أصابع الاتهام تتجه لـ داعش.. ترامب يحذر من رد أمريكي بعد مقتل 3 أمريكيين في سوريا
حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من رد أمريكي "قوي للغاية" بعد مقتل ثلاثة أمريكيين في هجوم بسوريا، فيما توجهت أصابع الاتهام إلى تنظيم داعش باعتباره المسؤول عن العملية التي وقعت قرب مدينة تدمر، وفي أعقاب الهجوم الذي أودى بحياة ثلاثة أمريكيين بينهم جنديان ومدني يعمل مترجمًا، ارتفعت حدة الخطاب السياسي في واشنطن.
وخرج الرئيس دونالد ترامب بتصريحات حادة، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لن تترك ما حدث يمر دون عقاب، وأن الرد سيكون "جديًا للغاية" على حد وصفه.
هذه التصريحات جاءت بعد أن أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن الهجوم نفذه مسلح تابع لتنظيم داعش في منطقة مضطربة قرب مدينة تدمر، حيث أصيب أيضًا ثلاثة جنود أمريكيين آخرين بجروح وفقًا لصحيفة ميامي هيرالد.
وذكر موقع "نيوز – 18" الإخباري أن الهجوم الذي وقع أمس السبت، اعتُبر من أخطر العمليات التي استهدفت القوات الأمريكية في سوريا منذ سنوات؛ موضحًا أن المهاجم كان مسلحًا واحدًا فتح النار على دورية أمريكية، قبل أن يلقى مصرعه لاحقًا على يد القوات المتواجدة.
أما شبكة سكاي نيوز فقد نقلت أن ترامب شدد على أن بلاده "سترد" على هذه الجريمة، معتبرًا أن دماء الأمريكيين لن تضيع هدرًا.
ويرى المراقبون في واشنطن أن تصريحات ترامب تحمل أكثر من رسالة. فهي أولًا موجهة إلى الداخل الأمريكي، حيث يسعى الرئيس إلى إظهار الحزم في مواجهة الإرهاب، خصوصًا بعد أن أثارت العملية جدلًا واسعًا حول استمرار وجود القوات الأمريكية في سوريا.
وهي ثانيًا رسالة إلى خصوم الولايات المتحدة في المنطقة، بأن واشنطن لن تتراجع عن مواجهة داعش رغم الضغوط السياسية والانتقادات الدولية.
وأشارت مجلة نيوزويك إلى أن هذا الهجوم يمثل "أكبر خسارة أمريكية في سوريا منذ سقوط نظام الأسد"، وهو ما يضع الإدارة الأمريكية أمام اختبار صعب. فبينما يطالب بعض أعضاء الكونجرس بتقليص الوجود العسكري في سوريا، يرى آخرون أن الانسحاب سيمنح داعش فرصة لإعادة تنظيم صفوفه.
ومن هنا فإن رد ترامب القوي قد يكون محاولة لإعادة تأكيد التزام واشنطن بمحاربة الإرهاب، حتى وإن كان الثمن استمرار التواجد العسكري في مناطق خطرة.
واختلفت التحليلات الغربية حول طبيعة الرد الأمريكي المتوقع. ورجح بعض الخبراء أن يكون الرد عبر ضربات جوية مركزة ضد مواقع يشتبه بأنها تابعة لتنظيم داعش الإرهابي في البادية السورية، وذلك لتجنب الانزلاق إلى مواجهة برية واسعة.
بينما رأى آخرون أن ترامب قد يستخدم الحادث لتبرير تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، خصوصًا إذا أراد إرسال رسالة ردع قوية إلى التنظيمات المسلحة.
وتناولت صحيفة واشنطن بوست الموضوع من زاوية سياسية داخلية، معتبرة أن ترامب يسعى إلى استثمار الحادث لإظهار نفسه كقائد قوي قادر على حماية الجنود الأمريكيين، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات لسياساته الخارجية.
أما نيويورك تايمز فقد ركزت على البعد الإقليمي، مشيرة إلى أن الهجوم يعكس هشاشة الوضع الأمني في سوريا، وأن داعش ما زال قادرًا على تنفيذ عمليات نوعية رغم الضربات التي تلقاها خلال السنوات الماضية.
من جانبها، نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن التحقيقات الأولية تؤكد تورط داعش، وأن المهاجم كان جزءًا من خلية صغيرة تنشط في محيط تدمر.
وأوضحت الوكالة أن واشنطن تدرس خيارات متعددة للرد، بينها تكثيف التعاون مع القوات الكردية في شمال شرق سوريا، وزيادة الضغط على النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين لمنع تمدد التنظيم الإرهابي في المناطق الصحراوية.
وفي السياق ذاته، يرى محللون أن الهجوم قد يعيد خلط الأوراق في الملف السوري. فبينما كانت واشنطن تركز مؤخرًا على ملفات أخرى مثل غزة وإيران، جاء هذا الحادث ليعيد تنظيم داعش إلى واجهة المشهد، إذ أن الهجوم يثبت أن داعش لم يُهزم بعد، وأن أي تراخٍ في مواجهته سيؤدي إلى عودة التنظيم بقوة.
وتعد الرسائل التي أراد ترامب إيصالها من خلال تحذيره واضحة ومؤداها أن الولايات المتحدة لن تسمح بقتل جنودها دون رد، وستواصل حربها ضد الإرهاب في سوريا مهما كانت التحديات.
لكن يبقى السؤال الأهم هو طبيعة هذا الرد، وهل سيكون محدودًا لردع تنظيم داعش الإرهابي فحسب، أم أنه سيتطور إلى سياسة أوسع لإعادة تثبيت الوجود الأمريكي في المنطقة.
كما أعاد مقتل ثلاثة أمريكيين في سوريا إلى الأذهان هشاشة الوضع الأمني هناك، وأكد أن الحرب ضد داعش لم تنته بعد.
تصريحات ترامب القوية قد تكون بداية لمرحلة جديدة من التصعيد، لكن المؤكد أن واشنطن تجد نفسها اليوم أمام معادلة صعبة: كيف ترد بقوة على داعش دون أن تنجر إلى حرب مفتوحة في سوريا.