السبت 20 ديسمبر 2025 الموافق 29 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أخبار

بعد سحب الجنسية عن البلوجر علي حسن.. أستاذ قانون دولي: جريمة قد تصل عقوبتها للإعدام

الرئيس نيوز

وصف الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام بجامعة الإسكندرية وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، قرار سحب الجنسية المصرية عن البلوجر علي حسن بأنه تطبيق صارم وضروري للقانون، محذرًا المواطنين المصريين من خطورة الالتحاق بالقوات المسلحة لدول أجنبية دون ترخيص رسمي.

وأكد الدكتور مهران في تصريحات صحفية أن ما قامت به السلطات المصرية بإصدار قرارات بإسقاط الجنسية عن بعض المواطنين بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 77 لسنة 2025 بإسقاط الجنسية عن المواطن علي حسن عبد العزيز وآخرين لالتحاقهم بالجيش الأمريكي دون ترخيص، هو تطبيق دقيق لأحكام المادة 16 من قانون الجنسية المصرية رقم 26 لسنة 1975، التي تنص صراحة على إسقاط الجنسية عمن يقبل دخول الخدمة العسكرية لدولة أجنبية دون ترخيص سابق من وزير الدفاع، مشيرًا إلي أنه قام بتحذير البلوجر علي حسن مسبقًا عندما كان يدعو الشباب من خلاص منصات السوشيال ميديا وينقل إليهم معلومات مغلوطة عن عدم وجود اي إشكالية في الانضمام للقوات الأمريكية.

العقوبة قد تصل إلى الإعدام

وحذر أستاذ القانون الدولي من الاستهانة بهذه الأفعال، موضحًا: "المشرع المصري لم يكتف بسحب الجنسية، بل جرّم هذا الفعل في قانون العقوبات بعقوبات قد تصل إلى الإعدام في حالات محددة، مشيرًا إلي أن المادة 77 (أ) من قانون العقوبات المصري تنص بوضوح: يعاقب بالإعدام كل مصري التحق بأي وجه بالقوات المسلحة لدولة في حالة حرب مع مصر.

وأضاف: حتى في حالة عدم وجود حرب، فإن المادة 77 (د) تعاقب بالسجن إذا ارتكبت الجريمة في زمن السلم، وبالسجن المشدد إذا ارتكبت في زمن الحرب، كل من سعى لدى دولة أجنبية أو تخابر معها وكان من شأن ذلك الإضرار بمركز مصر الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي.

وشرح الدكتور مهران الأركان القانونية لهذه الجريمة قائلًا: جريمة الالتحاق بقوات أجنبية لها ثلاثة أركان: الركن المفترض ويتمثل في أن يكون الجاني مصريًا، والركن المادي وهو فعل الالتحاق بالقوات المسلحة لدولة أجنبية، والركن المعنوي وهو القصد الجنائي المتمثل في علم الشخص بأنه مصري وأنه يلتحق بإرادته الحرة بقوات دولة أجنبية.

الحصول على ترخيص مسبق من وزير الدفاع

وتابع: القانون المصري يسمح بالالتحاق بالخدمة العسكرية لدولة أجنبية بشرط وحيد: الحصول على ترخيص مسبق من وزير الدفاع، موضحًا أن غياب هذا الترخيص يجعل الفعل جريمة كاملة الأركان، سواء في قانون الجنسية أو قانون العقوبات.

ونبه الدكتور مهران إلى مغالطة قانونية خطيرة يقع فيها البعض، قائلًا: يعتقد كثيرون خطأً أن سحب الجنسية المصرية أو التنازل عنها ينهي الموضوع ويعفيهم من المساءلة الجنائية، وهذا اعتقاد خاطئ تمامًا، مشيرا إلي أن سحب الجنسية إجراء إداري تتخذه السلطة التنفيذية، أما العقوبة الجنائية فهي إجراء قضائي منفصل تمامًا.

