع بين نقيضين: التفتح الاجتماعي والانغلاق السياسي.

في محمية سيدي بوسعيد العتيقة، ولد محمد الباجي بن حسونة قايد السبسي، مطلع الربع الثاني من القرن العشرين، في 29 نوفمبر 1929، ثم تلقى تعليمه الأساسي في العاصمة قبل أن يسافر إلى فرنسا ليدرس الحقوق في باريس، عام 1949.

السنوات الباريسية الثلاث في حياة الشاب "السبسي" ستكون همزة وصل مع الحقبة السياسية الأطول في حياته بعد سنوات، إذ التقى في بلاد النور الحبيب بورقيبة الابن، الذي كان يدرس الحقوق أيضًا، ما سيفتح له مجالا للقاء الرئيس الأب بعد ذلك، والذي سيلعب دورًا لافتا في نظامه، وسيتأثر به سياسيا وأيديولوجيا.

عاد "السبسي" إلى تونس حاملًا شهادة جامعية فرنسية مرموقة، ليشق طريقه في المحاماة التي اشتغل بها لمدة 11 سنة، قبل أن يتولى أول منصب عام له رئيسًا لإدارة الأمن الوطني، بعد تغييرات طالت قادة الإدارة على خلفية محاولة انقلابية على حكم الرئيس الحبيب بورقيبة آنذاك.

وطوال الثلاثين سنة التي قضاها "بورقيبة" على رأس السلطة، سيكون "السبسي" أحد الرجال الفاعلين في نظام الحكم، متنقلا من بين المناصب المؤثرة للغاية في الداخل والخارج.

في يوليو 1965، استعان به "بروقيبة" وزيرًا للداخلية، قبل أن يسند إليه وزارة الدفاع بعد نحو أربع سنوات، في نوفمبر 1969.

لم يطل الباجي قايد السبسي على رأس الجيش، إذ ترك الوزارة بعد نحو سبعة أشهر، عائدًا إلى باريس التي تعلم فيها لكن من بوابة منصب سفير تونس هناك، لكن لم يبقى كثيرًا، إذ ترك المنصب الدبلوماسي في ديسمبر 1971، لتدأ "سنوات المعارضة العشر".

على خلفية دعم "السبسي" مطالب الإصلاح السياسي في نظام الرئيس "بورقية"، فإنه جمّد نشاطه في الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم، قبل أن يستقيل منه تمامًا عام 1974، وبعد أربع سنوات شارك في تأسيس "حركة الديمقراطيين الاشتراكيين".

عودة "السبسي" لنظام الحبيب بورقيبة جاءت في مطلع الثمانينيات، عندما أُسندت إليه وزارة الخارجية في أبريل 1981، وبقفى في المنصب 5 سنوات، لكنه كان الأخير له مع النظام الذي سينتهي حكمه في نوفمبر 1987.

ترك حكم "بورقيبة" للباجي السبسي عدة أمور، منها اتهامات تطوله دائما على خلفية الفترة التي تولى فيها إدارة الأمن الوطني ثم وزارة الداخلية وشهدت اعتقالات ووقف صحف وانتهاك للحريات.

وفي المقابل، بدا أن "السبسي" تأثر بالقناعات المدنية العلمانية التي كان يتبناها "بورقيبة" الذي ألغى الحجاب على نساء تونس عام 1981، ليأتي "السبسي" بعد أكثر من ثلاثين سنة ويقر قانونا يساوي في الميراث بين الرجل والمرأة.

في حكم زين العابدين بن علي، تولى "السبسي" رئاسة البرلمان التونسي من مارس 1990 إلى أكتوبر 1991، لتتوقف مسيرته السياسية، قبل أن يستأنفها في زمن وعهد آخر تمامًا.

بعد إزاحة "بن علي" في أول انتفاضات الشعوب العربية، يناير 2011، سيجري الاستعانة بخدمات السياسي القديم، الذي كان في عمر 85 سنة آنذاك، ليصبح رئيسًا للحكومة المؤقتة بعد الثورة، وقضى في المنصب 9 أشهر انتهت بصعود الرئيس الموالي لجماعة الإخوان في تونس منصف المرزوقي.

في تلك الأثناء، أسس "السبسي" كيانا سياسيا جديدًا سمّاه "نداه تونس"، وفي الانتخابات الرئاسية 2014 سيقدم على الخطوة ويترشح أمام "المرزوقي"، وسيطيح به بالفعل، ليصبح العجوز المخضرم الرئيس الرابع للجمهورية التونسية.