صراع الظل يطرق أمريكا.. إسرائيل تحقق في احتمال تورط إيران في مقتل عالم نووي بواشنطن
في تطور أمني لافت يحمل أبعادًا سياسية واستخباراتية معقّدة، تدرس مؤسسات أمنية إسرائيلية احتمال وجود صلة إيرانية بمقتل عالم نووي أمريكي داخل الأراضي الأمريكية، في قضية لم تُحسم بعد رسميًا، لكنها تثير قلقًا متزايدًا في ظل تصاعد المواجهة غير المباشرة بين إسرائيل وإيران على خلفية البرنامج النووي والصراع الإقليمي الأوسع.
وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست أن تقييمات أولية داخل الدوائر الاستخباراتية الإسرائيلية تتناول معلومات حديثة تشير إلى احتمال تورط إيران في مقتل البروفيسور نونو لوريرو، الباحث المتخصص في فيزياء الطاقة والاندماج النووي بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT).
وأوضحت الصحيفة أن هذه التقديرات لا ترقى بعد إلى مستوى الاستنتاج المؤكد، ولا تستند إلى أدلة قاطعة أو نتائج رسمية صادرة عن الجهات الأمريكية المختصة.
وكان لوريرو، البالغ من العمر 47 عامًا، قد عثر عليه مصابًا بجروح قاتلة بسلاح ناري عند مدخل منزله في مدينة بروكلاين بولاية ماساتشوستس، في حادثة وقعت خلال الأسبوع الجاري، دون ظهور مؤشرات واضحة على اقتحام أو سرقة. وتم نقله إلى مستشفى قريب حيث أُعلن عن وفاته بعد ساعات، ما فتح الباب أمام تحقيق جنائي واسع النطاق من قبل شرطة بروكلاين ومكتب المدعي العام في ماساتشوستس.
وحتى الآن، أكدت السلطات الأمريكية أن التحقيق ما زال في مراحله الأولية، وأنه يشمل جميع الفرضيات المحتملة، بما في ذلك الدوافع الجنائية والشخصية، إضافة إلى الاحتمالات السياسية أو الأمنية، دون توجيه اتهام لأي جهة داخلية أو خارجية. كما لم يتم الإعلان عن مشتبه بهم، ولم تصدر أي نتائج رسمية تربط الجريمة بدولة أجنبية أو جهاز استخباراتي.
ووفقا لصحيفتي تورونتو ستار وسان ماتيو ديلي جورنال في تقارير متزامنة بتاريخ 17 ديسمبر 2025، فإن مقتل لوريرو أحدث صدمة واسعة في الأوساط الأكاديمية والعلمية، حيث وُصف بأنه باحث بارز ومعلم مخلص، يتمتع بسمعة علمية رفيعة على المستوى الدولي. وأشارت التقارير إلى أن زملاءه عبّروا عن دهشتهم من طبيعة الحادثة، مؤكدين عدم علمهم بوجود تهديدات سابقة ضده.
ولا ينفصل الاهتمام الإسرائيلي بالقضية عن السياق الأوسع للتوتر المتصاعد مع إيران، خاصة في ظل تاريخ طويل من الاغتيالات التي استهدفت علماء نوويين خلال السنوات الماضية. وتلفت جيروزاليم بوست إلى أن مجال عمل لوريرو يُعد من المجالات الحساسة ذات الاستخدامات المزدوجة، المدنية والعسكرية، وهو ما يجعله، من منظور أمني، شخصية ذات أهمية خاصة، حتى وإن لم تتوفر أدلة مباشرة تربط مقتله بنشاط استخباراتي منظم.
وفي المقابل، نفت جهات إيرانية، عبر تصريحات غير مباشرة نقلتها وسائل إعلام إقليمية، أي علاقة لطهران بالحادث، واعتبرت أن إثارة مثل هذه الفرضيات تأتي في إطار توظيف سياسي لحادث جنائي لم تتضح ملابساته بعد. كما شددت مصادر مطلعة على أن الجانب الإسرائيلي نفسه يتعامل مع القضية بوصفها تقييمًا استخباراتيًا أوليًا، وليس اتهامًا رسميًا.
وتأتي هذه التطورات في وقت حساس، بعد أشهر من المواجهة العسكرية المحدودة التي اندلعت بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025، والتي شهدت عمليات اغتيال وضربات استهدفت منشآت نووية وصاروخية. ووفق تقارير مشتركة نشرتها واشنطن بوست وموقع PBS Frontline الإخباري، فإن تلك المواجهة عززت المخاوف من توسع ساحة الصراع لتشمل أهدافًا خارج الشرق الأوسط.
ويرى مراقبون أن مجرد تداول احتمال تورط أجنبي في حادثة قتل داخل الولايات المتحدة يعكس مستوى غير مسبوق من التوتر، ويثير تساؤلات حول ما إذا كان الصراع الخفي بين إسرائيل وإيران قد بدأ يتجاوز حدوده الجغرافية التقليدية. غير أن غياب الأدلة الرسمية حتى الآن يجعل من السابق لأوانه الجزم بطبيعة الجريمة أو خلفياتها الحقيقية.