كما أوضح أن المادة 3 من قانون العقوبات المصري واضحة وصريحة: كل مصري ارتكب وهو في خارج القطر فعلًا يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى القطر. مضيفا أن هذا يعني أن من يلتحق بجيش أجنبي دون ترخيص، حتى لو سُحبت منه الجنسية المصرية لاحقًا، يظل خاضعًا للمحاكمة الجنائية بموجب المواد 77 وما بعدها من قانون العقوبات إذا عاد إلى مصر.

وشدد قائلًا: الجريمة وقعت والشخص كان مصريًا وقت ارتكابها، وبالتالي فإن القانون المصري يظل واجب التطبيق، حتي لو تجنس باي جنسية اخرى، ومؤكدا أن سحب الجنسية لا يمحو الجريمة ولا يسقط العقوبة، بل على العكس، فإن سحب الجنسية هو عقوبة إدارية أولى، تتبعها - في حالة العودة إلى مصر - المحاكمة الجنائية وما قد يترتب عليها من عقوبات تصل إلى السجن المشدد أو الإعدام حسب ظروف كل حالة.

انتهاكًا صارخًا للأخلاق والدين

وفي سياق متصل، شدد الدكتور مهران على أن الأمر لا يتوقف عند الجانب القانوني فقط، موضحًا أن هذه الأفعال لا تتعارض مع القانون فحسب، بل تمثل انتهاكًا صارخًا للأخلاق والدين، مضيفا أن الولاء للوطن قيمة دينية وأخلاقية عليا، لافتا إلي أن القرآن الكريم والسنة النبوية حثا على حب الوطن والدفاع عنه، متسائلا: كيف يستقيم أن يحمل مواطن مصري السلاح في صفوف جيش دولة أجنبية قد تكون مصالحها متعارضة مع مصالح وطنه؟.

وأضاف: علينا أن ننظر إلى الصورة الأوسع حيث أن العالم اليوم يشهد صراعات مريرة، وفي قلبها القضية الفلسطينية مثلا التي تتعرض فيها غزة والضفة الغربية لجرائم حرب وإبادة جماعية، مشيرا إلي أن بعض القوات التي يلتحق بها مواطنون من دول عربية تقدم دعمًا عسكريًا ولوجستيًا للكيان الإسرائيلي المحتل، لافتا إلي أن هذا الأمر يضع المنضمين لهذه القوات في موقف أخلاقي ومعنوي لا يُحسد عليه، بل قد يجعلهم شركاء - ولو بشكل غير مباشر - في الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني.

ودعا أستاذ القانون الدولي إلى حملة توعية وطنية شاملة قائلا: يجب على مؤسسات الدولة والإعلام والمجتمع المدني تكثيف جهود التوعية بخطورة هذه الأفعال، مشيرا إلي أن كثير من الشباب المصري في الخارج قد لا يدركون العواقب القانونية الجسيمة لالتحاقهم بالجيوش الأجنبية، وان هناك يظنون أنهم في امان لان الدولة المصرية لا تعلم أنهم قاموا بالانضمام لقوات دولة اجنبية، ومضيفا أيضا ان بعضهم يظن أن الأمر مجرد فرصة عمل أو طريق للحصول على إقامة أو جنسية أجنبية، دون أن يعلموا أنهم بذلك يعرضون أنفسهم لسحب الجنسية المصرية، والمحاكمة الجنائية عند عودتهم، وعقوبات قد تصل للإعدام في حالات معينة.

وختم الدكتور مهران تصريحاته بتوجيه رسالة للمصريين في الخارج: أدعو كل مواطن مصري وقع في هذا الخطأ أن يراجع موقفه فورًا، قائلا: الوطن يبقى الوطن مهما طالت الغربة، كما أدعو السلطات المصرية إلى فتح باب العودة أمام من يرغب في تصحيح أوضاعه، مطالبا وزارة الخارجية ممثلة في القنصليات والسفارات المصرية في الخارج إلى تفعيل دورها التوعوي والإرشادي لحماية أبنائنا من الوقوع في هذه المخالفات الجسيمة، مؤكدا أن الدفاع عن الوطن شرف، والخدمة في جيشه الوطني واجب مقدس، أما الالتحاق بجيوش أجنبية دون إذن فهو خيانة للوطن، وجريمة بموجب القانون، وانتهاك للأخلاق والدين.