الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

هل الفلسطينيون مستعدون للتخلص من حركة حماس؟

الرئيس نيوز

منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، تغيّر المزاج الشعبي الفلسطيني بصورة دراماتيكية. فبينما حظيت حماس في البداية بموجة دعم واسعة باعتبارها "المقاومة" في مواجهة الاحتلال، سرعان ما تراجعت هذه الشعبية مع تصاعد الخسائر الإنسانية وتدمير البنية التحتية في القطاع. 

تشير استطلاعات الرأي التي أجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية إلى أن نسبة التأييد لحماس انخفضت من أكثر من نصف الفلسطينيين في نهاية 2023 إلى نحو 41% في خريف 2025، وهو تحول يعكس حالة الإنهاك الشعبي ورغبة متزايدة في بدائل سياسية أكثر قدرة على إدارة الحياة اليومية وإعادة الإعمار، وفقًا لمجلة فورين آفيرز.  

بدائل مطروحة أمام الفلسطينيين

وأوضحت المجلة أن الفلسطينيين باتوا أكثر انفتاحًا على خيارات جديدة، مثل لجنة خبراء فلسطينية مستقلة أو سلطة فلسطينية مُعاد تشكيلها. كما برز اسم مروان البرغوثي، القيادي الفتحاوي المعتقل، كخيار يحظى بتأييد واسع في بعض السيناريوهات الانتخابية، متفوقًا على مرشحي حماس. هذا الميل يعكس بحثًا عن قيادة ذات شرعية وطنية، قادرة على الجمع بين المقاومة السياسية وتوفير الخدمات الأساسية، وهو ما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي في دعم بدائل فلسطينية دون فرض وصاية مباشرة.  

المقاومة أم المفاوضات؟

رغم أن خيار المقاومة المسلحة ظل حاضرًا في الوعي الفلسطيني العام، إلا أن نسب التأييد له على الأرض تراجعت من 63% بعد هجوم أكتوبر إلى 40% في أكتوبر 2025. في المقابل، ارتفعت نسبة من يرون أن المفاوضات هي الطريق الأفضل إلى 36%، بينما أبدى آخرون ميلًا إلى المقاومة السلمية. هذا التحول يعكس إدراكًا متزايدًا بأن الاستمرار في المواجهة العسكرية وحدها لا يضمن مستقبلًا أفضل، وأن الحلول السياسية قد تكون أكثر واقعية إذا ترافقت مع ضمانات دولية، خصوصًا في ظل الانقسام الداخلي وتراجع الثقة في قدرة حماس على إدارة مرحلة ما بعد الحرب.  

الفوارق بين غزة والضفة

اللافت أن سكان غزة، الذين عانوا مباشرة من الحرب والدمار، أبدوا استعدادًا أكبر لقبول ترتيبات حكم انتقالية لا تشمل حماس، مقابل تحسين الأوضاع الإنسانية. أما في الضفة الغربية، حيث المواجهات اليومية مع الجيش والمستوطنين مستمرة، فقد ظل الميل إلى دعم حماس أكثر صلابة. هذا التباين يعكس اختلاف التجربة الميدانية بين المنطقتين، ويطرح تحديًا أمام أي مشروع سياسي موحّد، إذ أن إعادة بناء الثقة بين الفلسطينيين أنفسهم تبدو شرطًا أساسيًا قبل أي تسوية مع الخارج.  

دروس على المجتمع الدولي استيعابها

وشددت فورين آفيرز على أن أي انتقال سياسي ناجح يجب أن يكون بقيادة فلسطينية، مع دعم دولي محدود ومؤقت. كما أن إيصال المساعدات بشكل منتظم، وبدء إعادة الإعمار بشفافية، وضبط العنف الاستيطاني في الضفة، هي خطوات أساسية لتعزيز الثقة الشعبية في بدائل سياسية غير حماس. الفشل في تحقيق هذه الشروط قد يعيد الفلسطينيين إلى أحضان الحركة ويقوض فرص التسوية. ومن هنا، فإن المجتمع الدولي أمام لحظة فارقة: إما أن ينجح في تمكين الفلسطينيين من بناء مؤسسات جديدة، أو أن يترك الفراغ السياسي ليملأه مجددًا نفوذ حماس.  

تأسست حماس في أواخر الثمانينيات كامتداد إسلامي لتنظيم الإخوان، وبرزت سريعًا كلاعب رئيسي في الانتفاضة الأولى عام 1987، حيث جمعت بين العمل الاجتماعي والخيري وبين المقاومة المسلحة. ومع مرور العقود، تحولت إلى سلطة فعلية في غزة بعد انتخابات 2006 وسيطرتها العسكرية في 2007، لتصبح رمزًا للانقسام الفلسطيني الداخلي. هذا الإرث التاريخي يفسر صعوبة التخلص من نفوذها، إذ أنها لم تعد مجرد حركة مقاومة، بل شبكة سياسية واجتماعية متجذرة، ما يجعل أي محاولة لإزاحتها مرهونة ببدائل مقنعة وقيادة وطنية جامعة.