السبت 06 ديسمبر 2025 الموافق 15 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

أزمة سد النهضة.. مفاوضات متعثرة وخطوط حمراء لا تتراجع عنها القاهرة

سد النهضة الإثيوبي
سد النهضة الإثيوبي

تعود أزمة مياه النيل لتتصدر المشهد الإقليمي من جديد، وسط تصاعد التصريحات الإثيوبية بشأن مستقبل إدارة الموارد المائية ومصير مفاوضات سد النهضة المتعثرة. 

وفي الوقت الذي تؤكد فيه إثيوبيا حقها في التنمية ومواصلة بناء مشاريعها المائية على النهر، يشدد خبراء مصريون على أن حقوق مصر التاريخية ليست محلًا للمساومة، وأن المساس بحصتها يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي والغذائي والسكاني.  

قال الدكتور علاء عبد الله الصادق، أستاذ تخطيط وإدارة الموارد المائية، إن الحضارة المصرية نشأت على ضفاف النيل واعتمدت بشكل شبه كامل على مياهه، حيث تمثل حصته نحو 96% من موارد مصر المائية المتجددة، في ظل غياب الأمطار مقارنة بدول المنبع، وهو ما يجعل أي تقليص في الحصة تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي والمائي والسكان.

الصادق: مصر دولة مصب وحقوقها ثابتة

وأوضح الصادق لـ"الرئيس نيوز"، أن مصر لم تكن دولة منبع يومًا وتعتمد كليًا على تدفقات المياه القادمة عبر النهر، ورغم ذلك، حافظت الحكومات المصرية على استدامة تدفقاته واستثمرت في مشروعات ري كبرى أسهمت في استقرار المنطقة.

وأكد أن حق مصر التاريخي في مياه النيل غير قابل للنقاش، وهو حق تحميه الجغرافيا والتاريخ والقانون الدولي، مشيرًا إلى أن القاهرة تعاملت مع أزمة سد النهضة عبر الحوار والدبلوماسية، سعيًا لاتفاق عادل يحقق التنمية لإثيوبيا دون الإضرار بحياة الملايين في مصر.

وأضاف أن قواعد القانون الدولي للمجاري المائية تقوم على مبدأين رئيسيين: الحقوق التاريخية المكتسبة لدول المصب، وعدم إحداث ضرر جسيم للدول المتشاطئة، وكلاهما ينطبق بالكامل على الحالة المصرية، وفق وصفه.

اتفاقيات ملزمة ومسار تفاوضي ممتد

وأشار الصادق إلى أن مصر لا تستند لاتفاق واحد، بل إلى منظومة اتفاقيات تمتد منذ القرن التاسع عشر بمشاركة دول المنبع نفسها، وتتضمن نصوصًا واضحة بشأن الإخطار المسبق قبل تنفيذ أي مشروعات مؤثرة على تدفق المياه.

وأوضح أن طبيعة مصر الهيدرولوجية تجعلها أكثر هشاشة مقارنة بدول المنبع التي تمتلك مصادر متعددة، فيما تعتمد مصر على مصدر وحيد، لذلك، فإن المساس بحصتها هو «مساس بحق الحياة».

كما لفت إلى أن مصر طورت عبر عقود بنية مائية متقدمة شملت إدارات ري ومراكز بحوث ومشروعات قومية مثل السد العالي، إضافة إلى التوسع في التحلية وإعادة الاستخدام وتقنيات الري الحديث.

موقف مصري يؤكد التعاون ويحذر من الإضرار بالمصالح التاريخية

من جهته، أكد الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والري الأسبق، أن مصر أوضحت مرارًا أنها لا تعارض التنمية في أفريقيا، بشرط ألا تأتي على حساب حقوقها المشروعة في مياه النيل.

وأشار علام إلى أن إثيوبيا سبق أن شيدت سد "تكيزي" على نهر عطبرة دون إخطار مسبق، ورغم ذلك بقيت مصر ملتزمة بمبدأ التعاون، لكنها ما تزال تنتظر اتفاقًا قانونيًا ملزمًا بشأن ملء وتشغيل سد النهضة وفق إعلان المبادئ.

وأضاف أن بعض الأطراف تسعى لفرض ما تسميه "السيادة على النيل"، في تجاوز للجغرافيا التاريخية ومبادئ العدالة والتشارك، مؤكدًا أن تلك الطروحات لا تستقيم مع قواعد القانون الدولي.

رد إثيوبي وتصعيد سياسي

وكانت الخارجية الإثيوبية قد أصدرت بيانًا اتهمت فيه القاهرة برفض الحوار و"الاستناد لمعاهدات استعمارية"، قائلة إن بعض المسؤولين المصريين ما زالوا يتعاملون بـ"ذهنية احتكار المياه".