الأربعاء 10 ديسمبر 2025 الموافق 19 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

جدل "الرقابة المالية": هل يُهدد قرار الاستثمار الإجباري في البورصة أموال صناديق التأمين الحكومية؟

الرئيس نيوز

أصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية، برئاسة الدكتور محمد فريد، قرارًا تنظيميًا يُعد الأول من نوعه، يلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار بنسبة تتراوح بين 5% و20% من جملة أموال كل صندوق في الأسهم المقيدة بالبورصات المصرية، عبر صناديق الاستثمار المفتوحة، إذا تجاوزت استثماراتها 100 مليون جنيه. وعلى الرغم من تبرير الهيئة للقرار بضرورة تعظيم العوائد وحماية أموال المواطنين من التآكل، أثار القرار موجة من الجدل والتحذيرات بين الخبراء الاقتصاديين حول مدى ملاءمة هذا الإلزام لطبيعة أموال التأمينات.

إيجابيات القرار من وجهة نظر الرقابة المالية

شدد الدكتور محمد فريد على أن هذا التنظيم يهدف لتعظيم العوائد ورفع كفاءة إدارة الأموال، مؤكدًا أن "كل جنيه في صناديق التأمين الحكومية هو أمانة تخص المواطنين، وواجبنا نحافظ عليه ونعظّم عائده"، وأن القرارات تحمي حقوق المستفيدين وتضمن قدرة الصندوق على الوفاء بالتزاماته في ظل التضخم وتذبذب سعر الصرف.

وأوضح مصدر مسؤول أن الهدف هو مساواة هذه الصناديق (مثل أرباب العهد والتأمين على طلاب المدارس وصندوق مخاطر الخدمات البريدية، والتي تبلغ محفظتها الإجمالية 2.1 مليار جنيه وتضم 29 مليون مؤمن عليه) بصناديق التأمين الخاصة لتعظيم عوائدها.

و أكد المصدر المسؤول لـ "الرئيس نيوز" أن القرار لا يخاطب صندوقي التأمينات والمعاشات بشكل مباشر، بل الصناديق الحكومية الأصغر ذات الطبيعة الخاصة. ومع ذلك، هناك مباحثات دائرة لزيادة رأس المال المستثمر في سوق الأوراق المالية لصناديق التأمينات الكبرى للاستفادة من تراجع العائد على أدوات الدين.

 تحذيرات الخبراء: إجبار ومخاطرة بأموال المودعين

رغم التبريرات الرسمية، رأى عدد من الخبراء الاقتصاديين أن هذا القرار يحمل مخاطر جسيمة ويخالف الأعراف الاستثمارية لصناديق التأمين ذات الطبيعة الخاصة:

د.هاني توفيق: الإلزام يخالف طبيعة الاستثمار 

انتقد الخبير الاقتصادي هاني توفيق القرار بشدة، واصفًا إياه بأنه "غير مسبوق" في إجبار صناديق التأمين الحكومي بالاستثمار في الأسهم. وقال في منشور على صفحته الرسمية:

"القرار لم أر مثيل له وقرار كل من حامل الوثيقة ومدير الاستثمار اختيار وليس إجبار".

يُشير هذا النقد إلى أن القرارات الاستثمارية في الأسهم يجب أن تخضع لدراسة وتقييم للمخاطر وفقًا لتقدير مدير الاستثمار وليس بقرار تنظيمي إلزامي.

إيهاب سمرة: تجنب المخاطرة بأموال الصناديق 

دعا الخبير الاقتصادي إيهاب سمرة إلى ضرورة دراسة القرار جيدًا، محذرًا من المخاطرة بأموال صناديق التأمين الحكومية ذات الطبيعة الخاصة. حيث أن أموال التأمينات والمعاشات تتطلب أعلى درجات الأمان والتحفظ، وأي تعرض لخسائر كبيرة في سوق الأسهم قد يُعرض حقوق المستفيدين للخطر.

 اقتراح تحمل الدولة للمخاطرة

اقترح البعض في الأوساط الاقتصادية أن يتم تطبيق القرار بشرط أن تتحمل الدولة المخاطرة عن تلك الصناديق في حالة تكبد استثماراتها في الأسهم لخسائر، وذلك لتجنب "ضياع أموال تلك الصناديق" التي تُعدّ أمانة ومصدر دخل أساسي للمؤمن عليهم.

الوجه الآخر..محمد فاروق: ضخ سيولة وتحوط من التضخم

في المقابل، يرى خبراء أسواق المال أن القرار سيعود بالنفع على السوق والاقتصاد،وضخ سيولة ضخمة، و أكد خبير أسواق المال محمد فاروق أن تطبيق القرار سيدفع بضخ سيولة جديدة تُقدر بحوالي 8 مليارات جنيه في سوق المال المصرية.

و أشار فاروق إلى أن هذه السيولة ستستهدف أسهم مؤشر "إيجي إكس 30"، وأن الاستثمار في سوق المال يُعد أحد أساليب التحوط من التضخم أفضل من وضع الأموال كودائع ذات عائد منخفض في البنوك.

وتنتظر الصناديق الحكومية مهلة 6 أشهر لتوفيق أوضاعها وفقًا لقرار الرقابة المالية، بينما تستمر المباحثات حول تطبيق زيادة الاستثمار في البورصة على الصناديق الكبرى، مما يبقي هذا القرار في صدارة الجدل الاقتصادي حول الموازنة بين تعظيم العائد وحماية رؤوس أموال التأمينات.