الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 الموافق 03 رجب 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

هل يمكن أن يكون نظام الدفاع الجوي الروسي إس-500 "رادعا عسكريا أم دعاية إعلامية؟

الرئيس نيوز

منذ إعلان روسيا عن نظام الدفاع الجوي إس-500 «بروميثيوس»، انقسمت التقديرات حول قيمته الحقيقية. فبينما تصفه موسكو بأنه تطور نوعي في منظومات الدفاع الجوي، يرى منتقدوه أنه امتداد لسياسة الردع الإعلامي. ويعكس اختيار اسم مستوحى من الأساطير الإغريقية رغبة واضحة في ترسيخ صورة ذهنية قوية للنظام، إلا أن التقييم الموضوعي يقتضي النظر إلى ما وراء الخطاب، وموازنة الوعود التقنية مع الواقع العملي.
 

الرواية الروسية: قدرات متعددة وردع متقدم
وفقًا للرواية الرسمية الروسية، صُمم إس-500 ليكون نظامًا دفاعيًا متعدد الطبقات، قادرًا على التعامل مع طيف واسع من التهديدات، بدءًا من الطائرات الشبحية، مرورًا بالصواريخ الباليستية، وصولًا إلى أهداف في الفضاء القريب. وتؤكد موسكو أن النظام يتمتع بمديات كشف واعتراض غير مسبوقة، ما يجعله، نظريًا، قادرًا على تقليص فجوة التفوق الجوي التي تمتعت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها لعقود. ومن هذا المنظور، يُقدَّم إس-500 كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز الردع ومنع الخصوم من الاعتماد على التفوق الجوي كأداة ضغط.
 

الرؤية الغربية: أسئلة حول الاختبار والانتشار
في المقابل، يتعامل محللون غربيون بحذر مع هذه الادعاءات. فهم يشيرون إلى أن القدرات المعلنة لم تُختبر علنًا في بيئة قتال واقعية، كما أن المعلومات المتاحة حول الإنتاج الكمي وانتشار البطاريات ما تزال محدودة. ويستحضر هؤلاء تجارب سابقة، مثل سو-57 وتي-14 أرماتا، حيث تأخر الانتقال من النماذج المتقدمة إلى الاستخدام الواسع. ومن هذا المنطلق، يرى المشككون أن إس-500 يمثل تحديًا تقنيًا محتملًا، لكنه لم يصل بعد إلى مستوى التأثير العملي الواسع.
 

بين النظرية والتطبيق
 

يجمع الطرفان، رغم اختلاف التقييم، على أن إس-500 يعكس تطورًا في التفكير الدفاعي الروسي، خصوصًا في مجال مواجهة الصواريخ والطائرات المتقدمة. غير أن الخلاف يتمحور حول مدى جاهزيته العملياتية. فأنصار النظام يرون أن مجرد وجوده يفرض حسابات جديدة على الخصوم، حتى قبل اختباره ميدانيًا. بينما يرى منتقدوه أن الردع الحقيقي لا يتحقق إلا بالانتشار الواسع، والتكامل مع شبكات استشعار واتصال مثبتة الكفاءة.

ووفقا للمجلة الأمريكية، يمكن القول إن إس-500 بروميثيوس يقف حاليًا في منطقة وسطى بين الطموح والإنجاز. فمن جهة، يمثل مشروعًا تقنيًا متقدمًا يعكس سعي روسيا لتحديث منظوماتها الدفاعية وتعزيز قدرتها على الردع. ومن جهة أخرى، ما تزال فعاليته العملية رهنًا بالاختبار الميداني والإنتاج الكافي. وبين هاتين الرؤيتين، يبقى الحكم النهائي مؤجلًا إلى أن يخرج النظام من إطار التقديرات النظرية إلى واقع الاستخدام العملي.