الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
فن ومنوعات

(بالفيديو والصور).. بين "مصحف" 83 و"شات" 2019: مدحت وردة وولده للقضايا المثيرة

عمرو وردة مدحت وردة
عمرو وردة مدحت وردة


أمر مثير للمقارنة - دون أي أحكام أخلاقية – ما فعله الأب وما فعله الابن، وهما في قمة مسيرتهما الرياضية، لكن الموقفين يفصلهما أكثر من 35 سنة، من 1983 إلى 2019.

في كتابه "نكون أو لا نكون"، 1992، كتب المفكر الراحل فرج فودة، مقالاً تحدث فيه عن انتقال ظاهرة التدين الشكلي الذي يصل لحد التطرف إلى الملاعب الرياضية.

اللافت أن الواقعة التي رواها وعلق عليها الكاتب الذي اغتالته الجماعات الإسلامية، في يونيو 1992، كان بطلها مدحت وردة، لاعب كرة السلة الأسطوري في الثمانينيات من القرن الماضي، ووالد لاعب كرة القدم حالياً عمرو وردة.

يحكي فرج فودة: "كنت جالساً أمام التلفزيون، أمني نفسي بليلة طيبة أشاهد فيها تنافساً رياضياً ممتعاً على نهائي كأس إفريقيا لبطولة أندية كرة السلة بين الاتحاد الإسكندري "نسبة إلى مدينة الاسكندرية" ممثلاً لمصر، ونادٍ آخر يمثل أنجولا، وفجأة رأيت (شيئاً) يجري بين اللاعبين، لا علاقة له بزيهم أو مظهرهم، وَفَرَكْتُ عَيْنَيَّ لِكَيْ أَتَحَقَّقَ مِمَّا أَرَى. كَانَ "مَدْحَتْ وَرْدَة" كَابْتَنْ الْفَرِيقِ الْمِصْرِيِّ قَدْ أَطْلَقَ لحيته، وكحَّل عينيه، ولبس لباساً طويلاً لا علاقة له بالشورت لأنه أطول، ولا بالبنطلون لأنه أقصر".

لم يطل تعجب "فودة" كثيرًا، يكمل: "أدركت من مظهره وتعليقات المذيع أن الإسلام مقحم في الموضوع بلا مقتضى، وأن هناك من أَوْهَمَ مدحت بأن فخذه عورة، وأن واجبه أن يحمي الجمهور من (الفتنة)".

انتصر الاتحاد بعد مباراة ماراثونية شهدت شوطين إضافيين، وفرح فرج فودة بالبطولة التي ذهبت لناد مصري، ولكن: "لم تدم سعادتي أكثر من لحظات قصار أفسدها مدحت بعد ذلك حين تقدم لاستلام الكأس، فرفض رفعه إلى أعلى، ورفع المصحف بديلاً عنه، بينما المذيع يصرخ : لا إله إلا الله، الله أكبر".

يرى "فودة" أنه بتصرف اللاعب "تحولت ساحة الرياضة إلى ساحة تعصب مقيت"، مضيفًا: "وانتظرتُ في صحف الأيام التالية أن أجد لَوْماً أو اعتراضاً، فإذا بها جميعاً تتجاهل أو تؤيد".

مع افتراضه حسن النوايا، فإن الكاتب الراحل شدد على أن تصرف مدحت وردة "يحمل خلطاً غير مقصود، ويوحي بمعنى غير صحيح، مضمونه أن انتصار الاتحاد الإسكندري، انتصار للإسلام".

ويفسر "فودة" كلامه قائلا إنه لو سلمنا بالمعنى الذي أراد "وردة" إيصاله "لوجب علينا أن نسلم في المقابل بأن هزيمة الاتحاد الإسكندري هزيمة للإسلام"، قبل أن يستدرك: "بل علينا أن نطرح تساؤلاً آخر... ماذا لو فاز الأنجوليون، ورفع رئيس فريقهم الكتاب المقدس بدلاً من الكأس؟".

اللغط هو العامل المشترك في قصة الأب والابن، لكن الفارق هو موضوع اللغط، شكلاً وموضوعاً، فبينما ظهر "مدحت" في صورة المتدين الذي يطلق لحيته ويخفي "عورته" ويرفع المصحف بدلاً من الكأس، كان "عمرو" يواجه اتهامات ما وُصف بـ"الفضيحة الأخلاقية".

اللافت أيضا، ضمن لعبة المقارنة بين واقعة "المصحف والتدين" وواقعة "الشات الجنسي والانفلات"، أن الأب خرج سليماً من الأزمة، بينما دفع فرج فودة ثمن كتابته المنادية بعدم إقحام الدين في أي شيء بلا وجه حق، فيما بدا صعبًا أن تبلع الجماهير للابن التصرفات التي ألصقت به سمعة وتهمة، ربما من الصعب أن يمحوها من الأذهان، بخلاف مسيرته الكروية التي ربما تتوقف، أو على أقل تقدير، ستتأثر كثيرًا.